توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشريعة والتشريع

  مصر اليوم -

الشريعة والتشريع

معتز بالله عبد الفتاح

أوحى لى بهذا المقال تصنيف جيد فى فكرته لكنه غير دقيق فى تفاصيله يربط بين القوانين والشريعة الإسلامية؛ فلو صنفنا القوانين المطبقة فى مصر من منظور علاقتها بالشريعة لوجدناها على أربع فئات. هناك فئة التشريعات النابعة من الشريعة الإسلامية، التى التزمت بها مصر من زمن، مثل قوانين الأحوال الشخصية بما فيها من زواج وطلاق وخلع وميراث. ويمكن تسميتها التشريعات النابعة من الشريعة. وهناك ثانياً فئة من التشريعات التى تعالج الفراغ التشريعى حيث لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية ولكنها تدخل فى مساحة المصالح المرسلة التى لم تضع لها الشريعة نصاً حاكماً وإنما تركتها لتقدير مصالح العباد مثل قوانين البناء وقوانين الإسكان وقوانين المرور وقوانين الانتخابات وتنظيم عمل النقابات. وهذه القوانين هى من الشريعة بقدر التزامها بما قررته من عدالة، أى تحقيق المساواة بين الناس، والإحسان لضعفائهم، ومراعاة الصالح العام وليس مصالح فئة بذاتها. ويمكن تسميتها التشريعات التقديرية. وهناك فئة ثالثة من التشريعات المبدلة للعقوبة تعزيراً أو التى تتبنى وجهاً ضعيفاً من أوجه الفقه فى تفسيره لبعض نصوص الشريعة الإسلامية. ومثلها هى فئة التشريعات التى استبدلت عقوبات بعقوبات؛ فلا يوجد فى القانون الجنائى المصرى عقوبة قطع يد السارق، أو عقوبة الجلد، أو الرجم. كما أن المُجرَّم فى القانون المصرى هو الدعارة وليس الزنا إلا إذا كان له شروط معينة ترتبط بالمتزوجين. كما أن فوائد البنوك، التى يغلب على ظنى أنها لا تكتمل فيها أركان الربا المحرم، جزء من القانون التجارى المصرى، ويذهب أغلب العلماء إلى حرمتها. ويمكن تسميتها التشريعات المبدلة لأحكام الشريعة. وهناك فئة رابعة من التشريعات أزعم أنها غير موجودة فى مصر، وهى تلك التى تصادم الشرع الشريف بالكلية بمعاقبة الفضيلة أو تشجيع الناس على الإلحاد أو الفجور أو الرشوة أو إشاعة الفاحشة بين الناس وغيرها. ويمكن تسميتها التشريعات المتصادمة مع الشريعة. هذا تقسيم أوّلى ولكنه يصلح لرصد المعضلة التى تواجهنا وهى أن أغلب المصريين لن يتفقوا على أين يقع كل تشريع من التشريعات المعمول بها على أرض مصر فى أى من الفئات المشار إليها. وسيتدخل المتغير الشخصى والأيديولوجى والفقهى فيها. لو تصورنا أن بعضنا غير متدينين، وبعضنا متدينون، وبعضنا متشددون، وبعضنا متطرفون فإن كل شخص سيرى التصنيف مختلفاً. وسيعتبر بعضنا أن أى قانون يجعل عقوبة السجن بدلاً من عقوبة قطع يد السارق هو من القوانين المتصادمة مع الشريعة وليس من القوانين المبدلة لأحكام الشريعة وفقاً للتصنيف الأولى المقدم. وهكذا. نحن أمام معضلة تاريخية ولا أظن أنها ستحل فى زمن الأحياء منا لأن المقومات الأخلاقية والفكرية للارتقاء فوق الصغائر وبناء نظريات فكرية كبرى غير متوافرة. أتذكر أن الدكتور عبدالوهاب المسيرى استدعانى ذات مرة لأناقش معه بحثاً كتبته، عن كيف أن المسلمين لم ينجحوا بالقدر الكافى فى تبنى منطق الجدل الهيجلى، وبالتالى تطوير استجابات للتحديات التى تواجههم بما يجعلهم متصالحين مع دينهم منفتحين على واقع مختلف عن الواقع الذى ظهر فيه هذا الدين. وطلب منى مثلاً. قلت له نحن لا نطبق حد السرقة، وهناك أمر قرآنى بتطبيقه، ولكن هناك شروطاً تجعل تطبيقه شبه مستحيل إلا على السارق المحترف. طيب ماذا نفعل؟ لو كان الأمر بيدى لجعلت حد السرقة هو العقوبة الثالثة على السارق المحترف بعد أن يحاكم ويعاقب بعد أن يدان مرتين بالسجن ولكن فى المرة الثالثة، فلا مناص عن أن تكون العقوبة باتة ورادعة تماماً. أعجبنى رد فعل الرجل بأن فكّر فى الاقتراح وتوصّل إلى أن مراعاة واقع الناس لا تقل أهمية عن احترام نصوص الشرع الشريف. وهو ما سنحتاجه الآن. ولكن ليس فى هذه البيئة التى شرب فيها الناس من نهر الجنون. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشريعة والتشريع الشريعة والتشريع



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon