بقلم: زاهي حواس
أعلنت الشهر الماضي عن اكتشافات مهمة في منطقة سقارة الأثرية سوف تعيد تاريخ تلك المنطقة خلال الدولة الحديثة، أي منذ حوالي ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد. وقد كتبت من قبل عن الملكة الجديدة نيت التي سوف يضاف اسمها في التاريخ لأول مرة بعد أن كان هذا الاسم مدفوناً تحت الرمال إلى القرب من هرم الملك تتي. وقد تم تقديس الملك تتي أول ملوك الأسرة 6 بالدولة الحديثة وخاصة في الأسرة 19.
وقد عثرنا على اكتشافات مهمة حيث وجدنا حوالي 22 بئراً داخلها توابيت يعود تاريخها إلى الدولة الحديثة. وداخل بئر واحدة فقط من تلك الآبار عثرنا على 54 تابوتاً بداخلها مومياوات. والتوابيت مزخرفة بمناظر دينية تضم معبودات مصرية قديمة، بالإضافة إلى أجزاء من كتاب (الموتى)، وهو عبارة عن مجموعة تعاويذ تساعد المتوفى في العالم الآخر لكي يدخل إلى حقول الإيارو، أي الجنة عند المصري القديم. وبجوار تلك التوابيت تم العثور على بردية يصل طولها إلى نحو خمسة أمتار، وهي عبارة عن الفصل الـ 17 من كتاب (الموتى)، بالإضافة إلى العديد من اللوحات الخاصة بالأشخاص الذين دفنوا في الجبانة، منهم لوحة رائعة لشخص يدعى خع بتاح وزوجته موت إم ويا وهما يتعبدان للمعبود أوزيريس رب العالم الآخر. وفي الجزء الأسفل من اللوحة نجد الزوجين وهما جالسان وأمامهما ثلاثة أبناء وثلاث بنات منهم ولد اسمه خع إم واست، وهو على اسم ابن الملك رمسيس الثاني الذي يعتبر أول عالم مصريات في التاريخ وأول مرمم في التاريخ، حيث قام ابن الملك ببناء استراحة له في منطقة أبو صير خصصها لكي يشاهد عظمة الأهرامات. وهناك اسم إحدى بنات خع بتاح وتدعى نفرتاري، وهي اسم أحب ملكة إلى قلب الملك رمسيس الثاني. وقد عثرنا أيضاً على مراكب خشبية بداخلها أطقم البحارة، بالإضافة إلى تماثيل تعرف باسم تماثيل الأوشابتي أي «المجيبة»، وهي تماثيل صغيرة كانت توضع بجوار المتوفى كي تجيب عن الأسئلة التي توجه له في العالم الآخر. كما عثرنا على بلطة كانت تخص أحد قادة الجيش وطلب أن تدفن بلطته التي استخدمها في قتال الأعداء بجواره. كما وجدنا ألعاباً ذهنية كان يلعبها المصري القديم مثل لعبة السنت، وهي لعبة أشبه بالشطرنج حالياً، ولعبة «العشرين مربعاً»، وهي تشابه لعبة الضاما (وسوف أشرح تلك الألعاب في مقالاتي التالية). قمنا بدراسة الفخار الذي عثرنا عليه، والذي يعود بدوره إلى الدولة الحديثة ومنه أوانٍ فخارية من النوبة وأوانٍ جاءت من كريت وأخرى من سوريا وفلسطين وبلاد النهرين. وقد زخرف أحد أوجه آنية بحرف الألف بالكتابة الهيروغليفية. وتدل تلك الأواني على أن الفراعنة كانوا يستوردون الزيوت من تلك البلاد.
ومن بين ما عثرنا عليه إحدى الآبار التي يبلغ عمقها 10 أمتار وبداخلها تابوت من الحجر لم يتم فتحه بعد، وبئر أخرى يصل عمقها إلى نحو 24 متراً ولم نصل إلى حُجرة الدفن حتى الآن، ويتضح أن عمر هذه البئر يرجع للدولة الحديثة، وأنا على أمل العثور على حجرة الدفن كاملة.