بقلم - د. محمود خليل
يُرجف البعض بأن النبى تزوج عائشة وهى صبية صغيرة لا يزيد عمرها على 7 سنوات، فى حين كان، صلى الله عليه وسلم، قد تجاوز الخمسين من عمره.
بداية لا يستطيع المتتبع المتأنى لموضوع زواج النبى بعائشة أن يسلم بما جاء فى كتب التراث عن زواجه منها وهى ابنة 7 سنين، أو حتى ما قيل إنه خطبها وهى فى هذه السن، ومكثت فى بيت أبيها حتى بلغت 9 سنوات، ثم تزوجها. أرجح الظن أن عائشة كانت تزيد فى العمر على ذلك، وربما كانت سنها فى ذلك الوقت 16 عاماً، وذلك لسببين:السبب الأول أن عائشة كانت مخطوبة قبل النبى لجبير بن مطعم.
وتحكى كتب التراث أن خولة بنت حكيم حين ذهبت إلى أم عائشة «أم رومان» لتخطبها للنبى ردّت عليها الأخيرة بأن أبا بكر وعد بها مطعم بن عدى ليزوجها لولده «جبير»، والكلام يعنى أنها كانت مخطوبة لجبير، وإذا قبلنا برواية أن النبى خطب عائشة وهى ابنة 7 سنوات، فعلينا أن نُسلم بأنها خُطبت لجبير وهى ابنة 5 سنوات، وهو ما لا يقبله عقل ولا منطق.السبب الثانى هو عمر شقيقتها أسماء بنت أبى بكر.
فأسماء هى الابنة الكبرى لأبى بكر وقد وُلدت (عام 595 ميلادية) أى قبل مولد عائشة (عام 604 م) بنحو 9 سنوات، وتقول الروايات إن أسماء كان عمرها 100 عام حين توفيت عام 73 هجرية، مما يعنى أن عمرها حين هاجرت إلى المدينة -وقت زواج الرسول من عائشة- نحو 25 عاماً، بفارق زمنى 9 سنوات عن عائشة التى يُرجّح أن عمرها وقتذاك كان 16 سنة.
ومن الواضح أن سن زواج الفتيات داخل المجتمع المكى كان يبدأ فور البلوغ، يعنى من سن الـ14 عاماً، ولم يكن لفارق السن ما بين الزوج والزوجة (أياً كان لصالح من) قيمة ما بين المكيين أو العرب عموماً.
فقد تزوج النبى، صلى الله عليه وسلم، من خديجة وهى تكبره فى العمر. وخطب أبوبكر الصديق فاطمة بنت النبى، وهى دون الـ18 عاماً من عمرها، رغم أنه كان أصغر من النبى بعامين فقط، وخطبها أيضاً عمر بن الخطاب الذى كان يقل عن النبى فى العمر 14 عاماً.
وأرجح الظن أن فاطمة، رضى الله عنها، حين خطبها أبوبكر وعمر، كانت فى عمر يقل حينذاك عن الـ18 سنة، وهى السن التى تزوجها فيها على بن أبى طالب، كرم الله وجهه.
نخلص مما سبق إلى أن الأرجح أن النبى تزوج عائشة، رضى الله عنها، وهى فى سن الـ16 سنة، أو أقل من ذلك بأشهر أو سنتين على الأكثر، وهو صلى الله عليه وسلم، لم يأتِ بدعاً أو عجباً عما كان شائعاً فى المجتمع المكى وقتها.