توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل يكون لبنان الأحواز الجديدة؟

  مصر اليوم -

هل يكون لبنان الأحواز الجديدة

بقلم : علي شندب

فعلها مصطفى أديب واعتذر. لكن وقع اعتذاره غير المفاجئ والمعلوم مسبقا كان مدويا، حتى أن سقوط شهداء للجيش اللبناني نتيجة إطلاق النار على موقعه في عرمان قرب المنية، ومواجهات الجيش وشعبة المعلومات مع مجموعات لبنانية سورية مسلحة في منطقة وادي خالد شمالي لبنان المحاذية لسوريا والتي انتهت بمقتلة بين المسلحين، لم تخفف من دوي الاعتذار، لكن مؤشراتها وشت وكأن أبواب جهنم قد فتحت.

فالبديل عن تشكيل أديب حكومة اختصاصيين مستقلة عن الأحزاب والتيارات السياسية تتولى بدعم فرنسي إيقاف الانهيار الاقتصادي، هو "الذهاب إلى جهنم" كما صرّح الرئيس ميشال عون.

إنه الاعتذار الناجم عن التعقيدات المفخّخة والمجوّفة للحكومة التي وضعها ثنائي حزب الله وحركة أمل لناحية محاولتهم فرض أعراف جديدة تتمثل بتطويب وزارة المالية لهما، وأيضا في تسمية الوزراء الشيعة وفق الآلية السابقة المعاكسة لمبدأ المداورة الشاملة في الحقائب الوزارية الذي تنادي به ثورة 17 تشرين، ويقتضيه الإصلاح، وهو المبدأ الذي أراده مصطفى أديب، وتمترس خلفه رؤساء الحكومة السابقين، الذين أرادوا من أديب القيام بما لم يقوموا به أثناء توليهم المسؤولية.

اعتذار أديب، أطلق حملة تحميل مسؤوليات واتهامات متبادلة، إزاء إجهاض المبادرة الفرنسية بين طرفي الثنائي الشيعي، ورؤساء الحكومة السابقين. كما أطلق حفلة تكاذب موصوفة من قبل القوى السياسية كافة، حول حرص الجميع على المبادرة الفرنسية. وقد كان لافتا قول مصدر مقرب من ماكرون أن "اعتذار أديب عن تشكيل الحكومة اللبنانية يعني أن الأحزاب السياسية في لبنان ارتكبت خيانة جماعية".

إنها الخيانة التي انقلبت على العهود التي قطعها رؤساء الأحزاب اللبنانية وخصوصا حزب الله وحركة أمل للرئيس الفرنسي في بيروت، والتي كثّف من مرارتها، أنها كشفت حقيقة نفوذ وموقع ومكانة فرنسا التي أرادت توظيف علاقاتها التاريخية في لبنان لتحقيق توازن يردم فجوة تراجعها شرقي المتوسط جراء الاندفاعة التركية.

ورغم إصرار دوائر الإليزيه والمسؤولين اللبنانيين بعد اعتذار أديب، على استمرارية المبادرة الفرنسية، فإن سياقات هذه المبادرة تشي بنوع من السطحية الساذجة في مقاربات الرئيس الفرنسي والديبلوماسية الفرنسية، التي بيّنت وكأن ماكرون من خلال تواصله مع حزب الله والاعتراف بشرعيته السياسية، بدا كمن يقدم رشوة علاقات عامة للحزب الذي يحتاج لضمانات لا تملكها باريس. سيما وأنها قد فشلت ومعها الاتحاد الأوروبي في منع أو تعليق العقوبات الأميركية على إيران وأيضا على ذراعها اللبناني وبالحد الأدنى الالتفاف عليها.

ولهذا كان لا بد لحزب الله من تجويف المبادرة الفرنسية والالتفاف عليها ومحاولة تخصيبها لتمرير الوقت المستقطع حتى تضع الانتخابات الأميركية أوزارها لتتضح ملامح المواجهة أو الصفقة المحتملة بين إيران والولايات المتحدة أو الشيطان الأكبر عند اللزوم.

نجاح حزب الله ومعه حركة أمل في الإطاحة بمشروع حكومة أديب يفتح المشهد السياسي على أزمة حكم ودولة تتلاشى مع أشلاء ضحايا تفجيرات الأمونيوم في مرفأ بيروت، كما ويفتح المشهد على شهية غير مسبوقة من حزب الله على مغادرة مربع قيادة الدولة من الخلف، والقفز إلى موقع القيادة الأمامية مباشرة وليس عبر وكيل يزرعه في قصر بعبدا على غرار ميشال عون.

أهمية اعتذار أديب، أنه ألغى إلى غير رجعة مقولة نصرالله بأنه لا يحكم لبنان ولا يتحكم به عبر الحكومات السابقة. فالسبب الجوهري لعرقلة حزب الله مهمة أديب وإجهاضها، إدراك الحزب الواضح لأول مرة بأن حكومة أديب لن تكون حكومته، ولهذا منع تشكيلها.

كما أن أهمية اعتذار أديب، تكمن في أنها وضعت سقفا لن يكون بمقدور مطلق مرشح لرئاسة الحكومة خفض هذا السقف تحت شعارات باتت لكثرة استخدامها ممجوجة، مثل مصلحة لبنان العليا، وحماية الاستقرار، والحفاظ على السلم الأهلي، وآخرها تجرع السمّ والانتحار السياسي.

ولأن الطريق إلى جهنم تحتاج لحكومة تأخذ اللبنانيين إليها، فإن لحزب الله الذي تأذى من حكومته المستقيلة التي شكلها حسان دياب، والتي فشلت على كل المستويات، خيار تكرار الفشل وإعادة تشكيل حكومة اللون الواحد عبر فائض القوة السياسية لحزب الله الذي يهدد عند تمنع أحد ما تنفيذ مطالبه بـ 7 أيار جديد.

مشكلة اللبنانيين الحقيقية، إدراكهم العميق أنهم باتوا في وطن أسير ومخطوف لصالح الأجندة الإيرانية، التي ينفذها حزب الله ويفرضها على اللبنانيين، حيث تجد شرائح واسعة من الشعب اللبناني نفسها اليوم، أمام احتلال آخر لا يأخذ اللبنانيين إلى جهنم وفق وكيل نصرالله في قصر بعبدا فحسب، وإنما يستجلب جهنم إليهم، في مشهدية يبدو فيها لبنان وكأنه الأحواز الجديدة.

وهي المشهدية التي ضاعف من رمزيتها نصب حزب الله تمثالا لرمز قوة إيران الخارجية (الذي قتلته القوات الأميركية بإشراف الرئيس الأميركي في مطار بغداد) الجنرال قاسم سليماني في بلدة مارون الراس جنوبي لبنان، تزامنا مع تمثال آخر نصبته السلطات الإيرانية لسليماني في الأحواز العربية المحتلة.

وقد عبّرت جموع لبنانية وازنة عن روح مقولة أن "لبنان هو الأحواز الجديدة"، بدليل فقدان أي إمكانية لاستمرار التعايش مع حزب إيران في لبنان. وما اللافتات التي رفعت تطالب بتطبيق القرارات الدولية وأهمها القرار 1559 القاضي بنزع سلاح حزب الله إلا بداية إرهاصات هذه المطالبة التي تقول باستحالة التعايش مع حزب الله الممسك بعنق الدولة ويلويه كيفما يشاء.

وهي المطالبة التي تلقت جرعة دعم جوهرية من الملك سلمان عاهل السعودية في كلمته أمام الأمم المتحدة التي دعا فيها "لنزع سلاح (حزب الله الإرهابي) التابع لإيران لتأمين الأمن والرخاء والاستقرار".

وإن وضع حسن نصرالله الفيتوات المتكررة المعزّزة بالتهديدات الرافضة لإسقاط حكومة دياب كما والمطالبة بإسقاط رئيس الجمهورية وكامل النظام إلا تعبيرا عن المختنق الذي وضع حزب الله اللبنانيين فيه.

وهو المختنق الذي أخذ يشتد على خناق الحزب بدليل اتساع مساحة الرافضين لتسلطه على اللبنانيين وتهديد حياتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، كما وارتهانهم لأجندات إيران، ما سمح بارتفاع وتيرة الإحساس لدى اللبنانيين أنهم فعليا تحت قيد الاحتلال والوصاية الإيرانية، وهي الوتيرة التي تقول بأن سنة المقاومة تفرض نفسها أمام أي احتلال.

إنها المقاومة المترسخة في الوجدان الجمعي لدى اللبنانيين سواء في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ثم في مواجهة الوصاية السورية، واليوم في مواجهة المعضلة الأكبر المتمثلة بالوصاية والاحتلال الإيراني الذي يدخل بين اللحم والأظفر مستخدما لتنفيذ مشروعه شريحة لبنانية موالية لإيران، ومنساقة في مشروعها التغولي والتوغلي ضد البلاد العربية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يكون لبنان الأحواز الجديدة هل يكون لبنان الأحواز الجديدة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon