توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مبدأ خامنئي للعراق ولبنان: التغيير ممنوع

  مصر اليوم -

مبدأ خامنئي للعراق ولبنان التغيير ممنوع

بقلم: حازم صاغية

الربط بين ثورتي العراق ولبنان وبين المؤامرات والأوضاع الإقليميّة ربط فاسد. هذا ما تقوله أوضاع داخليّة مُلحّة في البلدين، وآراء ومواقف وأعمال تواكب هذه الأوضاع وتصفها. لكنّ الربط الفاسد هو ما ينبع من وعي فاسد، وعي تآمري ممزوج برغبة عميقة في استخدام البلدين وأحداثهما في النزاعات الإقليميّة.
في الحالتين الثوريّتين للعراق ولبنان، تعجز النظريّات على أنواعها عن تمويه دور إيراني نافر، لا بمعنى تآمري للكلمة، بل بمعنى يسعى أن يكون موضوعيّاً، وهو قابل للبرهنة في أقوال حسن نصر الله وأفعاله، كما في تغريدات علي خامنئي. فطهران، ذات العلاقة المتوتّرة مع إقليمها ومع العالم، لا تملك التصرّف كدولة محدودة بحدودها، كما لا تملك التصرّف بما تقتضيه أحوال السلم. والعراق خصوصاً، ولبنان أيضاً، ينبغي أن يُرفض أي تغيير فيهما لأنّهما، وفق النظرة الإيرانيّة، موقعان استراتيجيّان لإيران. وفي حالات الحرب والتوتّر، تغدو التضحية بموقع حربي ترفاً لا يتحمّله قائد المحاربين.
هذا ما يفسّر أحداثاً شهدها المشرق العربي منذ ثارت المخاوف الدوليّة حيال البرنامج النووي الإيرانيّ. مثلاً: في صيف 2003 أصدر مجلس حكّام الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة قراراً يُلزم طهران بـ«الوقف الفوري الكامل» لنشاطاتها في تخصيب اليورانيوم، وبتوقيع البروتوكول الإضافي الخاصّ بمعاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النوويّة، والسماح الفوري بتفتيش المنشآت النوويّة الإيرانيّة «من دون قيد أو شرط». في 2004 كان التمديد للرئيس اللبناني إميل لحّود عنوان الإصرار على استبعاد كلّ تغيير في لبنان. الرغبة نفسها، وبنسبة أعلى، كانت رغبة النظام السوري الذي هاله الغزو الأميركي للعراق: في العام ذاته، 2004. انتفضت القامشلي على حكم الأسد، كما صدر القرار الأممي 1559 لجعل لبنان بلداً طبيعيّاً.
المثل الأبرز والأخطر كان مشاركة إيران و«حزب الله» في قمع الثورة السورية. إذاً، ممنوعٌ التغيير في مناطق النفوذ الإيراني التي تُعدّ أحداثها أحداثاً إيرانيّة. إنّه ممنوع ما دامت طهران في حالة حرب أو توتّر. وطهران، بحكم طبيعة نظامها، هي دائماً في هذه الحال.
مع فوارق الحجم والأهميّة نقع على المبدأ نفسه في تجارب إمبراطوريّة سابقة. في التاريخ المصري الحديث هناك «حادثة 4 فبراير (شباط) 1942»، حين فرض الإنجليز بالقوّة على الملك فاروق تسليم زعيم «الوفد» مصطفى النحّاس رئاسة الحكومة. لقد فعلوا هذا خوفاً من حكومة تتعاطف مع «المحور» إبّان الحرب العالميّة الثانية، وتحول تالياً دون استفادتهم من موقعي مصر وقناة السويس الاستراتيجيين.
الإمبراطوريّة السوفياتيّة عرفت أكثر من تجربة: المطالب الإصلاحيّة الهنغاريّة في 1956 والتشيكوسلوفاكيّة في 1968 قمعتها دبابات حلف وارسو. في بولندا، أواخر 1981 أعلن الجنرال أوجياش جاروزلسكي الأحكام العرفيّة محاولاً سحق نقابة «التضامن» الحديثة النشأة. لاحقاً، في 1990 اعتذر جاروزلسكي من البولنديين على فعله هذا. قال إنه أقدم عليه مضطرّاً لكي يقطع الطريق على تدخّل حلف وارسو.
سياسة رفض التغيير في الأطراف الإمبراطوريّة كان يحكمها، أقلّه منذ 1968، ما بات يُعرف بـ«مبدأ بريجنيف». المبدأ هذا، الذي واكب غزو تشيكوسلوفاكيا وبرّره، كان يقول إنّ أي تهديد لأي نظام اشتراكيّ، في أي بلد من بلدان المعسكر الشرقيّ، تهديد للمعسكر كلّه. لهذا من الجائز لدول المعسكر أن تواجهه بالقمع. بعد عشرين عاماً، نبذ ميخائيل غورباتشوف هذا المبدأ، فتساقطت دول حلف وارسو سلماً تساقط أوراق ذابلة.
حال إيران مع بلدان المشرق لا تختلف كثيراً. صحيح أنّ الانكفاء الأميركي وفّر لها فرصاً استثنائيّة، كما أنّ فوضى السنوات الأخيرة أهدتها فراغاً راحت تتأهّب لملئه. لكنّ هذا لا يكفي بذاته. فالمشكلة التي تظهر في العراق أوّلاً وفي لبنان ثانياً، أنّ إيران لا تملك القدرة على بناء أوضاع بديلة عن الأوضاع التي تسهم في تقويضها. إنّها تحمل مشروعاً إمبراطوريّاً مفلساً ومحاصراً، ينجح في التقويض ويفشل في البناء. يكفي التذكير بالانتفاع من ثروة العراق في مواجهة الحصار. يكفي التذكير، في ظلّ الانتفاض الواسع على الفساد، أنّ طهران تقدّم نموذجاً فاسداً.
مقابل مشكلة إيران هناك مشكلة أذرعها، أكان في العراق أم في لبنان. فهذه، وبشيء من التفاوت، تريد أن تمسك بالسلطة في بلدانها ولا تريد ذلك في الوقت نفسه. إنّها تملك وتحكم ولا تُساءل. وضع كهذا قابل دائماً للانفجار، لا سيّما في ظلّ أزمات اقتصاديّة خانقة.
فلنلاحظ الوجهة: بعد الوقوف في وجه قوى مذهبيّة وإثنيّة أخرى، يدلّ العراق على وصول الاشتباك إلى داخل البيئة الشيعيّة نفسها. في لبنان، ظهر التنافر للمرّة الأولى بين «حزب الله» وبيئته، وبينه وبين بعض حلفائه...
هذا المشروع، أتمثّل بقيادته في طهران أم بامتداداته في بغداد وبيروت، لا يفتح على سياسة. فكلّما تجمّع ألف عراقي أو لبناني في ساحة ما خافت القوى المرعيّة من إيران وانتابها التوجّس. إنّها حالة لا تعيش إلاّ في هامش يتأرجح بين التوتّر والعنف، مصحوبَين بالتردّي الاقتصاديّ: فإمّا ازدهار هذا المشروع وتعفّن الشعوب المطالبة بالتغيير والممنوعة عنه، وإمّا التغيير وانهزام مبدأ خامنئي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مبدأ خامنئي للعراق ولبنان التغيير ممنوع مبدأ خامنئي للعراق ولبنان التغيير ممنوع



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon