بقلم : عماد الدين أديب
فى صلاة الجماعة بالمسجد يهتف الإمام ناصحاً المصلين: «استقيموا يرحمكم الله»، وفى حياتنا السياسية المعاصرة وفى ظل عالم عربى ملىء بالمطالب والمظالم والأوجاع الاجتماعية لملايين الكادحين المهمَّشين المحرومين، نقول لبعض أصحاب السلطات: «استقيلوا يرحمكم الله».
إذا كانت الاستقامة المالية والإدارية مستحيلة، فالاستقالة الآن ممكنة، بل واجبة.
من النادر فى هذا الزمن الصعب أن نجد مسئولاً يختار -طواعية- احتراماً منه لنفسه أو تكفيراً عن أخطائه وخطاياه أن يتقدم بالاستقالة من المنصب العام تاركاً الفرصة لمن هو أكثر كفاءة ونزاهة لخدمة الناس.
لا أحد يستقيل فى عالمنا العربى إلا مرغماً أو مُقالاً من قِبل سلطة أعلى، أو تحت ضغط شعبى جماهيرى يهتف مطالباً بسقوطه.
بعض الساسة يشعرون، بل يؤمنون إيماناً مطلقاً بأن المنصب العام هو إرث خاص لا يتركونه إلا إذا غلبهم ملك الموت، أى من مقعد المنصب إلى القبر!
يجب أن يدرك المسئول الذى يتولى أى منصب عام أن هذا المنصب هو خدمة عامة، وأنه حينما يتلقَّى راتبه ويحصل على امتيازاته المختلفة فهو فى الحقيقة يتقاضاها من مال الشعب.
إذا أدرك الموظف العام أن صاحب عمله هو الناس، وأنه يعمل لدى «مالك وحيد» هو الشعب، فإن أسلوب تعامل بعض المسئولين سوف يتغير بشكل جذرى.
وعلى هؤلاء أن يدركوا أنهم لا يمنّون على المواطنين حينما يحققون مطالبهم، لأن مطالب الجماهير هى فى الحقيقة حقوق واجبة.
المأساة الكبرى أن شعوباً بأكملها تدفع ثمناً باهظاً من الانهيار الاقتصادى والحروب الأهلية الدموية، أو تتعرض للغزو الخارجى، بسبب إصرار سلطة مستبدة ترفض أن تترك مقاعدها مهما كان الثمن.
حينما تصبح مصلحة المسئول الشخصية الذاتية أكبر من مصلحة ملايين المواطنين، تصبح حالة العباد والبلاد متفجرة لا محالة.
باختصار.. إذا لم يستطِع المسئول التحلى بالاستقامة، فليكن خيار الحد الأدنى هو الاستقالة!
وقد يهمك أيضًا:
الاستعباد من أجل الفساد!
طلبة المدارس يحكمون المستقبل