توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحكمة الغائبة

  مصر اليوم -

الحكمة الغائبة

بقلم: حسين شبكشي

التاريخ يعيد نفسه. قيلت هذه الكلمات كثيراً من قبل، وستكرر كثيراً من بعد. ودورس وعبر التاريخ لا يعيها إلا الحكماء ومن كان على بصيرة.
إيفو موراليس، رئيس بوليفيا المنتخب ديمقراطياً، الذي كان محبوباً شعبياً، إلا أن مظاهرات عارمة ومهولة خرجت تطالب برحليه، فما كان منه إلا الاستجابة والرحيل من بلاده، دون إراقة قطرة دم واحدة من شعبه. هكذا هم يحترمون شعوبهم وأنفسهم. في اليوم نفسه، كان الرئيس اللبناني ميشال عون في لقاء تلفزيوني يرفع صوته على شعبه الذي ثار عليه وعلى عهده، بقوله: «إذا ما عاجبكم عهدي... هاجروا»، وقبله بيومين كان الرئيس السوري، الذي شرد شعبه وقتله وسجنه يقول بحق من ثار عليه: «إنهم كانوا يقبضون 50 دولاراً للتظاهر».
واضح أن الحكمة غائبة عن معالجة الوضع اللبناني، وأن المسؤولين لم يتعظوا من المشاهد التي حصلت حولهم. وليست صدفة سقوط قتيل بعد خطاب الرئيس اللبناني، إنها على ما يبدو مقدمة سيئة لما هو آتٍ.
هل الجنرال ومن حوله ومن يدعمونه «مغيبون» و«منكرون» لما يحصل لهذه الدرجة؟! المفردات نفسها يعاد استخدامها مجدداً، اتهام الشعب بأنهم أدوات في أيادي منظمات مريبة تقوم بمؤامرات خبيثة. «الخلطة» التي وافق عليها ميشال عون لأجل وصوله للحكم، هي السبب في وصول حال لبنان إلى الوضع الذي هو عليه اليوم. وإصراره على الإبقاء على هذه التحالف هو ضمانة الوصول بالبلاد إلى الهاوية. تحالف بين دولة مدنية تتسع لكمّ مهول من الطوائف مع ميليشيات إرهابية خارجة عن القانون بتعريف المجتمع الدولي، يدين زعيمها بالولاء لدولة أخرى.
هذه خلطة محكوم عليها بالفشل، وبقليل من تبيان وتذكير لبعض المحطات، تتضح الصورة بشكل أكبر. في عام 2010 طلبت إيران من الحريري وضغطت عليه لفتح النظام المصرفي لإيران، رفض رفيق الحريري ذلك لخطورته، وكان الثمن الذي دفعه هو إسقاط حكومته. بعد ذلك جاءت سلسلة من العقوبات المصرفية، وتم إغلاق مجموعة مهمة من الحسابات المصرفية المحسوبة على تنظيم «حزب الله»، حصل بعدها أن انفجرت عبوة ناسفة استهدفت أحد أكبر البنوك اللبنانية، في رسالة مؤثرة كدليل على الاحتجاج على القرارات.
في شهر أغسطس (آب) الماضي، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات عنيفة على مصرف «جمال ترست» والمجموعة التابعة له بتهمة تسهيل تمويل عمليات تنظيم «حزب الله» الإرهابي، وخصوصاً الصادرة من غرب أفريقيا. وفي الشهور الماضية «جفّ» الدولار الأميركي من السوق اللبنانية بشكل غير مسبوق، بعد أن تبين أن شبكة من الصرافين قامت بتهريب 7.2 مليار دولار إلى النظام السوري لدعم الليرة السورية في الداخل، وهو الذي أدى إلى تدهور الأوضاع المالية، وزيادة القلق بين الناس في لبنان، وساهم في تدهور وضع الليرة اللبنانية. وأثّر هذا المناخ المضطرب على سياسات مصرف لبنان، وبدأ في تضييق مساحة السحب الممنوح من أجهزة الصراف الآلي والحسابات المصرفية، خوفاً من تزايد الأمر وخروجه عن السيطرة الممكنة، وهذا ساهم في وقف نزف الدولار إلى «حزب الله» والنظام في سوريا.
هذه عينة من الأضرار التي تسبب فيها حامي عهد الرئيس ميشال عون، وسبب الكوارث على لبنان. لكنْ غابت الحكمة، ولا أبلغ من تعليق صديق لبناني على حوار الرئيس ميشال عون الأخير، عندما قال لي: «للأسف الحكمة الوحيدة الموجودة في لبنان هي نادي كرة السلة».

وقد يهمك أيضًا:

نظام عالمي جديد؟

إنها حقبة بوتين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحكمة الغائبة الحكمة الغائبة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon