توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محاولة لفهم سلوك المصريين

  مصر اليوم -

محاولة لفهم سلوك المصريين

معتز بالله عبد الفتاح

التنافر المعرفى (Cognitive Dissonance) هو ظاهرة الإحساس بالانزعاج النفسى والذهنى بسبب تعرُّض الفرد لمعلومات أو حقائق جديدة تتعارض مع ما يعتبره من الثوابت العلمية أو الثقافية أو الروحية أو الآمال والطموحات التى استقرت فى ذهنه. ومنذ أن صك Leon Festinger هذا المفهوم عام 1956 أثناء دراسته لإحدى المجموعات الدينية (cult) أصبح شائعا فى تفسير السلوك البشرى للجماعات بصفة عامة. وكانت تلك المجموعة الدينية تعتقد أن نهاية العالم ستكون فى يوم معيّن بواسطة فيضان واسع سيدمّر الأرض، لكن عندما مرّ التاريخ المحدد تفاجأ الباحثون أن أتباع هذا المعتقد عاشوا فى حالة حادة من عدم الارتياح النفسى نتيجة التنافر المعرفى بين ما كانوا يؤمنون به ويتمنون حدوثه وما أيقنوا أنه ليس واقعا معاشا. وكان عليهم أن يلجأوا لحيلة من حيل الدفاع النفسى والذهنى حتى يمكن أن يعودوا للتوازن النفسى مرة أخرى. بعضهم «كفر» بالنبوءة وتشكك فى الديانة. وبعضهم دافع عن الديانة، لكنهم اتهموا بعضهم بعضا بأنهم أغضبوا الرب فلم يحقق النبوءة فى ما كان أشبه بحرب كلمات وألفاظ حادة، وبعضهم هجر الجماعة ولم يبد أى موقف واضح منها وكأنها حالة من الاغتراب الاختيارى. هل ما حدث للمصريين شىء من هذا القبيل؟ حالة من التنافر المعرفى بين ما كانوا يؤمنون به وما وجدوه: ظنوا أن الثورة ستنتج لنا طاقة عمل واندفاع للأمام، فخرجت مع الثورة طاقة رفض واعتراض فى كل اتجاه. ظنوا أن الثورة وحّدت المصريين ضد الاستبداد، مع أن المستبد ما كان ليحكم إلا مستبدين، والاستبداد ما كان ليختفى إلا فى بيئة ترفضه وتعاقب عليه، وليس فى بيئة تدعمه وتكافئ عليه. ظنوا أن الثورة ستعنى عودة مليارات الدولارات من الخارج لمصر وأن الأموال العائدة سيتم توزيعها على آحاد الناس، ليكتشفوا أن الأموال فى الخارج ليست بالأرقام المعلنة وأن عودتها ستتطلب وقتا. كل من كان يحلم بأمر ما فى ثورتنا ولم يحصل عليه بدأ فى شتم كل من ينتمى إلى من يعارضه فى الرأى حتى لو كان ضحية أخرى لكن بطريقة مختلفة. ولم يزل بعض الأصدقاء يقولون «الدستور أولا» كان سيحل لهم مشاكلهم. ورغم أننى تساءلت من قبل: كيف يكون «الدستور أولا» إلا إذا افترضنا أنه كالدواء الجاهز الذى سنحضره من على الرف مع أنه كالدواء التركيب الذى لا بد أن نحدد من سيكتبه ويصوغه أولا قبل أن يكتبه؟ لكن تعالوا نرَ ما الذى يحدث فى تونس التى اختارت بديل «الدستور أولا». من يتابع جلسات الحوار الوطنى الذى دعا له الاتحاد العام للشغل فى تونس أمس سيجد أن هناك نفس لهجة التخوين والحديث عن اختطاف الثورة وغياب رؤية واضحة لمستقبل البلاد وأن الفترة الانتقالية ستطول بلا مبرر لدرجة أن الناطق الرسمى باسم حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (الذى يترأسه رئيس الجمهورية) الذى قاطع مؤتمر الحوار الوطنى، قال فى بيان له: «نحن نؤمن بالشرعية الدستوريّة، والشعب انتخب نوّابا وكلّفهم بكتابة دستور، وقد توصّل هؤلاء إلى كتابة دستور صغير جاء فيه أنّ شرعية المجلس تنتهى حين ينتهى من كتابة الدستور وبالتالى كل من يطعن فى شرعية التأسيسى هو لا يؤمن بالآليات الديمقراطية». وتستمر الخناقة والصراخ والصداع والشتائم والسباب والتخوين إلى أن يستقر التراب وتنشأ المؤسسات. أنا خلصت، اشتمونى بقى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محاولة لفهم سلوك المصريين محاولة لفهم سلوك المصريين



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon