توقيت القاهرة المحلي 13:49:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حراك ما قبل أعتى العواصف

  مصر اليوم -

حراك ما قبل أعتى العواصف

بقلم - فـــؤاد مطـــر

باستثناء «فضفضة عباسية» حادة النبرة، كان من الأفضل لاستقرار سلطة الرئيس محمود عباس إطلاقها من رام الله، و«فضفضة عونية» كان من الأفضل لمصلحة الاستقرار المأمول للصيغة اللبنانية الاكتفاء بالإفصاح عنها في بيروت، وليس في مناسبة انعقاد القمة العربية الدورية التي استضافتها تونس يوم الأحد 31 مارس (آذار) 2019. فإن القادة العرب الذين التقوا أكدوا مرة جديدة أن التلاعب بالثوابت أمر مرفوض من جانبهم، مهما كانت العلاقة الثنائية مع الإدارة الأميركية ذات طابع استراتيجي.
وعندما يقرر القادة في بيانهم الختامي رفض قرار الرئيس ترمب الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان المحتل، معتبرين إياه باطلاً شكلاً وموضوعاً، وكذلك التأكيد على لبنانية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، فإن قمتهم بهذا القرار لا تسجل مجرد رد فعل على خطوة مباغتة من رئيس الدولة الأهم بين الكبار، حدثت متزامنة مع تأهب القادة العرب لعقد مؤتمرهم الجامع التقليدي السنوي، وإنما القرار تأكيد على أن الموقف العربي الشامل من النظام السوري شيء، والمس بالأرض السورية العربية شيء آخر، أي بما معناه أنه إذا كان الرئيس ترمب وبالتشاور مع ضيفه رئيس وزراء إسرائيل، اعتبرا أن أزمة العلاقات المستمرة بين الدول العربية والنظام السوري ستجعل تمرير قرار الاعتراف الأميركي على درجة من السهولة، فإن الوقفة العربية الشاملة أثبتت عكس ذلك الظن الثنائي، وأكدت أمراً مهماً، وهو أن العلاقات بين الأنظمة تشهد في بعض الأحيان حالة من التأزم؛ لكن عندما تُمس سيادة الأرض العربية بفعل احتلال مدعوم باجتهاد قسري، فإن الرد على ذلك هو أن النظام حالة عابرة، بينما الأرض حق ثابت. 
وما يقال حول الجولان ويُتخذ من موقف في شأن هذه الأرض العربية، وكذلك حول المتبقي من أرض لبنانية محتلة، يقال عن ثلاث جزر إماراتية، هي الإرث الشاهاني الوحيد الذي تتمسك به الثورة الإيرانية، إذ بدل أن يكون الجلاء عن هذه الجزر خطوة يؤكد فيها النظام الإيراني تنصله من ذاك الإرث، فإن الذي حدث هو مزيد من عسكرة هذه الجزر، ومزيد من الادعاء بأنها إيرانية، ليس وفق القاعدة الجغرافية، وإنما لأن هذه الجزر يجب أن تبقى في الحد الأدنى صُداعاً للخليج العربي، وفي الحد الأقصى منصة تنفع في ساعة المساومة والمقايضة، أو في ساعة إلحاق الضرر بالآخرين. 
هنالك كثير الاستغراب من أن الرئيس بشّار الأسد لم يرُد كما تقتضيه الأصول، على الموقف الذي اتخذه القادة العرب في قمتهم من موضوع الجولان. وحتى إذا كان رأى أن رد الفعل الدولي، الأوروبي والروسي والصيني بشكل خاص، إزاء الخطوة الأميركية، سبق قرار القمة العربية، وأن الأشقاء العرب في ذلك قاموا بما سبق وفعله غير العرب، فإن هذا لا يعفيه من قول بعض الكلام الذي يذيب جليد مقاطعة الأشقاء للنظام السوري. وحيث إن الكلام الجيد يجر الكلام المماثل أو الأكثر جودة، فإن التشابك في خيوط الموقف العربي عموماً يصبح قابلاً لحل ما كان حتى ما قبل القمة مستعصياً حله.
ويبقى من هذه القراءة في موضوع القمة وقراراتها، القول إن بعض القادة حضروا مترددين، وبعضهم رأى في مجرد الحضور والمشاركة في الجلسة الافتتاحية أنه أدى الواجب. ولكن المأمول والمفترَض حدوثه هو أن تكون مناسبة الانعقاد فرصة للقاءات رحبة تشاورية ثنائية وأكثر، ذلك أن القادة بهذه الاجتماعات يذيبون بالأفكار والصيغ طبقات من جليد يتراكم، ويفتتون ما أمكنهم التفتيت من تعقيدات مستحكمة في الأزمات.
مثل هذا الأمر لم يحدث. ورأينا البعض يستعجل العودة بعدما حضر جزئية من جلسة الافتتاح، وكأنما هو بذلك جاء لإرضاء المضيف، وأن في عهدة وزير الخارجية صياغة القرارات وتدبيج عباراتها، على نحو المألوف ماضياً.
ما هو آتٍ على المنطقة قد يكون أعتى العواصف التي تستهدف العمل القومي. ويخالج الإنسان العربي شعور بأن التصويب الآتي سيكون أشد إيلاماً من الذي حدث في موضوع الجولان، وقبل ذلك في موضوع تثبيت مقر السفارة الأميركية في القدس الشرقية. 
وهذا الموضوع بالذات كان مأمولاً التباسط من جانب القادة العرب فيه، لو أنهم عقدوا مشاورات رحبة على هامش جلسة افتتاح أعمال القمة وجلسة الختام. أما وأن ذلك لم يحدث، فإن الأمر متروك للقمم الثنائية والثلاثية التي تتم بين الحين والآخر. وفي ذلك تجزئة للموقف الشامل للجميع، إلا إذا طُرحت فجأة فكرة انعقاد قمة طارئة تعزز «مبادرة السلام العربية»، وبحيث لا تذروها ألاعيب السياسات التي ترسم في السر وفي العلن خريطة المنطقة. ومَن يعِش يَرَ.

 

نقلا عن الشرق الاوسط

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حراك ما قبل أعتى العواصف حراك ما قبل أعتى العواصف



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon