بقلم: حسين شبكشي
هل هناك نظام عالمي جديد يجري تشكيله هذه الأيام؟ نظام قد يكون هو البديل للنظام الناشئ من سقوط جدار برلين. أهم ملامح هذا المشهد هو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المعروف بـ«بريكست»، وهي المسألة التي التقطتها مبكراً مراكز صناعة القرار في الجامعات البريطانية الكبرى، وبدأت «تمهد» للرأي العام البريطاني بالتركيز على أضرار البقاء في السوق الأوروبية على بريطانيا، ومزايا الخروج منها، وركزت بشكل أساسي على تبعات الأزمة المالية العالمية على أوروبا مقارنةً بأميركا التي خرجت منها بشكل أسرع، أما أوروبا فاستمرت تداعياتها لليوم نتيجة التعقيدات البيروقراطية وتضارب السياسة المالية مع النقدية، وهي مسألة أصابت اقتصاد بريطانيا القوي بالضرر نتاج التبعية لسوق أوروبا الضعيف.
والمسألة الثانية التي نبهت إليها مراكز صناعة القرار في الجامعات البريطانية، كانت الأضرار الهائلة التي تسببت فيها هجرة الأيدي العاملة الأوروبية للسوق البريطانية والتي أسهمت في ارتفاع نسبة البطالة في بريطانيا.
أميركا اليوم تراهن على نفسها مجدداً وعلى قدرتها على إقناع حليفتها «الأهم» لتكون لها الشريك الاقتصادي الأول كبديل أهم من السوق الأوروبية، وقد يكون ذلك «جزرة» لإغراء دول أخرى بالقيام بنفس الخطوة الجريئة.
أيضاً ملامح النظام الجديد الذي يتشكل تلقي بظلالها على الحراك الشعبي الثوري الهائل في لبنان. فما حصل من انسحاب أميركي من شمال سوريا، وإلقاء «الأقلية» الكردية إلى التهلكة في مواجهة العدوان العسكري التركي، كان له أثره العظيم على موقف كتلة وليد جنبلاط وعدم اتخاذها موقفاً حاسماً من مسألة الاستقالة من الحكومة، فهو يخشى «هجوماً» عليه وعلى طائفته لا يلقى حماية «تاريخية» له، والتشنج الذي ظهر عليه زعم تنظيم «حزب الله» الإرهابي حسن نصر الله هو لإحساسه أنه هو «شخصياً» قد يكون «ثمناً» في صفقة إقليمية جديدة يتم الإعداد لها تعيد ترتيب أوراق المنطقة بدخول روسي على الدول الملتهبة في الشرق الأوسط بعد الانسحاب الأميركي، وروسيا بوتين لا ترغب في منافسين لها في إدارة شؤون المنطقة، إضافة إلى حساسية بوتين الشخصية وعدم ارتياحه ولا اطمئنانه إلى المجاميع الأصولية الإسلامية المسلحة من تجارب سابقة له، ولذلك جاء رد حسن نصر الله مرتبكاً وخائفاً وقلقاً جداً.
ملامح النظام العالمي الجديد لم تكتمل بعد وهناك فصول تتكون في مواقع مختلفة حول العالم لذلك. حتى إسرائيل في داخلها حوار قلق وغير مسبوق، له علاقة بالانسحاب الأميركي من المنطقة ككل وانعكاس ذلك على العلاقة بإسرائيل وجدية استمرارية عهد وحلف حمايتها.
أميركا تركز مواردها وتدعو حلفاءها للتركيز على المهمة الأولى لها، وهي مواجهة الصين، وهذا سيكون على حساب كل شيء آخر.