توقيت القاهرة المحلي 16:01:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تداعيات تغيّر الإدارة الأميركية على القضية الفلسطينية

  مصر اليوم -

تداعيات تغيّر الإدارة الأميركية على القضية الفلسطينية

بقلم :محمد الرميحي

نظّم معهد إبراهيم أبو لغد (كان أستاذاً فلسطينياً بارزاً للعلوم السياسية).. نظم المعهد المسمى باسمه في جامعة بيرزيت في فلسطين، مؤتمراً علمياً عن بعد على مدار ثلاثة أيام، وحشد له المعهد مجموعة متميزة من العرب والأجانب، وتناول مجموعة من المحاور، من بينها محور «تأثير تغير الإدارة الأميركية على القضية الفلسطينية»، الذي تشرفت بالمشاركة فيه. الندوة بمحاورها الرئيسية الأربعة غنية بالأفكار ومتعددة الرؤى، وكان ذلك طبيعياً؛ لأن كل من شارك يحمل تراثاً من الخبرة المعمقة، وما أرجوه أن تنشر تلك الحوارات للاستفادة العامة منها، وعلى الأخص تدارس توصياتها بين النخب الفلسطينية.
ما أرغب في عرضه هنا هو مجمل فهمي الخاص للنقاشات التي دارت، ولكن باختصار، وأيضاً رؤيتي للاقتراب من الموضوع «الفلسطيني - الأميركي» كما يتطور اليوم، ومدى مساهمة اللاعبين الأساسيين في تحديد الاتجاه الجديد، وقد يعجب البعض أن جورج بوش الأب رغم ارتفاع شعبيته في سنة الانتخابات وقتها 1993، فإنه خسر الدورة الثانية بسبب موقفه المتعاطف مع القضية الفلسطينية، أو تصويره في الإعلام أنه كذاك.
لعل الأمر يحتاج إلى تلخيص مكثف في نقاط محددة أراها تتجمع في سبعة ملفات أساسية:
أولاً: جزء كبير مما يحرك السياسة الأميركية الخارجية هو الشأن الداخلي (موقف الناخبين المحليين)، وبعض جزء منها يتحرك لسبب أخلاقي في بعض الأوقات، وهي تنظر مهما تغيرت إلى الملف الفلسطيني بثبات الإصرار على أمن إسرائيل وأيضاً تفوقها العسكري في المنطقة، أما التفاصيل فهي متحركة، كما أن الحزبين الكبيرين الديمقراطي والجمهوري «تبادلا تاريخياً» الوقوف مع إسرائيل، بسبب تغير الساحة السياسية الإسرائيلية. من جهة أخرى، علينا التفكير بمحدودية القدرة الأميركية على التأثير على الأرض، هي يمكن أن تعلن توجهاً، ولكن يعتمد على الفاعلين المحليين لتفعيله، وهناك تصور يصل إلى حد الارتياب في قدرة الإدارة على التغيير بعد كل تلك التجربة التي مُنيت بالفشل في الكثير من ملفات الشرق الأوسط.
ثانياً: قد تقوم الإدارة الجديدة بتغيير بعض القرارات التي اتخذت من قبل الإدارة السابقة وتمس الهوامش وليس صلب الملفات العالقة، ومدى ذلك التغير سوف يعتمد على، أولاً إرضاء الجانب الإسرائيلي، والثاني على مرونة الجانب الفلسطيني. وهناك من قال عالماً بالأمور في الداخل السياسي الأميركي، إن هناك تيارات شبابية ومن الملونين في الحزب الديمقراطي تميل إلى تفهم أكثر لعدالة القضية الفلسطينية، ويتوجب الاتصال بهذه المجاميع وتعزيز موقفها.
ثالثاً: أحد أهم معوقات الثقافة السياسية العربية هي ما يمكن تلخيصه بـ«المزايدة». لقد دفع العرب في ملفات كثيرة أثماناً باهظة بسبب تلك المزايدة، وكانت مكسر الظهر لخسارة الكثير من المعارك في الحروب وفي السياسة، وما نعانيه اليوم في البقعة العربية وبجوارها هو المزايدة، وهي ناتجة من جهل بالسياسة واستخفاف بالآخر، والبعد عن التفكير العلمي في مقاربة المشكلات، وأساسه نمط التفكير في التعامل الانتقائي مع الحقائق على الأرض.
رابعاً: لم يتح للفلسطينيين منذ ثلاثين عاماً على الأقل طرح أي مبادرة من أي طرف فلسطيني مبنية على نظرية استراتيجية، في المناقشة طُرحت فكرتان من الخبراء لهما وجاهتهما، وهما التوجه للمطالبة بالحقوق الوطنية والإنسانية «لأن هذا التوجه هو السائد في العالم»، والفكرة الأخرى تنشيط «اللوبي» الفلسطيني بطريقة علمية وبخطة واضحة وطويلة الأمد، واستخدام ما يمكن أن يسمى «القوة الناعمة» من كل العناصر والمؤسسات المتفهمة والمتعاطفة مع القضايا التي لها علاقة بالحقوق الإنسانية في الولايات المتحدة وعواصم العالم الفاعلة.
خامساً: جزء من الأزمة له علاقة بالسلوك السياسي الفلسطيني، إذ على الرغم من التفهم العميق لما يعانيه الإنسان الفلسطيني تحت الاحتلال، إلا أن التشرذم بين القوى الفلسطينية هو سيد الموقف، فلا وفاق رغم كل الحديث والاجتماعات على برنامج وطني فلسطيني يتيح الاختلاف الممكن ويصد الخلاف الممنوع، أي بين ما اتحد فيه القصد وتفاوت وسائل الوصول إليه، وبين ما يختلف عليه في القصد وفي طريق الوصول إليه. اليوم ما بين الجماعات الفلسطينية هو «الاختلاف»، وهو مزمن ومرضي، وليس بين فلسطينيي الضفة وغزة فقط، بل حتى فلسطينيي الداخل (في الانتخابات الإسرائيلية القادمة سوف يكون هناك قائمتان لعرب الداخل!). من جانب آخر تحولت معظم أجهزة السلطة إلى بيروقراطية، بكل مساوئ البيروقراطية المعروفة في «الدولة» في العالم الثالث، وهي مكان للفساد والإفساد، فتحديث النخب والتحرك كحركة تحرير موحدة والعمل على استراتيجية واضحة ومتفق عليها وظاهرة القصد، مع استقلالية في القرار الفلسطيني استقلالية تامة، والأهم الامتناع عن الدخول في المحاور الإقليمية والعربية هو أول الطريق لإصلاح المسار. لقد كان الدخول في المحاور العربية والإقليمية مقتلاً لحيوية واستقلال القرار وأيضاً طريقاً إلى الارتهان إلى هذا الطرف أو ذاك.
سادساً: يتصف بعض متخذي القرار الفلسطيني بالبعد عن التفكير العلمي والانسياق وراء العاطفة والشعبوية، بل بعض القرارات السياسية والاجتماعية مدمرة للمشروع التحديثي والتحرري ومناوئ له، كمثل منع المرأة من السفر إلا بمحرم، أو الادعاء من قبل قيادات أن «كوفيد - 19» يصيب الأميركان والإسرائيليين والعرب المطبعين، ولا يصيب «أهل غزة» في تصريح على «يوتيوب» لأحد القادة. البعد عن التفكير العقلاني وغير العاطفي أو الشعبوي أو حتى الخرافي، هو أولوية للنخب الفلسطينية، ويبدو أن البعض ما زال مصاباً بتلك الثلاثية إلى يومنا هذا.
سابعاً: أنا على يقين أنه ليس من حقي أو من هم أمثالي من خارج المعاناة الفلسطينية في الداخل أو الدياسبورا في الخارج أن يقدم النصائح، فأهل مكة أدرى بشعابها، ولكني كعربي مهتم بالقضية لعدد من الأسباب، أولاً لأنها إنسانية، وثانياً أنها «أخطر قضية عربية على الإطلاق»، وتداعياتها أثرت في جملة الساحات والمجتمعات العربية، وعصفت بأنظمة وغيرت جذرياً مجتمعات وما زالت تفعل، فكل ما عرض من أغلبية من النخب الفلسطينية المشاركة في الندوة الافتراضية هو مساهمة في النقاش، والذي اختلفت فيه الاجتهادات ولكن المقاصد كانت واحدة.
أخر الكلام:
يحزن المتابع عندما يسمع بمنع المرأة الفلسطينية من السفر إلا بمرافق، ويتذكر من بعض ما يتذكر دور السيدة ليلى شهيد في فرنسا، حيث غيّرت الموقف الرسمي والشعبي باتجاه التعاطف مع القضية، وكسبت احترام المجتمع السياسي والمدني الفرنسي، ومثلها عشرات!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تداعيات تغيّر الإدارة الأميركية على القضية الفلسطينية تداعيات تغيّر الإدارة الأميركية على القضية الفلسطينية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon