توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إنها المؤامرة مرة أخرى!!

  مصر اليوم -

إنها المؤامرة مرة أخرى

بقلم: خولة مطر

تطاردهم المؤامرة بتعدد نظرياتها، تبقى هى ما نعلق عليه كل خيباتنا وإخفاقاتنا. هل تتذكرون أولئك الطلاب العرب عندما ارتحلوا للدراسة فى جامعات أمريكا وأوروبا، وفى كل مرة يسقطون فى الامتحان يكون الجواب الجاهز هو أن المدرس يكره العرب أو أنه صهيونى يتآمر على الطلاب العرب فيسقطهم ليبقوا كلهم شعوبا بالملايين جاهلة، تتعثر فى أيامها، وترضى بعمل بسيط ضمن أكبر مشغل فى الدول العربية حتى الآن ألا وهى الحكومة.
***
يجوع الناس ويبحثون عن كرامة لهم فى أوطانهم، يتحملون ويعودون للأمثال عن الصبر وهى كثيرة فى تراث كله يعتمد على القدريات والطاعة. تطول أيامهم فى زحمة مواصلات عامة مهترئة أو مكتظة ويجدون أن حياتهم تقضى فى طوابير بل كلها هكذا للحصول على الرغيف الذى هو ملك كثير من الموائد العربية.. أما اللحمة والسمك فقد أصبحت من غذاء يومى إلى وجبة احتفالية. وعندما يكثر الجوع وتداس الكرامة ينتفض بعضهم أو من طفح بهم الكيل وأصبح لا معنى للحياة لديهم. تخرج الجيوش من جحورها ورتابتها إلى الشوارع يواجه العزل بالدبابات التى من المفترض أنها على الحدود تحمى تراب الوطن وأرضه.. يعرف الجندى الفقير أصلا أن هؤلاء إخوته يلتحمون حتى تلتقى الأعين الدامعة وهنا يصرخ أحدهم وتبدأ الماكينة الإعلامية فى ترديد «إنها المؤامرة»، كل الدول تتآمر علينا حتى تلك التى تسيطر على حكومات هذه الدول وتزودها بالسلاح الذى لا عازة له إلا عندما ينتفض الجياع ويثورون للاحتفاظ ببعض ما تبقى لهم من آدمية.
***
إنها المؤامرة يصرخ المذيع، ذاك الذى تسلق طويلا على أكتاف الأنظمة المختلفة «عاش الملك مات الملك» هو مع الواقف كما يقول المثل الشعبى، ولا يخجل بأن الزمن قد تحول وكل شيء يوفره «الصديق غوغل» بكبسة زر فيخرج هو بمواقف متناقضة حد الضحك.. هو وغيره حولوا الإعلام العربى إلى صراخ وصراع ديكة حتى احتقر العربى نفسه عندما يراها فى مرآة شديده الابتذال.. هم «حملة اختام» زمن التكنولوجيا المتطورة والانترنت السريع.. يرددون أنها المؤامرة فدولة المصونة «فسادستان» العيون عليها وتطاردها أساطير الطامعين ومؤامراتهم حتى اتهم الفيسبوك بأنه محرك الثورات عبر «نكزة» من تلك الأنظمة المتآمرة دوما علينا، رغم أننا نشرب نخب صداقتنا القوية معها!!
***
يضيع المواطن العادى بين الخطاب الذى يبدو متناقضا ولكنه فى الكثير من الأحيان قد تعلم أن يصدق الوالى حتى لو كذب علنا ربما خوفا من القادم ربما توجسا من الآخر ربما لأنه لم يكبر إلا بين نظرية المؤامرة المستمرة. هناك مؤامرة على الوالى فهو قد خلقه الإله ولم تنجب الأمهات فى بقاع الأرض مثيلا له!! وأخرى على منابع النفط أو الثروات المكدسة فى «كروش» الطبقات الصغيرة المتربعة فوق سحابة بعيدة تتطلع للملايين الباقين تحت هناك على أرض لا ترحم، يكررون هؤلاء لا يستحقون سوى هذه الحياة!! وعندما يطفح الكيل بتلك الطبقات يقولون: هم حاقدون وقد حرضهم الاستعمار القديم ــ الجديد.. «إنها مؤامرة أخرى» غيرة من استقرار بلداننا والرخاء الذى يعيش فيه المواطنون أو بعضهم أو أقل أقلهم. ولم لا إلا يقول المثل «البقاء للأقوى» أو ربما للأكثر فساد!!
***
المؤامرة تستمر وتتعدى ذلك، بل تصل إلى الحياة اليومية فى مكان العمل هناك مؤامرة على العامل أو العاملة الكسول، موظفون هم تحت مظلة البطالة المقنعة ولكنهم لا يزالون يعتقدون بأن هناك مؤامرة عليهم حتى تأتى الإنذارات واحدة تلو الأخرى على تقصيرهم فى العمل.
***
المؤامرة ليست حكرا على الوالى وحاشيته بل هى مرض يمتد ليغطى على عيون الشخص أو المؤسسة أو الحكومة أو الدولة.. كل ما كثر الضعف وقل العمل والإبداع والابتكار كان من الأسهل أن يلقى اللوم على أولئك المتآمرين عليهم، علينا، على بلداننا، على شعوبنا.
***
ولكنها الأكثر وضوحا والأكثر استهلاكا عندما تدعى حكومات لا تعرف هموم مواطنيها اليومية وتتفاجأ أن هناك من لا يعرف «السمون فيميه» أو «الكافيار» كما مارى انطوانيت، فلذلك عندما يخرجون إلى الشوارع فاتحين صدورهم لرصاص قادم يخترق العين أو القلب فيسقطوا، هم شباب تعب من البطالة كثيرا وطوابير العاطلين والعربات الفارهة تمر مسرعة لا تراهم ولا وجوههم الشاحبة، فهم كما حجر الرصيف لا مكان لهم فى هذه الأوطان إلا «كمالة عدد».. لا تصرخ ــ يقول ذاك، وإلا كانت صرخة قد صنعت فى تلك العاصمة البعيدة التى تكره للوالى وأسرته نوم الهناء فوق المفارش الحريرة المزركشة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنها المؤامرة مرة أخرى إنها المؤامرة مرة أخرى



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon