توقيت القاهرة المحلي 18:19:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"إخوان" يساريون!

  مصر اليوم -

إخوان يساريون

بقلم : محمد صلاح

لا يستغرب المصريون التحوُّلات التي تطرأ على النخب السياسية بين الحين والآخر، والتقلبات التي تحدث لمواقف أشخاص ينتمون خصوصاً إلى اليسار أو "الناصريين"، والتحالف أحياناً مع قوى سعت كثيراً إلى القضاء على اليساريين و"الناصريين" في آن معاً. فالمصريون اعتادوا هذه الأمور ولاحظوا دائماً أن السنوات الأخيرة شهدت تقلبات خلطت المبادئ بالمصالح إلى درجة أفرزت مشهداً يضم اليساريين و"الناصريين" في صفوف "الإخوان"!.

يتذكر أبناء جيل السبعينات من القرن الماضي حجم المواجهات التي جرت بين اليساريين بكل ألوانهم الفكرية و"الناصريين" بكل أطيافهم التاريخية من جهة، وبين المحسوبين على ما عُرف وقتها بـ "التيار الإسلامي" من جهة أخرى، ولأن جماعة "الإخوان" ظلت على مدى التاريخ الوعاء الذي خرجت منه جماعات وتنظيمات وشخصيات متأسلمة راديكالية، فإن اليساريين و"الناصريين" وجدوا أن معركتهم دائماً ضدها في المقام الأول إما لأسباب عقائدية أو فكرية أو منهجية، كما الحال بالنسبة لليسار، أو تاريخية وعملية وثأرية كما الحال عند "الناصريين". وزادت حدة المواجهة بين الطرفين بعد قرار الرئيس الراحل أنور السادات إخراج رموز وأعضاء "الإخوان" من السجون، ومنح الجماعة مساحة من الحرية للحركة والتنقل والظهور في وسائل الإعلام والتعامل مع القطاعات الشعبية في أنحاء البلاد، إذ لم يكن سراً أن السادات رغب في مواجهة أعدائه أو خصومه أو منافسيه من اليساريين و"الناصريين"، باستخدام "الإخوان" ذراعاً فكرية وحركية يخفف الضغط على أذرعه الأمنية، لكن الأهم أن اليساريين و"الناصريين" عرفوا وقتها الحجم الحقيقي لقدرتهم على تحريك الشارع، أو قل ضآلة شعبيتهم مقابل القدرات التنظيمية العالية لدى "الإخوان" مالياً وشعبياً وحركياً. الغريب حقاً أن اليساريين و"الناصريين" واصلوا المواجهة على جبهتين: الأولى ضد نظام حكم السادات، خصوصاً بعد توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل وبعد استقبال شاه إيران رضا بهلوي والسماح له بالإقامة في مصر، وعلى الجانب الآخر ضد "الإخوان" وجماعات وتنظيمات متأسلمة أخرى، خصوصاً في ساحة الجامعات، إلى درجة أن من عاصروا تلك الفترة لا يمكن أن ينسوا مشاهد مطاردة طلاب "الإخوان" وفي أيديهم الكرابيج والجنازير والشوم والعصي للطلاب اليساريين و"الناصريين" إذا ما نظموا مؤتمراً أو ندوة، أو حتى وقفة أمام مجلة حائط!. نعم، لم يتوقف "الإخوان" يوماً عن التنكيل بمنافسيهم من قوى المعارضة الأخرى، ولعبوا طواعية دور ذراع السادات في إغلاق كل منفذ وسد أي مساحة يتحرك فيها اليساريون أو "الناصريون". بعض المؤرخين لم يستغربوا مشهد وقوف رموز من اليسار أو "الناصريين" خلف قادة "الإخوان" في المؤتمر الشهير، الذي عقد في فندق "فيرمونت" في ضاحية مصر الجديدة قبل الانتخابات الرئاسية التي تنافس فيها محمد مرسي وأحمد شفيق، لمناصرة الأول ودعمه باعتباره مرشحاً للثورة! لم تكن تلك أول أو آخر مرة ينزلق فيها اليسار إلى موقف مزرٍ، فقبلها حين اغتيل السادات على أيدي المتأسلمين الراديكاليين، ألَّف بعض شعراء اليسار أغاني وقصائد وقصصاً وحكايات تمجد ما فعله خالد الإسلامبولي وباقي زملائه من الإرهابيين، وبعدها بسنوات استخدم اليساريون و"الناصريون" المفردات ذاتها التي لا يكف "الإخوان" عن ترديدها للهجوم على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والإساءة إليه! حتى أن صفحات "الإخوان" على مواقع التواصل الاجتماعي وقنواتهم التي تنفق عليها قطر وتبث من الدوحة واسطنبول ولندن، لا تتوقف عن الإشادة بمواقف هذا الناشط اليساري وذلك القطب "الناصري"، لمجرد أنها تصب في مصلحة "الإخوان"، وتتناغم مع خطط الجماعة للإبقاء على الأوضاع ساخنة في مصر. يعتقد اليساريون و"الناصريون" والساعون إلى التغيير في مصر، أن لا تغيير يمكن أن يحدث من دون استخدام الظهير الشعبي لـ "الإخوان"، لكنهم لا يدركون حجم تآكل هذا الظهير الشعبي، ولا يصدقون أن "الإخوان" إذا تمكنوا سيعيدون الكرة مجدداً، وكما حدث في كل مرة سابقة، وسينكلون بكل مَنْ يخالفهم فكرياً، وأولهم اليساريون ومعهم "الناصريون" الذين يبدو وكأنهم أدمنوا التنكيل

المصدر :

الحياة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إخوان يساريون إخوان يساريون



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 10:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
  مصر اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 04:39 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
  مصر اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد تزوير الانتخابات يدعمه إيلون ماسك

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد

GMT 09:11 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon