بقلم : طارق الشناوي
انتهت الأزمة التى أثيرت بسبب رأى أعلنه الكاتب الروائى أحمد مراد، مشيرًا إلى أن بعض أعمال نجيب محفوظ تعانى من ترهل فى الإيقاع، أكد مراد أنهم تلاعبوا برأيه.. هل كان الأمر يستحق كل هذا الغضب لدى حوار أجريته قبل 35 عاما مع أديبنا الكبير فى مجلة (الوادى)، أجاب فيه عن هذا السؤال قائلا: (لا أفكر فى الخلود)؟.. الحوار يجمع أسئلة من كبار الأدباء أوجهها إلى نجيب محفوظ، كان من بينها سؤال الكاتب المسرحى الكبير الراحل نعمان عاشور، ومن أشهر مسرحياته (الناس إللى تحت) و(عيلة الدوغرى) و(المغناطيس)، وأنقل لكم هذا المقطع كما نشرته بالحرف:
• (نعمان) هل تعتقد حتى الآن وبعد الإنجاز الضخم الذى حققته فى الرواية العربية أن أعمالك الكبيرة لا تستحق الخلود، كما تقول دائمًا لكل من سألك هذا السؤال، فهل تنكر ذلك على نفسك من باب التواضع، مع أن الإجماع على أنك ضمنت البقاء الطويل بأعمالك الروائية؟
- (نجيب) الخلود بالنسبة للأديب حلم الشباب، إنما بتقدمه فى السن ويقينه أنه أيضًا سيتلاشى يخفت هذا الحلم، الواقع أن ما يهمنى من عملى هو أن يبقى فى وجدان المعاصرين الذين أخاطبهم، أستلهم الواقع وأخاطب أناسًا يتفاعلون مع الحياة، نتفاعل معًا بطريقة ما، ولا يهمنى أن تتفاعل كتاباتى مع الآخرين، لأن الآخرين سيأتون ومعهم كتاباتهم، يهمنى النجاح المعاصر، توجد خرافة مع الأسف لبعض الكتاب أنه لا يهتم بالحاضر على أساس أنه بعد وفاته سوف تعرف الأجيال قيمة عمله، أى القيمة هنا دى تبقى قلة قيمة!!.
• (طارق) ولكن هذا الكلام لا ينفى أن العمل الفنى العظيم يحمل فى داخله عوامل البقاء، مثلا مؤلفات شكسبير وابسن وموليير والقائمة طويلة؟
- (نجيب) خلود رسمى النقاد، والأساتذة يقررون هذه الأعمال على الطلاب، ولكن القارئ العادى لا يعرف غير الكاتب المعاصر، رجل الشارع لا يعترف بالخلود الرسمى، أنا لا أتردد فى أن أكتب قصة عمرها مثل افتتاحية الجريدة «يوم واحد»!!.
انتهت كلمات أديبنا الكبير التى أدلى بها عام 1984، وهذا يعنى أنه كان يرى حتى قبل حصوله على (نوبل) أن أعماله لن تصمد للأبد مع الزمن، وأن كل جيل سيطرح فنًا وأدبًا مغايرًا يتوافق مع إيقاع الناس.
هل لدينا أرقام موثقة عن السوق الأدبية والفنية؟ وإلى أين يتجه (الترمومتر)؟، وما مثلًا نسبة مبيعات روايات محفوظ وإحسان والسباعى الآن بالقياس لهذا الجيل؟، أنا مثلًا لاتزال تسكننى أغنيات أم كلثوم، وأستمع إليها بشغف ونشوة، هل أنا أمثل القطاع الأكبر من الناس؟.. أظن أننى أعبر عن الأقلية، جزء لا بأس به من أغنيات (الست) ذهب للأرشيف فى إقامة دائمة، تابعوا معى هذا الرقم من أوراق جمعية المؤلفين والملحنين، من بين 10 أغانٍ لأم كلثوم تحقق الأرقام الأعلى فى الترديد عبر كل الإذاعات والفضائيات، 6 على الأقل تلحين بليغ حمدى، والأغنية الوحيدة للسنباطى فى تلك القائمة (الأطلال)، وعندما تعلم أن بليغ لحن لأم كلثوم 11 أغنية، السنباطى رصيده نحو 100 أغنية، من الممكن مثلًا أن تضيف 20 أو 30 أغنية أخرى ستعيش للسنباطى، هذا يعنى أن نحو 70% من الأغنيات (الكلثومية) قد مات، وهو ما ينطبق أيضا على كبار الأدباء!!.