توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدستور: فصل المُنتَج عن المُنتِج

  مصر اليوم -

الدستور فصل المُنتَج عن المُنتِج

معتز بالله عبد الفتاح

هذه واحدة من أصعب العمليات الذهنية التى يمكن أن يقوم بها إنسان فى ظل هذا المناخ المستقطب. هناك حالة من تسجيل المواقف المتطرفة فى الدفاع أو الهجوم بما يضيع علينا القدرة على التفكير المتزن فى البدائل المتاحة ونتائجها. هل نستطيع أن نفكر فى «منتج» الدستور كنص مكتوب، وبين «منتِج» الدستور كفاعل سياسى؟ أشك فى إمكانية أن يفصل الناس النص عمن كتبه. ومع ذلك يجوز أن نسأل سؤالين كبيرين. السؤال الأول: ما أسوأ ما يمكن أن يحدث لو اختار أغلب المصريين «لا» للتعديلات الدستورية؟ أولا: الكرة ستعود إلى ملعب الرئيس ليتخذ قراره للاختيار بين عدة بدائل مثل عودة دستور 1971 بتعديلاته فى 2011، تشكيل لجنة من عدد محدود من الأشخاص للنظر فى مشروع الدستور الحالى وتعديله ثم الاستفتاء عليه مرة أخرى، دعوة الناخبين لانتخاب جمعية تأسيسية تقوم مقام البرلمان وتضع الدستور الجديد دون استفتاء. ثانيا: التصويت بـ«لا» سيعنى ازدياد عدم الاستقرار المؤسسى وما يعنيه ذلك من عدم الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى لفترة قادمة. ثالثا: التصويت بـ«لا» (رغما عن أنه سيعنى ارتفاع معدلات النضج السياسى عند الناخب المصرى)، لكنه سيزيد من حدة الاستقطاب وأن فريقا قد هزم آخر، وسيعطى زخما كبيرا للتيار الليبرالى. ولهذا يكون دائما السؤال كيف سنعيش ونعمل سويا فى يوم 16 ديسمبر، أى بعد الاستفتاء بيوم. قطعا هناك سيناريوهات أقل إشكالية بفرض أن مزيدا من الحكمة ستسود جميع الأطراف. والسؤال المقابل: ما أسوأ ما يمكن أن يحدث لو اختار أغلب المصريين «نعم» فى الاستفتاء على الدستور؟ أولا: بعض المنتسبين للتيار المحافظ دينيا سيعتبرون أن التصويت بنعم يعنى أنه تصويت لهم كأشخاص وكرؤية سياسية وسيعتبرون أن السعى للتوافق سكة الخسارة وأن سكة الإصرار على رؤيتهم حتى لو اعترض عليها الآخرون هى الطريق الصحيح. ثانيا: أخطر ما فى «نعم» هو أنه غالبا سيفضى إلى المزيد من الانقسام عند التيار الليبرالى بما يعنى غيابهم عن المشهد الانتخابى القادم. وكما أشرت من قبل أن القضية قد لا تكون فى الدستور بنصوصه، وإنما فى العقول التى تتلقفه وموازين القوى السياسية التى ستفسره فى اتجاه دون آخر. وغياب الليبراليين عن البرلمان القادم، وهو برلمان ما بعد الدستور مباشرة، بكل ما له من أهمية فى تحويل الكثير من المواد الدستورية إلى مواد تشريعية، ينذر بخطر، مرة أخرى ليس من الدستور، ولكن من غياب التوازن فى مؤسسات الدولة التشريعية (مجلسى النواب والرئاسة). ثالثا: اعتبار التيار الثورى أنه لم يعد شريكا فى المشهد السياسى إلا بقدر فرض نفسه على المجتمع والدولة عبر آليات غير رسمية، بعبارة أخرى الثورة لم تجد لها إطارا رسميا يعبر عنها، وبالتالى سيتحرك الثوريون خارج الأطر الرسمية التى هى أرحب لهم من وجهة نظرهم. وعليه، لن يكون الدستور هو بداية الاستقرار وإنما سيكون مجرد حلقة فى أسباب غيابه. طبعا هذان هما السيناريوهان الأسوأ، ولا أريد أن يمتد تفكيرى إلى ما هو أسوأ من ذلك. لست قلقا من التصويت فى أى اتجاه، أنا قلق من أن العيب عيب مصنع، وأن من كان يرفض تماما عودة دستور 1971 من الليبراليين والثوريين يطالب به الآن، مع أنه كان مقبولا تماما من القوى المحافظة فى فترات سابقة. وأن من كان يقبل التوافق سابقا من القوى المحافظة دينيا، عاد الآن ليرفضه على اعتبار أن الحكم الوحيد هو «الصندوق». وهذا صحيح من وجهة نظر الديمقراطية الإجرائية (أى من ناحية سلامة الإجراءات) ولكن ينبغى ألا نخلط بين إجراءات الديمقراطية وجوهر الديمقراطية وهو احترام وتنظيم الحقوق والحريات بما يضمن للجميع ديمقراطية الوصول إلى السلطة، وديمقراطية ممارسة السلطة، وديمقراطية الخروج منها. ربنا يستر. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدستور فصل المُنتَج عن المُنتِج الدستور فصل المُنتَج عن المُنتِج



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon