بقلم :زاهي حواس
أعلن الدكتور جاسر الحربش، رئيس هيئة التراث بالمملكة العربية السعودية، انطلاق الموسم الأول لمشروع التنقيب الأثري في العديد من مناطق المملكة العربية السعودية. وقد أكد أن هيئة التراث بالمملكة وضعت خطة شاملة، وافق عليها الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة، الذي شدد على ضرورة أن تشمل الخطة بجانب مشروعات التنقيب، صيانة وحماية المواقع الأثرية من أي تهديدات أو مخاطر. وشدد على عملية المسح الأثري وأهميته في تحديد مساحة الموقع وإدراك أهميته العلمية وذلك بهدف الحفاظ عليه بوصفه تراثاً إنسانياً لا يقدر بثمن. وأشار الأمير بدر إلى أن البعثات الأجنبية التي تعمل في مجال التنقيب أو المسح الأثري بالمملكة لا بد أن يمثل فيها الجانب السعودي من أجل المشاركة في الاكتشافات الأثرية. وبالفعل استطاعت المملكة في السنوات القليلة الماضية تحقيق العديد من الاكتشافات الأثرية التي كتبنا عنها من قبل في هذا المكان بجريدة «الشرق الأوسط». لقد نالت الاكتشافات الأثرية بالمملكة العربية السعودية دعاية كبيرة في كل مكان حتى أن قناة ديسكفري الشهيرة أعلنت عن رغبتها في عمل أفلام وثائقية عنها لتعريف العالم كله بها.
كان الإعلان عن إطلاق الموسم الأول لبدء أعمال التنقيب الأثري في موقع ضرية قد صدر في يوليو (تموز) الماضي. ويقع موقع ضرية في منطقة القصيم، وهو من المواقع الأثرية المهمة والمبشرة بموسم حفائر ناجح. ويعود الموقع إلى عصر ما قبل الإسلام؛ ولكن زادت أهميته وشهرته في العصور الإسلامية، حيث أصبحت ضرية منذ عصر الخليفة الثاني عمر بن الخطاب مركزاً لأشهر الأحمية وأكملها في الجزيرة العربية وهي الحمى الذي عرف باسمها حمى ضرية، كما أصبحت واحدة من أكبر محطات طريق الحج البري، وواحدة من أهم محطات القوافل؛ ولذلك فلا نعجب من تعدد ذكر ضرية في المصادر الجغرافية والتاريخية والأدبية.
والهدف من بدء أعمال التنقيب الأثري بموقع ضرية هو كما أعلنت عنه هيئة التراث السعودية معرفة التسلسل التاريخي للموقع والحصول على أدلة أثرية يمكن من خلالها معرفة المعالم والقطع الأثرية ودراستها والكشف عن مدى الازدهار الحضاري الذي عاشته المنطقة، وكذلك علاقة ضرية بالمواقع الأخرى، وبالتالي إبراز الدور الحضاري للمملكة العربية السعودية في تكوين الحضارة الإنسانية بشكل عام والعصور الإسلامية بشكل خاص. وهناك بالطبع نتائج إيجابية عديدة لبدء أعمال التنقيب في أي موقع أثري؛ منها كتابة صفحات جديدة تضاف إلى التاريخ، والإجابة عن أسئلة ظلت تحتاج إلى أدلة أثرية للإجابة عنها.