توقيت القاهرة المحلي 07:53:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نجيب محفوظ.. من الرمز إلى المنصة

  مصر اليوم -

نجيب محفوظ من الرمز إلى المنصة

بقلم: د. محمود خليل

أول ما يلفت نظر القارئ فى رواية «أولاد حارتنا» للعالمى نجيب محفوظ هو اعتماده على الرمز، خلافاً لرواياته التى سبقت ثورة يوليو 1952، والتى غلب عليها رسم صورة دقيقة للمجتمع المصرى وتحولاته، وأنماط استجابته للأحداث المختلفة التى يشهدها. ثلاثية نجيب محفوظ أبرز مثال على هذا التوجه فى الكتابة.

آثر «محفوظ» الابتعاد عن «المباشرة» التى تعوَّد عليها وهو يرصد حركة المجتمع بعد ثورة يوليو، ولجأ إلى الرمز، واستدعى صراع البشر من أجل الحياة العادلة، منذ آدم عليه السلام وحتى عصر العلم والمعرفة. وكان العدل الذى تبحث عنه الشخصيات الإصلاحية داخل «أولاد حارتنا» متناغماً مع الرؤية الاجتماعية لنجيب محفوظ للحارة (المجتمع) التى سادها الظلم، وسحق الضعفاء.

وتستطيع أن تجد تفصيلاً أكبر لدفاع نجيب محفوظ عن الفقراء وهم يصارعون الحياة من أجل «لقمة العيش» فى ملحمة «الحرافيش» التى تنتهى بصرخة «عاشور الصغير» -البطل العاشر من أبطال الملحمة- وهو يعظ الحرافيش بأن الكرامة هى أساس العيش.

صورة رمزية أخرى لواقع الحياة فى مصر رسمها «محفوظ» فى رواية «ثرثرة فوق النيل» (1966). وهى تعرض لمجموعة من الشخصيات التى قررت الهروب من الواقع عبر الدخول فى «غيبوبة الحشيش». ولو أنك فتشت فى سطور الرواية عن الأسباب التى دفعت أبطالها إلى ذلك فستجد أنها تتحلق حول فكرة «الإحساس بالفشل» المغروس فى نفوس الجميع، رغم ما يتمتعون به من نجاح ظاهرى.

فهناك الناقد الحائر بين جذوره المحافظة فى الريف والحياة التى يعيشها فى القاهرة، والموظف الذى يلعن الوظيفة التى يعبد أصحابها «إله الأقدمية» ويأمل كل موظف منهم أن يزيح من يسبقه من طريقه حتى يتمكن من الولوج إلى جنة «الترقية» أو الحصول على «حافز». والفنان الشهير الذى تنغص وظيفة أبيه «الحلاق» ما وصل إليه من مجد عبر ما يقدمه من أعمال تافهة، والصحفية التى تبحث عن فكرة لمسرحية جديدة قررت كتابتها.

ظلت شخوص الرواية على إدمانها للهروب من الواقع حتى واجهت لحظة حقيقة، حين دهست سيارتهم إحدى الفلاحات فى الطريق إلى «سقارة». حاول بعضهم -كما تعود- الهروب من الجريمة التى شاركوا فى ارتكابها، لكن الحدث هذه المرة كان مزلزلاً، ولم يكن من السهولة بمكان القفز عليه بالتحليق مع دخان الحشيش المتصاعد. الهروب أصبح جريمة أكبر وأخطر من جريمة القتل، وحانت لحظة المواجهة. الحكى داخل الرواية كان يؤشر -بصورة رمزية- إلى النكسة التى واجهتها مصر عام 1967.

عاد نجيب محفوظ إلى التعبير المباشر عن أوجاع المجتمع المصرى وحركته أوائل السبعينات. يمكنك أن تستدل على ذلك من رواية «الحب تحت المطر» التى صدرت عام 1973، وعالجت نكسة 1967 وما فعلته بالمجتمع المصرى بصورة مباشرة، وكيف أن الجميع سقط فى اللحظة التى تمكن فيها العدو من النيل من البلاد واحتلال أرضها.

أيضاً تتحقق هذه العودة فى الرواية القصيرة «يوم قتل الزعيم» والتى تحكى عن مصر السبعينات وما مرت به من تحديات، بدءاً من الصراع على الحكم عام 1971 (قضية مراكز القوى)، وحرب التحرير فى 6 أكتوبر 1973، ثم الانفتاح الاقتصادى بدءاً من عام 1974، ثم انتفاضة يناير الشهيرة 1977، وانتهاء باستشهاد السادات فى حادث المنصة 1981.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نجيب محفوظ من الرمز إلى المنصة نجيب محفوظ من الرمز إلى المنصة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 14:35 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يعلن سلبية مسحة كورونا استعدادًا لمواجهة المقاصة

GMT 01:05 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الزمالك يقبل هدية الأهلي لتأمين الوصافة ويُطيح بحرس الحدود

GMT 15:44 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يبحث عن مدافعين لتدعيم صفوفه في الميركاتو الصيفي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الإثنين 12 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon