هشام برجاق
يعتبر الزواج في حياتنا خطوة جريئة باتجاه تكوين أسرة قادرة على مواجهة عناء المسؤولية تجاه الزوج والأولاد ويعتبر ركيزة أساسية لإنشاء مجتمع متماسك وثوابت متينة.
ويعد سترة النجاة لكل المجتمعات والحضارات لاستمرارية وجودها وتكوينها ولضمان الأخلاقيات .
وديننا الحنيف يحثنا على الزواج وتكوين الأسرة لتجنب الانحلال الخلقي والديني والاجتماعي.
وتعتبر العلاقة بين الذكر والأنثى علاقة فطرية عند كل المجتمعات والحضارات القديمة.
من أيام حوا وادم وقابيل وهابيل فنحن منذ بدء التكوين بحاجة إلى تكوين أسرة لاستمرارية النسل وهذا هو ديننا الحنيف وتعاليمه.
والحقيقة أن العنوسة باتت هم كبير على المجتمعات وأصبحت تنخر بأجساد شبابنا وبناتنا مثل ما ينخر السوس الخشب. وباتت تنذر بعواقب وخيمة وتهدد مجتمعاتنا وأجيالنا القادمة.
تتنامى العنوسة مع التحولات الاقتصادية والانهيارات المتكررة للمال والأعمال والغلاء المستمر وتكاليف الزواج هذه الأيام وعادات مستوردة لمجتمعاتنا من الخارج مع الغلاء الشديد للمهور.
والعنوسة نوعان ممزوجتان بنفس القالب عزوبية الرجال وهي بالطبع بمجتمعاتنا اختيارية والحقيقة باتت إجبارية لتدني مستوى دخل الفرد بظل الغلاء والضرائب وحقيقة بأنها عالمية وليست في بلدنا الحبيب وحسب.
والعنوسة الأخرى تعتبر إجبارية تفرضها العادات والتقاليد الدينية أي أنه يتعذر على الفتاه اختيار الزوج أو الطلب منه التقدم لها وتعتبر هذه العادات لو باتت موجودة بمجتمعنا تعتبر من أكبر الجرائم الأخلاقية.
نصل لدائرة مغلقة لا يوجد بها نقطة خروج سوى إيجاد الحلول المناسبة مثل تسهيل وتخفيض المهور الهستيرية والطلبات التعجيزية التي تصدرها عائلة الفتاه وعائلة الشاب أحيانا والأهل يعتبروا الشركاء الأصليين لوجود مثل هذه المعاناة.
ويجب محاصرة هذه المشكلة التي باتت تقلق الأهل والمجتمع على حد سواء وإيجاد الحلول المناسبة لوقف النزيف الدموي الذي أصاب مجتمعنا وللعلاج من هذا النزيف يجب تكاتف جميع الجهود على كافة الأصعدة.
نذكر منهم وأهمهم خطباء المساجد والوعي الديني ومعرفة القيمة الدينية والاجتماعية لخلق أسرة نموذجية.
قادرة على استمرارية وجودنا واستمرارية تعايشنا.
رجال الدين المسيحي ونصحهم وإرشادهم لترغيب الشباب بمزايا زواجهم المبكر ولا أعني المبكر
أعني السن المناسب للزواج للحد من الضياع سواء المال وسواء العمر.
وتدخل سريع من الجمعيات الخيرية مثل جمعية العفاف لإعطاء الأهل النصح والإرشاد والقيم الدينية للزواج.
وطرح المشكلة على أعلى المستويات وتدخل إعلامي ووزاري عن طريق الراديو والتلفاز ومناقشة المشكلة مع المختصين بقضايا المجتمع والعلاقات الإنسانية وما له من تأثيرات سلبية على الاقتصاد وعلى الأمن الأخلاقي للجيل القادم.
وتشير دراسات لوزارة التنمية بتنامي الأعداد المهولة من العنوسة النسائية تخطين سن الثلاثين. وهي صدمة لكم كما كانت لي فأنا أب لبنتين وأحسب ألف حساب لذاك اليوم العصيب. دعونا نسأل أبائنا وأمهاتنا كيف كان زواجهم بالسابق ورغم ضيق الحال كان للزواج نكهة غير عادية رغم الفقر وبساطة الحال.
ليعملوا الأهل من الآن على تسهيل الزواج وقلة الطلبات التعجيزية .و تأكدوا من الأعداد بنفسكم حتى لا أكون مخطئ لا سمح الله.
تعد المظاهر والمباهاة بثمن الذهب ومبلغ المتأخر وثمن والشقة والأثاث أكبر مصائبنا . عداكم عن السيارة الكشف ونوع الأزهار والفندق وشهر العسل ببلاد آسيوية والفستان المستورد من أحدث الموديلات العالمية والمطرب المستورد والزفة المصرية والسجاد الأحمر والأغنية الخاصة لرقصة (السلو) والكاميرات التلفزيونية الممنتجة وعداكم عن الضباب المصطنع وأخيرا الألعاب النارية المستوردة خصيصا لهذا الزواج التاريخي.
والغريب والعجيب بأن مثل هذا الزواج التاريخي يكون أشبه بزهر اللوز سريعا ما يسقط.
ويأتي هنا دور الأهل بتوعية أبنائها وبناتها من خطورة هذا المرض الخبيث الذي الم بمجتمعاتنا.
وكأن قنبلة نووية أوجدت فجوة قوية بين الأجيال الحالية وتخلي بعض الناس عن حسن الخلق وتعنتهم بطلبات لم تنزل حتى بالكتب السماوية. وتراجع بعض القيم الإنسانية وعدم القدرة على استمرارية تقديس واحترام مفهوم الزواج وما له من قيم دينية واستمرار النسل وخلق بيئة نقية وإنتاج رائع لأطفال الغد.
والخوف الدفين لبعض الصبايا هو تحمل أعباء المسؤولية والعمل المرهق الطويل للمساعدة من أعباء الميزانية. والمصروف المرهق من أقساط مدارس وأعباء منزلية.
والخوف المرتقب من تنامي فكرة الزواج العرفي او زواج المسيار او بصراحة أكثر تنامي ظاهرة الإدمان على المخدرات لا سمح الله أو الإباحية أو الهروب للمواقع الالكترونية.
والأزمات النفسية التي من الممكن أن تحدث بظل الحاجة الملحة للزواج الشرعي.
كنت قد قرأت مقالة مفادها (قانون الزواج العثماني سنة 1922) مفادها ما يلي:
يبدأ مدة الزواج الاختياري من سن 18 إلى 25 إذا امتنع عن الزواج بداعي المرض يكشف عليه طبيا إما يبرأ وإما يجبر على الزواج وإذا امتنع عن الزواج بدون سبب مقنع وبلا عذر شرعي يأخذ منه بالقوة ربع دخله سواء كان ربع ملكه أو ربح تجارته ويوضع في البنك الزراعي ليصرف منه على من يريد الزواج من الفقراء إكراما لهم وكل من لم يتزوج بعد سن 25 لا يقبل بأي وظيفة حكومية.
وغيرها من الأحكام مثل الخدمة العسكرية المخففة للمتزوج وقطع أراضي له من الدولة لمساعدته على سد حاجته واستمرارية الحياة الكريمة له.
نحن طبعا لا نطلب من الدولة مثل كل هذا ولكن دعونا نطلب من الأهل مساعدة بناتهم وأولادهم للحصول على الزواج الشرعي بقلة الطلبات الغير ضرورية والتمسك بجوهر الموضوع وعدم تدخل جميع أفراد العائلة لتقييم العريس وعدم إغلاق الفرصة أمام الفتاة العاملة للاستفادة من دخلها قدر المستطاع.
صدق المثل القائل (يركض يركض والعشاء خبيزه) كان الله في عوننا على هذه الأيام العصيبة لنعمل من ألان على إيجاد الحلول المناسبة لفك الحصار عن بناتنا وأولادنا.