بقلم: د. جبريل العبيدي
المتظاهرون السلميون بميدان الشهداء في طرابلس يهتفون للسراج وحكومته: «ارحل... ارحل... وعار عار... المرتزق يخلص بالدولار» في ظل اعترافات لمرتزقة سوريين بنهبهم لبيوت المواطنين.
شعار المتظاهرين «الشعب يريد إسقاط النظام».. هتافات مصحوبة بدعوات لعصيان مدني، بينما ميليشيات تابعة لحكومة الوفاق غير الدستورية شنت حملة اعتقالات ومداهمات ضد النشطاء والمتظاهرين في ظل اختفاء بعضهم في طرابلس، واتهامات لحكومة الوفاق بالإخفاء القسري لمنظمي حراك «ثورة الفقراء» الذي برز في عدة مدن ليبية، بينما رئيس حكومة الوفاق المنفصل عن الواقع، يصف المتظاهرين السلميين بالمخربين، وهدد بإعلان حالة الطوارئ بعد أن مارست قوات تابعة له العنف والقمع لدرجة التوحش ضد هؤلاء المتظاهرين، مما دفع بعثة الأمم المتحدة للتعبير عن القلق من استخدام القوة المفرطة، والعجيب أنها بعثة مشكّلة بقرار من مجلس الأمن وتحت الفصل السابع، مما يعني أن لديها سلطات تتجاوز التعبير عن القلق أمام سحل وقتل المتظاهرين بدم بارد من قبل حكومة جلبت المرتزقة الأجانب بالتحالف مع الغازي التركي، ودفعت لهم بالدولار لقتل شعبها.
السراج بدلاً من حل أزمة الكهرباء وإقالة المسؤولين الفاشلين، خرج في خطاب متخشب يعود لزمن الديكتاتوريات، مهدداً المتظاهرين تارة، وساخراً منهم تارة أخرى، واعداً «بالعدالة» في توزيع الإظلام والظلام بين السكان؛ حيث طرابلس بل عموم ليبيا غارقة في الظلام بسبب انقطاع التيار الكهربائي لساعات، إضافة إلى غياب وانقطاع المياه، وأزمة السيولة، والبطالة المتزايدة بين الشباب، وفشل وزارة الصحة في مواجهة وباء «كورونا» رغم إنفاق الملايين، وعدم توفر مستلزمات التحليل والكشف عن الفيروس، في ظل اتهامات متبادلة بين اللجان المكلفة مكافحة الوباء والشركات الموردة.
المتظاهرون ونشطاء الحراك طالبوا حكومة الوفاق بتسليم السلطة للنائب العام والمحكمة الدستورية لإدارة البلاد وعقد انتخابات، بعد اتهامهم المسؤولين بالفساد وبإهدار الأموال بعد ارتفاع نسبة الفساد باعتراف ديوان المحاسبة الليبي في أغلب تقاريره من دون أي تحرك لمحاسبة هؤلاء الفاسدين.
عجز حكومة الوفاق عن توفير الخدمات الصحية خاصة، وحرمان مناطق أخرى خاصة في الشرق الليبي بحجة أنها غير موالية للحكومة جعل حكومة الوفاق، السبب الرئيسي في انتشار الوباء، وذلك لمنعها وصول مستلزمات الوقاية ومشغلات أجهزة الكشف عن فيروس كورونا.
الليبيون خرجوا إلى الشارع لإسقاط حكومة لم ينتخبوها بل نصبتها القوى المتنفذة، وفرضتها عليهم بعد أن جاءت على ظهر فرقاطة إيطالية، وبعد عجز البعثة الدولية عن مساعدة الليبيين للتخلص من تلك الحكومة التي تمرر مشاريع وصفقات لنهب ثروات ليبيا وتمكين الغازي التركي من احتلال ليبيا عبر اتفاقيات مذلة لا يملك من وقع عليها حق توقيعها من دون حتى قراءة تفاصيلها، والتي ما هي إلا تلاعب بجغرافيا المتوسط لنهب ثروات ليبيا خاصة والاستيلاء على أجزاء من الحدود البحرية لدول أخرى ضمن مطامع إردوغان بما يسميه بالوطن الأزرق.
إن إعلان وقف إطلاق النار، يعتبر خطوة إيجابية، ولكنه يبقى رهناً أولاً بمدى التزام ميليشيات حكومة الوفاق ومرتزقة إردوغان، وثانياً بمدى جدية الأطراف الراعية لوقف إطلاق النار، وذلك بالضغط على تركيا لسحب مرتزقتها خارج ليبيا، بدلاً من منحهم الجنسية الليبية وتعقيد المشهد كما تحاول تركيا وقطر، خاصة بعد اتفاق وزيري الحرب في تركيا وقطر مع السراج على تسلم موانئ طرابلس ومصراتة والخمس، مما يعني بما لا يدع مجالاً للشك أنهم لا يريدون السلام بل يبغون «كسب الوقت» حتى يتسنى لهم تنفيذ مخططهم الشرير.