توقيت القاهرة المحلي 16:47:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نتنياهو يتدلل

  مصر اليوم -

نتنياهو يتدلل

بقلم-نبيل عمرو

للمرة المائة يعلن الرئيس محمود عباس، إما مباشرة وإما على لسان الناطقين باسمه، أنه جاهز للقاء بنيامين نتنياهو في موسكو، تلبية لدعوة قديمة إلا أنها لا تزال قائمة، من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
إعلان عباس هذا يبدو بالشكل والمضمون متعارضاً مع إحجامه العنيد عن لقاء الرئيس الأميركي ترمب، ومن يمثله من رجال إدارته، وأبرزهم في هذه المرحلة كوشنر وغرينبلات.
ومن يدقق في طبيعة العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية التي بُنيت على اتفاقات وتفاهمات «أوسلو»، يدرك استحالة القطيعة مع إسرائيل، فإذا كان الشق السياسي والتفاوضي قد تعطل أو أغلق، فإن ما هو موازٍ له في الأهمية ظل قائماً ومستمراً، وأعني به العلاقة الأمنية والاقتصادية والتسهيلات.
ومنذ «أوسلو» وحتى أيامنا هذه، تشعبت هذه العلاقات وتجذرت حتى صار الانفكاك منها مستحيلاً، رغم طرح «الانفكاك» كشعار شعبوي تنادي به الطبقة السياسية الفلسطينية، والمجالس والإطارات والمؤتمرات، تماماً مثل شعبوية وقف التنسيق الأمني، وغيره من الشعارات التي إنْ حاول الفلسطينيون تطبيقها بالفعل فإن ذلك سيؤدي تلقائياً إلى التعرض لعقوبات إسرائيلية فظة، تضر كثيراً بالمصالح اليومية للفلسطينيين. ذلك ليس بفعل نصوص الاتفاقيات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تشكل بمجموعها إرث «أوسلو» ومرتكزات الاستمرار فيه، وإنما بحكم الأمر الواقع الذي كرّسه الإسرائيليون على الأرض، وأساسه تعزيز السيطرة على الفلسطينيين في كل المجالات، وفي مقدمتها المجال الاقتصادي.
الأمر هنا لا يتصل فقط باتفاق باريس الذي فطن صناع «أوسلو» إلى أنه كان الإطار الفعال لسيطرة إسرائيلية اقتصادية شبه مطلقة؛ بل لسببين إضافيين أكثر أهمية وفاعلية من هذا الاتفاق؛ الأول تحول العلاقة الفلسطينية - الإسرائيلية من واقع ومناخ البحث المشترك عن اتفاق سياسي نهائي، إلى واقع مناقض تماماً، قوامه الصراع التفصيلي والشامل الذي سمحت إسرائيل لنفسها من خلاله بإعادة احتلال الضفة عملياً، دون الإعلان عن ذلك. وتحول كهذا لا بد أن يضرب، وفي الجذور، أي إمكانية لعلاقة اقتصادية معقولة بين الجانبين المتصارعين.
والثاني إحجام القوى الدولية التي دعمت عملية السلام في البدايات، وحمت إلى حد ما الطرف الفلسطيني الأضعف، عن ممارسة أي ضغط على إسرائيل لوقف أو حتى التخفيف من سياساتها المضرة عنوة بالمصالح الفلسطينية؛ بل على العكس من ذلك، فقد تهيأ لإسرائيل دعم دولي لم تكن لتحلم به في السابق، وأبرز عناوينه الراهنة الدعم الروسي والأميركي، مع تسجيل الفارق في المستوى والدوافع والعمق بين الاثنين.
إن استعداد الرئيس عباس للقاء نتنياهو، في رحاب صديق مشترك للجانبين، يبدو ضرورياً بفعل ضغط الحالة الفلسطينية المنهكة في مرحلة التحضير لـ«صفقة القرن»، غير أن محمود عباس صاحب التجربة التفاوضية التفصيلية مع إسرائيل، يدرك أكثر من غيره استحالة تحقيق أي تقدم سياسي من خلال اللقاء المحتمل، ذلك بفعل الحالة التي يعيشها الآن بنيامين نتنياهو المزهو بنصره المؤزر في الانتخابات الأخيرة؛ حيث إنه ينسب هذا الانتصار إلى وعوده المبالغ فيها بإلحاق أفدح الضرر بالفلسطينيين؛ خصوصاً في الضفة، بما في ذلك تهيئته النفسية والإعلامية لضم مناطق من الضفة أسوة بالجولان، التي اعتبر ضمها قد تكرس نهائياً من خلال الاعتراف الأميركي به.
دعونا نفترض أن مرونة مستجدة هبطت على نتنياهو، ووافق على لقاء الرئيس عباس، مع أنه لا يزال يتدلل ويتجاهل، فإن موافقته المستبعدة حتى الآن ستوظف من قبله باتجاه آخر غير الاتجاه الذي يسعى إليه عباس. سيعتبر أنه جامل أصدقاءه الجدد في موسكو، وسيستغل مبدأ اللقاء كي يوجه رسالة للعالم بأنه لا يزال راغباً في السلام، حتى لو ضم الضفة الغربية كلها.
الفلسطينيون لن يعارضوا لقاء رئيسهم بالسيد نتنياهو، ليس بفعل رهان سياسي على هذا اللقاء؛ بل ربما على مستوى احتمال إرخاء القبضة الإسرائيلية الخشنة عن رقابهم. وهذا كما يقول المثل العامي المتداول في حالات من هذا النوع: «أحسن من بلاش».

 

نقلا عن الشرق الاوسط

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع   

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نتنياهو يتدلل نتنياهو يتدلل



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon