توقيت القاهرة المحلي 19:22:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ريفي يخسر معركة جعجع - كرامي اللبنانية

  مصر اليوم -

ريفي يخسر معركة جعجع  كرامي اللبنانية

بقلم : علي شندب

رغم أن قرار المجلس الدستوري بتثبيت نيابة فيصل كرامي لم يكن مفاجئاً، فقد بدا هذا القرار القضائي أشبه بانفجار غير منزوع الصواعق. ولا سيّما أنّه الحكم المبرم غير القابل للطعن والمتشابه في دويّه مع الحكم المبرم بالسجن المؤبد الذي أصدره المجلس العدلي مديناً سمير جعجع لاغتياله الرئيس الشهيد رشيد كرامي، والذي خرج من السجن بعفو خاص فصّل على مقاسه. ضمن إطار هذا السياق المفصلي والأساسي ينبغي النظر لعودة كرامي الى المجلس النيابي مرفوقاً بالنائب عن المقعد العلوي في طرابلس الدكتور حيدر ناصر.

ربما يستغرب البعض وضع هذا السياق السياسي العميق والنافر لعودة كرامي الى سدّة تمثيل طرابلس في المجلس النيابي. وإذ نستغرب إستغراب المستغربين، فلأنّنا استغربنا تحويل البعض إغتيال رشيد كرامي الى ورقة انتخابية رخيصة تكسّباً لأصوات اشتُري الكثير منها بالمال، كما ولأنّ بعض من يعتنقون مقولة الغاية تبرّر الوسيلة، لجأوا الى التحالف مع قاتل كرامي، ولكي يسبغوا على فعلتهم مسوح «السيادة والوطنية» عمدوا الى تبرئة «القديس» جعجع من دمّ رشيد كرامي، على غرار ما فعله وزير العدل والمدير السابق لقوى الأمن الداخلي النائب أشرف ريفي تبريراً لتحالفه مع القوات اللبنانية.
وإذا كان كل شيء مباح في الحرب والحب، فالمعارك الانتخابية التي خيضت في لبنان منزوعة القيم والضوابط السياسية والإعلانية والإعلامية، لمصلحة استخدام الأسلحة المتاحة وغير المباحة لشدّ عصب المؤيدين هنا، وتوهين صفوف وجبهة الخصوم هناك، لكن ما حصل في انتخابات طرابلس مفاجئ حتى لمنظومة اللاقيم.
ربما كان مفهوماً أن يتحالف أشرف ريفي مع القوات اللبنانية فهذا بالنهاية خياره السياسي والانتخابي، ولكن ما ليس مقبولاً من رجل الدولة أشرف ريفي أن يسدّد للقضاء العدلي الذي كان وزيره يوماً طعنة نجلاء، فيبرئ بنزوة سيادية مكثّفة قاتل رشيد كرامي زعيم طرابلس ورئيس حكومة لبنان من دمه بحجة «مواجهة حزب الله»، أي كمن يبول في ثوبه، نكاية بالطهارة.
ربما كان على اللواء ريفي ألّا يعدم الوسيلة التي تجعله لا يقع في فخ المفاضلة بين الدويلة الحالية والدويلة السابقة المدانتين وللمفارقة باغتيال رئيسي وزراء لبنان رشيد كرامي ورفيق الحريري. وكم كان جدير بالوزير ريفي وسلفه القيادي القواتي إبراهيم نجار بعد أن باتت وزارة العدل بيدهم إقناع جعجع بطلب إعادة محاكمته باغتيال رشيد كرامي الذي لطالما أعلن ورثته قبولهم المسبق بحكم محكمة الإعادة التي لم تُعاد لأنّ القاتل يعرف أنه مذنب.
وحتى لا تبقى ذاكرة البعض مثقوبة، لا بدّ من تذكيرهم بالحملة الإعلامية التحريضية المكثّفة التي نظمتها القوات ضد رشيد كرامي قبل أسابيع من اغتياله بشهادة «لافتات القتل» التي غطّت شوارع بيروت الشرقية موقعة باسم القوات، وقد كتب عليها «إعرف عدوّك.. السوري عدوك.. اقتل السوري عدوك.. السوري رشيد كرامي عدوك».
إنصافاً للحقيقة، ونتيجة الأحداث الأليمة التي شهدتها طرابلس وباب التبانة خاصة على يد القوات السورية وحلفائها، فقد كانت شعبية رشيد كرامي غير المستندة على «ميليشيا مسلحة» متدنية جداً، ما شجّع القاتل وعزّز تقديراته وحساباته بأنّ جنازة كرامي ستكون هزيلة، بل إن اغتياله سيكون محل ترحيب الطرابلسيين خاصة واللبنانيين عامة. لكن بشاعة الإغتيال الآثم وفي مروحية للجيش اللبناني قلبت السحر على الساحر، وفضحت القاتل وأوقعته في شرّ أعماله، وتحوّلت شوارع طرابلس وساحاتها الى ميدان غير مسبوق للتشييع قبل وصول الجنازة من «حالات حتماً».
وعلى طريقة فبركة شهود الزور في قضية إغتيال رفيق الحريري، تتم فبركة تبرئة سمير جعجع من دمّ رشيد كرامي. والحقيقة أن غالبية رموز الطائفة السُنّيّة في لبنان «محامون فاشلون لقضايا عادلة».
قبل تجرؤ ريفي على تبرئة جعجع من دمّ كرامي، لم تتوقع طرابلس يوماً أن يُقدم أحد أبنائها وزير العدل السابق على فعلته هذه ويجرح وجدان جمعي طرابلسي ولبناني كبير. لم تتوقع لأنّها كانت تتلمس في الرجل صدقه وصراحته وجرأته وعفويته في الكثير من المواقف التي تحتاجها، لكن هل يعني صدق الرجل بالضرورة، أن كل مواقفه صادقة وصحيحة؟
ربما كان على ريفي الذي لطالما قرأ الفاتحة على ضريح الحريري أن يتنبّه لخطباء 14 آذار في ساحة الشهداء وكيف عدّدوا كل بمفرده «جرائم وضحايا» النظام السوري من كمال جنبلاط الى.. حسن خالد، لكن أحد منهم لم يذكر اسم رشيد كرامي، باستثناء النائب السابق أسعد هرموش الذي ولتبرير موقفه ووقوفه ممثلاً للجماعة الإسلامية على منبر واحد مع جعجع، وجّه التحية للشهيد رشيد كرامي ودون أن يتهم سوريا باغتياله.

ونحن إذ نميّز بين قضية اغتيال رشيد كرامي وبين أداء ورثته (الذين للمناسبة لم يثبت على يدهم نقطة دمّ فضلاً عن شبهة فساد) وتموضعهم السياسي، وخطهم العروبي الذي لطالما امتازت به طرابلس قبل أن تُخترق بهذا الشكل الفاضح، ويتحوّل أحد متنفذيها الى «كوبري» لتعبر القوات اللبنانية عليه. كوبري كاد يتسبّب بفتنة خلال الانتخابات جرّاء تعليق صورة لجعجع من قبل أحد المحقونين بـ «إبر السيادة المخدرة» على بعد أمتار من ضريح رشيد كرامي في باب الرمل.
ربما، تعيّن على ريفي الذي خسر فرصته في الجلوس على كرسي رشيد كرامي، العمل على إقناع صديقه وحليفه جعجع بالاعتذار الواضح عن اغتياله لرشيد كرامي كبوابة عالية للمصالحة الوطنية، بدل اندفاعته المتهورة في تبرئته وتسجيله السابقة التي سينسج على منوالها نسّاجو الحرير والسجّاد.
عبر هذا السياق ينبغي النظر الى أبعاد وتداعيات عودة فيصل كرامي كأبرز حيثية سُنّيّة متقدمة في المجلس النيابي، وقد دشّن عودته بالقول «يدنا ممدودة للجميع باستثناء القوات اللبنانية».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ريفي يخسر معركة جعجع  كرامي اللبنانية ريفي يخسر معركة جعجع  كرامي اللبنانية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon