توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لهذا أنشئت «حماس» وهذه هي مهمتها الفلسطينية!

  مصر اليوم -

لهذا أنشئت «حماس» وهذه هي مهمتها الفلسطينية

بقلم: صالح القلاب

المفترض أنه لا خلاف على أن أكبر «ضربة» وُجهت إلى منظمة التحرير، وإلى قضية فلسطين، هي انقلاب حركة «حماس» الدموي على السلطة الوطنية وعلى «فتح» منتصف شهر يونيو (حزيران) عام 2007 فـ«الشرخ» الذي أحدثه هذا الانقلاب جاء في فترة في غاية الأهمية، ووضع في أيدي الإسرائيليين حجة يعتبرونها «دامغة» للتهرب من عملية السلام، والقول لمن يضغطون عليهم إنهم لا يعرفون مع أي فلسطينيين يتفاوضون... هل مع «دولة» قطاع غزة، أم مع «دولة» رام الله والضفة الغربية؟!
كانت حركة «فتح» ومعها بعض الفصائل الفلسطينية قد انتزعت اعترافاً عربياً أصبح عالمياً وكونياً بعد مؤتمر الرباط العربي، عام 1974، بأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهذا بقي متواصلاً رغم كثير من المحاولات المضادة خلال حصار طرابلس اللبنانية، الذي شاركت فيه إسرائيل، إلى جانب بعض التنظيمات التي «ادّعت» أنها فلسطينية، مع أنها كانت تابعة فعلياً للأجهزة الأمنية السورية.
وحقيقة أن قيادة منظمة التحرير قد بذلت جهوداً مضنية لتوحيد الموقف الفلسطيني، بعدما اتخذت عملية السلام خطوات جدية وحاولت إشراك حركة «حماس»، في مؤتمر الجزائر الفلسطيني الشهير، عام 1988، وكان هناك حرص على مشاركة جميع الفصائل الفلسطينية فيه، بما في ذلك تنظيم صبري البنا (أبو نضال)، لكنها رفضت ذلك، وبقيت ترفضه منذ ذلك الحين حتى الآن.
لقد قاطعت حركة «حماس»، التي كانت خرجت من رحم التنظيم العالمي لـ«الإخوان المسلمين» بعد 22 عاماً من انطلاق ثورة فلسطين المعاصرة، حضور مؤتمر الجزائر هذا، وهي تعرف أن «أبو عمار» أراده «توحيدياً» للذهاب إلى عملية السلام بموقف فلسطيني واحد، حيث إن أولى خطوات عملية السلام قد انتهت كما هو معروف بمؤتمر مدريد الشهير عام 1990، الذي ترتبت عليه اتفاقيات أوسلو الشهيرة، التي بدورها قد أدت إلى كل تلك التطورات، التي تلاحقت وأدت إلى قيام السلطة الوطنية، التي اعتبرت على الصعيد الدولي أنها «الدولة الفلسطينية المنشودة»!!
والمعروف أن «أبو عمار» كان قد حرص، ومعه قيادة «فتح» وقيادة منظمة التحرير، منذ عودته إلى غزة عام 1994، على مواصلة محاولاته السابقة لاستيعاب حركة «حماس» في المسيرة الفلسطينية الجديدة، ولاحقاً في السلطة الوطنية، فكانت مشاركتها في انتخابات عام 2005 التي فازت فيها، وأصبح إسماعيل هنية رئيساً لحكومة الوحدة الوطنية، التي ما لبثت أن أطاحت بها عام 2007 بانقلاب عسكري دموي يشبه أبشع وأسوأ الانقلابات العسكرية العربية الدموية.
وهنا، فإن ما تجدر الإشارة إليه هو أن نوايا «حماس» الانفصالية قد اتضحت، عندما ارتدت على اتفاق مكة المكرمة الشهير، الذي انعقد برعاية العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله - ووقّعه الرئيس محمود عباس (أبو مازن) ممثلاً لـ«فتح» ومنظمة التحرير والسلطة الوطنية، وذلك في حين أن خالد مشعل كان قد وقّعه ممثلاً لحركة المقاومة الإسلامية، التي التحقت بالعمل الوطني الفلسطيني ممثلة للتنظيم العالمي لـ«الإخوان المسلمين»، متأخرة 22 عاماً عن إطلاق الرصاصة الأولى، التي أطلقتها حركة «فتح» بعملية «عيلبون» الشهيرة عام 1965، التي كانت بداية الثورة الفلسطينية المعاصرة.
كانت حركة «حماس»، عندما وقّعت اتفاق مكة المكرمة، الذي بادرت إلى التنصل منه قبل أن يجفّ الحبر الذي كتب به، قد انتقلت من عمان إلى الدوحة كمركز قيادي، حيث أصبحت بصورة واضحة ومعلنة جزءاً من التحالف «الإخواني» الذي يتصدّره الشيخ يوسف القرضاوي وبات يعتبر الحزب السياسي في قطر، وعلى رأسه حمد بن خليفة آل ثاني، الذي كان قد ذهب إلى غزة هرولة في عام 2012 بعد انقلاب «حماس» المشار إليه آنفاً، ليؤكد أنه هو صاحب هذه الدولة «الإخوانية» الطارئة، وليس خالد مشعل، ولا إسماعيل هنية.
وعليه، فإن المقصود بهذا كله هو أن التنظيم العالمي لـ«الإخوان المسلمين» قد «اخترع» حركة «حماس»، التي أعطاها اسماً، لا ذكر لفلسطين فيه، هو «حركة المقاومة الإسلامية»، من أجل فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، ومن أجل إنهاء اعتبار أن «منظمة التحرير» ممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، ومن أجل تدمير السلطة الوطنية وقطع الطريق على قيام الدولة الفلسطينية المنشودة، وإظهار أن الفلسطينيين غير موحدين، وأن هناك كيانين فلسطينيين... أي كيان «القطاع» وكيان الضفة الغربية.
ولهذا، فإنه قد تأكد أن «حماس»، التي أصبحت بصورة معلنة جزءاً من تحالف «إخوانيّ» مقرّه الدوحة ومرجعيته إسطنبول وأنقرة، وتبعيته الحقيقية لـ«الولي الفقيه» في طهران، قد تم اختراعها بعد 22 عاماً لاعتراض المسيرة الوطنية الفلسطينية، ولقطع الطريق على قيام دولة الشعب الفلسطيني المنشودة، ولوضع كل المبررات في أيدي الذين يرفضون قيام هذه الدولة، إنْ كانوا إسرائيليين، وإنْ كانوا عرباً وغيرهم، وهذا بات واضحاً ومعروفاً إلا للذين يضعون أكفهم فوق عيونهم حتى لا يروا حقائق الأمور بالنسبة لهذه القضية المصيرية البالغة الأهمية.
والمعروف أن هناك الآن توجهاً جدياً لانتخابات فلسطينية «تشريعية» و«رئاسية» جديدة، والمفترض أن تكون هذه الانتخابات توحيدية، وأن تعيد الصلة والعلاقات بين قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس، إلى ما كانت عليه قبل انقلاب عام 2007 الدموي، لكن «حماس» التي باتت مهمتها معروفة، وباتت أهدافها واضحة، قد بادرت إلى وضع «العصي في الدواليب»، فعودة الوحدة مرفوضة بالنسبة لها وبالنسبة لحلفها «الإخواني»، ثم يجب بالنسبة إليها ولحلفائها ألا يظهر الشعب الفلسطيني شعباً واحداً، بل كيانين فلسطينيين، وهذا هو ما تريده إسرائيل، وما يريده كل الذين يقفون في طريق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة المنشودة، وعاصمتها القدس الشرقية.
ولذلك، فإنه لا بد أن تُجرى هذه الانتخابات في الضفة الغربية وحدها، طالما أن إسرائيل ترفض إجراءها، وخاصة في القدس الشرقية، كـرفض «حماس» إجراءها في غزة، وحقيقة أن شعوباً كثيرة قد مرّت بمثل هذه التجربة، ولهذا، فالمفترض أن الشعب الفلسطيني في أي جزء من وطنه يمثل إخوته في أي جزء آخر، والمعروف أن الفيتناميين في الجزء الشمالي من فيتنام كانوا يمثلون أشقاءهم في الجزء الجنوبي، وهذا يعني أنه بالإمكان تمثيل أبناء قطاع غزة والقدس المحتلة أيضاً في البرلمان الفلسطيني المنتخب ببعض أشقائهم «المعينين» تعييناً من قِبل أشقائهم المنتخبين في المجلس الجديد... والقاعدة تقول: «الضرورات تبيح المحظورات»!!
لا يجوز أن تعطل «حماس» مسيرة الشعب الفلسطيني، وأن تصرّ على إبعاد قطاع غزة عن الضفة الغربية، وأن تضع شروطاً تعجيزية للتهرب من الانتخابات «التشريعية» و«الرئاسية» المقبلة، فهذه المرحلة من الصراع مع إسرائيل حاسمة ومصيرية، وهذه الانتخابات التي تم الإعلان عنها تعتبر ضرورية، وفي غاية الأهمية، لتعزيز دعم العالم لحقوق الشعب الفلسطيني، وهذه مسألة يبدو أنها لا تهم حركة المقاومة الإسلامية، طالما أنها تنظيم «إخواني»، وأن ارتباطها بـ«الإخوان المسلمين» له الأولوية على ارتباطها بالقضية الفلسطينية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لهذا أنشئت «حماس» وهذه هي مهمتها الفلسطينية لهذا أنشئت «حماس» وهذه هي مهمتها الفلسطينية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon