توقيت القاهرة المحلي 23:03:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ابنة محمود درويش

  مصر اليوم -

ابنة محمود درويش

بقلم: سمير عطا الله

أيهما أكثر أهمية: أنه كان لمحمود درويش ابنة من امرأة متزوجة لم يعرف بها أحد، أم أن محمود درويش كان الشاعر الذي به عُرِفت قصيدة فلسطين؟ وأيهما أكثر أهمية: أن محمود درويش كان سريع الملل من النساء، أم أن شعره كان يزداد روعة قصيدة بعد أخرى؟ وهل الأهم في ديوان الأدب أن محمود تزوج وطلق وهام وتاه وطفق ومضى، أم أنه صاحب الأنشودة المعنونة بـ«أحد عشر كوكبًا»؟
هناك زوبعة أدبية هذه الأيام أثارها الشاعر سليم بركات بادعائه أن محمود درويش كان يعده «ابنه»، وأنه كانت له ابنة لم يهتم بها.
أما الادعاء الأول، أي الأبوة، فلا يشبه محمود. ليس مستحيلاً، لكنه لا يشبهه. تعابير مثل «الأبوة» ليست في لغة محمود درويش. التبني الأدبي عجرفة لا يقْرُبها. وكان يمكن أن يقول في سليم بركات، أو في شعره، أي شيء. فقد كان حانياً عطوفاً عالي المشاعر، لكن «الأبوة» كانت خارج بساطته. لذلك هرب منها في الواقع وفي الرمز. وأما الادّعاء الثاني، فلو كانت له ابنة لوقف عند بابها حتى وفاته، ولكان غمرها بالعطف والمساندة، ولكانت ظهرت في كل بيت من شعره.
سليم بركات حرّ في تخيّل نسب الأبوة الأدبية. إنه أمر إنساني محتمل، مهما استبعدناه في قاموس محمود. ففي لحظة ما، كان يمكن للشاعر أن يرقّ إلى الأديب الناشئ المصرّ على مظهر التشرد والصعلكة، فيقرر أن يسبغ عليه الأبوة الرمزية.
أما أن يتنكر محمود للأبوة الحقيقية، مهما كان بوهيمياً، فلماذا لم يعترف بهذا السر إلا لسليم بركات؟ هناك أصدقاء كثيرون وصديقات كانوا في حميميات محمود واعترافاته وبوحه، فلماذا لم يفرِّج هذا السر عن صدره أمام أحد منهم؟
لا نريد بعد كل هذا أن ننفي عن محمود درويش الصفة البشرية. كان شاعراً عظيماً وإنساناً ضعيفاً سريع العطب سريع التأثر سريع الهرب مما هو فيه. صفات الشعراء جميعاً، لكنها مجسّمة أكثر فيه، وفي صراحته ووضوحه مثل مصباح شديد النقاء.
عندما يكتب الأدباء مذكراتهم متأخرين، يميلون غالباً للإضافة إلى مراتبهم، ويضخمون الماضي لكي يصبح أكثر إثارة وأهمية. لكن في الشعر وفي الأدب لم يكن لمحمود أصدقاء أو زملاء. لم يكن يدخل في مشاحنات ومبارزات في العلن، لكنه كان ضمناً لا يكن كثيراً من الإعجاب للشعراء العرب. وعند الاضطرار، كان يلجأ إلى تعابير مبهمة مؤدبة لا تلزمه في شيء.
داخل الثوري البطل رجل القضية، كان في محمود عاشق ضعيف، عاشق يخاف دائماً أن المرأة التي تطارده تخونه مع سواه. أما هو، فبدل أن يخونها، كان يقول لها: «لقد أصبحت أشعر نحوكِ بحب أخوي».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ابنة محمود درويش ابنة محمود درويش



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon