توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فائض الضوضاء المفضية للأضواء

  مصر اليوم -

فائض الضوضاء المفضية للأضواء

معتز بالله عبد الفتاح

البلد فيه فائض ضوضاء لُغوية وفكرية وسياسية تكفى لتدمير عشرين بلدا. ناس أدمنت قول «لأ» على أى حاجة وكل حاجة، وناس أدمنت قول «نعم» لأى حاجة وكل حاجة. نحن بلد عجز فى ما هو مفيد، وبلد فائض فى كل ما هو غير مفيد. مصر دولة عجز على أكثر من مستوى. إننا دولة عجز الموازنة فيها نحو 145 مليار جنيه، أى إن حوالى ثلث ما تنفقه حكومتها «سلف». ودولة عجز ميزان المدفوعات فيها وصل خلال العام الماضى إلى 18.3 مليار دولار. وهو ما انعكس على رصيد احتياطى النقد الأجنبى الذى تراجع إلى النصف تقريباً خلال هذا العام عن مستواه بنهاية 2010 الذى بلغ 36 مليار دولار. دولة تراجعت فيها الإيرادات السياحية بمعدل الثلث وتحولت الاستثمارات الأجنبية فى محفظة الأوراق المالية فيها إلى صافى تدفق للخارج بلغ 10.4 مليار دولار خلال عام 2011 مقابل صافى تدفق للداخل بلغ 10.9 مليار دولار خلال عام 2010، نتيجة بيع الأجانب لما فى حوزتهم من أوراق مالية، خاصة أذون الخزانة، والذى بلغ 8.9 مليار دولار خلال عام 2011 مقابل صافى مشتريات بلغ 7 مليارات دولار خلال سنة 2010. كما تحولت الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى صافى تدفق للخارج بلغ نحو 482.7 مليون دولار خلال عام 2011 مقابل صافى تدفق للداخل بلغ 6.4 مليار دولار خلال عام 2010. وما قلل نسبياً من الوضع السلبى لميزان المدفوعات هو ارتفاع صافى التحويلات الخاصة وأهمها تحويلات المصريين فى الخارج، ولهم كل الشكر على ذلك، لأن فى أوقات عدم اليقين يحجم الناس عن إرسال أموالهم إلى مواضع الخطر، لكن هكذا يكون أبناء مصر البررة وقت الشدة ووقت حسن التدبر. دولة لا تعانى من عجز بشأن قدرتها على الحياة الكريمة فى الحاضر فقط ولكن كذلك تعانى من عجز فى قدرتها على بناء المستقبل وهو ما يتمثل فى نقص عدد المدرسين على مستوى الجمهورية، حيث تحتاج إلى 88 ألف معلم فى التخصصات التربوية المختلفة. وكل هؤلاء بحاجة لرواتب لا تستطيعها ميزانية الدولة المجهدة أصلاً. كما أن هناك عجزاً على مستوى الأبنية المدرسية يصل إلى 350 ألف فصل، أى حوالى 15 ألف مدرسة خلال السنوات القليلة القادمة. ودولة العجز موجودة كذلك فى الغذاء، حيث تصنف مصر وفقاً لبرنامج الغذاء العالمى التابع للأمم المتحدة إلى دولة «ذات عجز غذائى ودخل منخفض»، ويكفى الإشارة إلى أن مصر تستهلك 11 مليون طن من القمح سنوياً تستورد منها حوالى 5 ملايين طن، أى أن العجز مقداره 45 بالمائة، والوضع ليس بعيداً كثيراً عن أوضاع العجز فى الذرة الشامية، والسكر والفول والزيوت النباتية. والعجز موجود فى عدد المستشفيات والأطباء والممرضات، ووسائل النقل وموارد الطاقة. دولة عندها عجز فى قدرة أفرادها على العمل المشترك بإنكار كامل للذات. لكن الحقيقة مجتمعنا عنده فائض مهول فى أمور أخرى تستحق منا التأمل، أولها فائض السكان، وفقاً للجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، عندنا معدل زيادة نحو 5 آلاف نسمة يومياً (وهو حاصل المواليد مطروح منها الوفيات) بما يعنى أننا نزيد نحو مليون و800 ألف نسمة سنوياً، ثم نتساءل «هو ليه فيه زحمة، وليه فيه فقر، وليه فيه بطالة؟». وما بدأت الصين تتغلب على كل هذه الأمور إلا بعد أن تبنت صيغة الطفل الواحد لكل أسرة. وعندنا فائض مهول فى «الفتْى» و«السبّ» و«التريقة» و«التخوين» و«الادعاء»، وهى خماسية قاتلة أتمناها لألد أعدائنا، «ولكن حظنا وحش جاءت فينا». بلد عنده فائض فى «الهتيفة» ومسجلى المواقف، وأهل الضوضاء الباحثين عن الأضواء. وفى ظل كل هذا يكون الجهد الأساسى هو إلقاء الطوب على بعضنا البعض، وسب بعضنا بعضا. إذن؛ هى تحية من القلب لشعب رواندا الذى قتلت فيه الأغلبية 800 ألف من الأقلية، وتسامح وانطلق. وهى تحية من القلب لشعب جنوب أفريقيا الذى قتلت فيه الأقلية ربع مليون شخص من الأغلبية، وتسامح وانطلق. أما نحن، فلنا الله. نقلاً عن جريدة " الوطن" .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فائض الضوضاء المفضية للأضواء فائض الضوضاء المفضية للأضواء



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon