القاهره - مصراليوم
أكد زعيم "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني، التزام تنظيمه المصنّف ضمن لوائح الإرهاب عالمياً، حماية "الجهاديين الأجانب" على الأراضي السورية وتمسّكه بهم، نافياً انتقالهم إلى أفغانستان بعد سيطرة حركة "طالبان" عليها، ومتّهماً في الوقت ذاته وحدات حماية الشعب الكردية بالعمالة لأميركا وروسيا ودمشق والعداء للثورة.وقال إن صور سقوط المدنيين المعلّقين بالطائرات الأميركية ستتكرر مع وحدات حماية الشعب في شمال شرقي سوريا أيضاً مع انسحاب الولايات المتحدة منها.وفي لقاء مطوّل هو الأول من نوعه مع وسيلة إعلامية تركية، رد الجولاني على أسئلة الصحافي جهاد أرباجيك حول التنظيم واستراتيجيته القادمة والمقاتلين الأجانب، ووجود الجيش التركي في إدل و"قسد" و"داعش" وغيرها من المواضيع، نشر في موقع "الاندبندنت تركيا"، أمس الأحد، باللغة التركية.
وحرص الجولاني، في جواب حول "الجهاديين الأجانب" في سوريا، على إرسال رسائل طمأنة الى دولهم بالقول: "جاء إخواننا المهاجرون إلى سوريا لمساعدتنا. نحن ممتنون لجهودهم. بالتأكيد لن نتخلى عنهم. لقد باتوا الآن جزءاً منا. إنهم يختلطون بالناس، هم سعداء بالناس والناس سعداء بهم. هؤلاء الناس لا يشكلون تهديداً لدولهم. وهم خاضعون للسياسة التي قمنا بإنشائها".
وأضاف: "لم تكن سياستنا عدائية تجاه أي دولة. لدينا عداوة مع من اجتاح سوريا وقتل السوريين. وهؤلاء نحاربهم داخل الحدود السورية. أريد أن أكرر، إخواننا المهاجرون هم الآن جزء منا. سنحميهم بحسب (مبادئ) ديننا وثقافتنا"، نافياً في الوقت ذاته انتقال أي من المقاتلين من سوريا إلى أفغانستان.
ووسط التضارب في أرقام المقاتلين الأجانب في سوريا، فإن تقريراً لمجلة "التايمز" البريطانية نشر عام 2016 قدّر نسبتهم بنحو 30% من عدد المقاتلين الإسلاميين المنضوين في صفوف التنظيم، الذي غير اسمه من "جبهة النصرة" مع بداية الحرب السورية إلى "فتح الشام" وحالياً "هيئة تحرير الشام"، مع بقاء الجولاني قائدها الأكثر نفوذاً وشهرة.وتعتبر قضية المقاتلين الأجانب من أكثر الملفات المقلقة لدول الجوار والدول الغربية خاصة، وسط تقارير أممية تحدثت عن انتقال جهاديين من أكثر من 84 دولة حول العالم للقتال في سوريا، فيما لا تزال معظم الدول الغربية ترفض استعادة مواطنيها المعتقلين في سجون "الإدارة الذاتية الكردية"، بعد القضاء على تنظيم "داعش" في سوريا.
واعتبر الجولاني خلال اللقاء الضربات الجوية الروسية من أهم أسباب انحسار مناطق سيطرة "جبهة النصرة" في الجغرافيا السورية، مقللاً في الوقت ذاته من تأثير عامل "التفرقة" بين المجموعات المسلحة في سقوط المناطق، والذي حدده بنسبة "من 5-10%" فقط، مؤكداً في الوقت ذاته تواصل "اتحاد الجماعات الثورية تحت مظلة المجلس العسكري".وانطلق مشروع "المجلس العسكري" باتفاق كل من "الجبهة الوطنية للتحرير" المدعومة تركياً و"هيئة تحرير الشام" على توحيد المجموعات المسلحة في إدلب، والتي يقدّر عددها بـ34 فصيلاً بأسماء مختلفة، وسط فشل كل المحاولات السابقة طوال سنوات الأزمة السورية في تشكيل هيكلية عسكرية موحدة.
ويمكن اعتبار الاشتباكات المتكررة بين الفصائل المختلفة في مناطق سيطرتها، والتي تؤدي غالباً إلى وقوع قتلى وجرحى بين صفوف المتحاربين وتنتهي في معظم الأحيان بالهدنة أو إقصاء أحدها، من أبرز مظاهر هذا الانقسام، الذي برره الجولاني في اللقاء الصحافي بـ"وجود السلاح في يد هذه المجموعات من الطبيعي أن تؤدي إلى اشتباكات. هذا ليس (ظاهرة) فريدة بالنسبة الى حالتنا فقط".واتّهم الجولاني وحدات حماية الشعب (الكردية) بالعمالة، واصفاً إياها بـ"العدو للثورة. لقد قاموا بتفجيرات في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون. نراهم جزءاً من الولايات المتحدة والنظام وروسيا وليس سوريا"، معتبراً أن "مصيرها في شمال شرقي سوريا يعتمد على بقاء الولايات المتحدة هناك. بعد خروج الولايات المتحدة من سوريا، ستخرج وحدات حماية الشعب أيضاً. وستتكرر هنا أيضاً مشاهد سقوط الناس من الطائرات في أفغانستان".
في المقابل، اعتبر الجولاني أن تركيا "نجحت في تحقيق توازن في إدلب"، واصفاً وجود القوات التركية فيها بأنه من أجل "القيام بمهام عسكرية بحتة على خطوط الاشتباك، من دون التدخّل في الحياة المدنية"، مذكراً بأن "هناك علاقة تاريخية وجغرافية بين تركيا وسوريا ونريد دعم مصالح الشعبين".وأعرب عن رفضه تمثيل وفد المعارضة للثورة، قائلاً إن "أولئك الذين يزعمون أنهم يمثلون الثورة السورية لا علاقة لهم بالثورة السورية"، مندداً باستبعاد جبهته عن التمثيل في المجالس والمفاوضات، رغم أنها "هيكل كبير جداً داخل الثورة السورية، وعلينا أعباء كبيرة. ندفع الفاتورة بالدم والشهداء".ورأى الجولاني في المستجدات الأفغانية الأخيرة "درساً يعلّمنا أنه لا فرصة لاستمرار أي احتلال في بلد ما. بغض النظر عن مدة الاحتلال فإنه سيضطر يوماً ما إلى المغادرة، والحكومات العملية ستنهار أمام إرادة الشعوب".
واتهم "داعش" بـ"الإضرار بالإسلام والتسبب باحتقار الغرب له وتغذية الإسلاموفوبيا"، إضافة إلى إلحاقه "أضراراً كبيرة بالثورة السورية أيضاً". وبأنه "أراد زعزعة الاتفاق بين طالبان والولايات المتحدة. لم يحتمل فرحة المسلمين (هناك)".وتحدث الجولاني عن حلمه برؤية "سوريا مستقبلية شبيهة بأفغانستان، حيث يعيش المسلم تحت مظلة الإسلام ويحكم نفسه بنفسه. مثلما انتصرت إرادة الشعب في أفغانستان، ستنتصر إرادة الشعب في سوريا أيضاً".وروى الصحافي التركي أرباجيك الذي أجرى الحوار مع الجولاني في تصريحات الى "النهار العربي" تفاصيل لقائه قائلاً: "كنا نرغب في إجراء مقابلة مع محمد الجولاني منذ فترة. تلقينا رداً بعد فترة وجيزة من إرسال طلبنا إلى المركز الصحافي التابع لحكومة الإنقاذ في إدلب. طلبوا بعض المعلومات حول خلفيتي المهنية وعملي. بعد مرحلة التقييم، دعيت إلى إدلب. بعد تغيير موعد المقابلة مرات عدة ذهبت إلى الموقع الذي كان ينتظرنا فيه الجولاني في إدلب. وبعد المقابلة التي استمرت ساعة ونصف عدت إلى تركيا".
ووصف "أرباجيك" العامل في موقع "اندبندنت تركيا" الجولاني من خلال لقائه به بأنه "قائد ذو شخصية محاربة. على الرغم من صغر سنه، شارك بنشاط في الحرب في كل من العراق وسوريا. من الواضح أنه يسعى لاكتساب الشرعية على الساحة الدولية بعد إعلان فك ارتباطه بالقاعدة. لذا كثيراً ما يتحدث عن حكومة الإنقاذ التي تشكلت في إدلب ويؤكد طابعها المدني".
ورداً على سؤال "النهار العربي" حول وجود مخاوف لديه من اللقاء قال "أرباجيك" "أتابع سوريا منذ بدايات الحرب الأهلية. لقد زرت مناطق كثيرة في البلاد مرات عدة. تعرضت للاختطاف من قبل وحدات حماية الشعب عام 2012 ونجوت من الموت مرات عدة في جبهات ريف حلب واللاذقية. لهذه الأسباب لم أشعر بأي خوف. من ناحية أخرى، تحاول هيئة تحرير الشام والجولاني تقديم أنفسهم للرأي العام الدولي من خلال الانفتاح على الصحافة الدولية والقبول بها. هذه الأسباب منعتني أيضاً من الشعور بأي خوف".ورأى أرباجيك أنه "بالرغم من أن الجولاني يدّعي بحتمية انتصاره في الحرب، إلا أنّه يدرك أيضاً أن ذلك يستدعي مغادرة القوى الأجنبية، وخاصة روسيا، البلاد. لست متأكداً ما إن كان مقتنعاً تماماً بقوله "سننتصر في الحرب". لا أعتقد أن روسيا ستغادر سوريا بعد كل ما تكلّفت به وكأن شيئاً لم يحدث".
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
اشتعال الخلاف بين زعيم تنظيم "القاعدة" والقائد السابق لفرعه في حلب
هيئة تحرير الشام تعين الجولاني قائداً عاماً
أرسل تعليقك