توقيت القاهرة المحلي 19:35:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خطتان للهلاك وواحدة للسلامة

  مصر اليوم -

خطتان للهلاك وواحدة للسلامة

معتز بالله عبد الفتاح

هل قرر أهل هذا البلد الانتحار الجماعى؟ هذا سؤال شديد الصعوبة، لأن أى إجابة تتوقف على متغيرات لا يمكن لنا التحكم فيها رغما عن أنها نظريا تحت سيطرتنا. نحن كمن يتنازعون ملكية سفينة ووجهتها، كل طرف يريد أن يأخذها فى الاتجاه الذى يريد، ظناً أن الطرف الآخر يأخذها إلى حيث توجد شلالات لو وقعت فيها السفينة، لغرق الوطن: إذن نحن نختار بين طريقين للهلاك من وجهة نظر كلا الطرفين، وكل طرف يظن مخلصا أنه يأخذ السفينة نحو النجاة، وكلما اقتربت السفينة خطوة من الاتجاه الذى يريده أى طرف، ينتفض الآخرون لأن هذا يعنى أن السفينة تقترب خطوة من الهلاك: الهلاك «المتأسلم» من وجهة نظر الليبراليين واليساريين، أو الهلاك «العلمانى» من وجهة نظر الإخوان والسلفيين. ولقد وصلنا إلى خلطة تزداد تعقيدا من الغل والغيظ والغباء والغطرسة والغضب، بما يفضى إلى الغليان. طيب نسأل أهل السفينة يريدون أى نوع من «الهلاك»؟ أهل السفينة على ثلاث طبقات: الأولى هى الأغنى والأكثر نفوذا وقدرة على توجيه الرأى العام بآلياتها الإعلامية والصحافية، وتملك أدوات تسمح لها بأن تحشد نسبة من المؤيدين المضمونين فى حدود الثلث، وقد ترتفع إلى قرابة النصف فى ظروف استثنائية. وهى أميل لرفض خطة الهلاك «المتأسلم» من وجهة نظرها. الطبقة الثانية هى أقل غنى من الأولى وأكثر انقساما على نفسها، لكنها تميل عدديا إلى التفكير المحافظ؛ وهذا التفكير المحافظ له خصائصه المحددة من قبيل تفضيل «اللى نعرفه» على «اللى ما نعرفوش»، تفضيل عدم المغامرة على المغامرة، تفضيل المتدين أو من يبدو متدينا على غير المتدين أو من يبدو غير متدين، الكبير على الصغير، الرجل على المرأة... وهكذا. ولهذا فهى تميل جزئيا لرفض خطة الهلاك «العلمانى» ما لم يجد جديد. الطبقة الثالثة، وهى لا شك الأقل تعليما والأكثر فقرا، وهى التى تدفع ثمن كل صنوف الإهمال والجور والظلم، سواء كان تحت أنقاض عمارات تنهار أو داخل قطارات الموت أو مستشفيات غير مجهزة. وكونهم أقل تعليما أو أكثر فقرا لا يعنى أنهم أقل حكمة، ولكنهم مدفوعون باحتياجاتهم المادية المباشرة. والغريب أنهم رغما عن استهلاكهم للمواد الإعلامية المختلفة لكنهم لا يتصرفون بوحى منها، وإنما هم أكثر ثقة فى من يعرفونهم معرفة مباشرة وتحديدا فى دور العبادة سواء الإسلامية أو المسيحية، أو من يعرفون عنوانه كى يقضى لهم مصلحتهم أو يجاملهم، ماديا ومعنويا، فى مناسبة اجتماعية تخصهم. فى خمس مناسبات انتخابية واستفتائية مختلفة وبدرجات متفاوتة، اختارت الطبقتان الثانية والثالثة أن تنحاز لصالح «الهلاك المتأسلم»، كما يسميه الطرف المدافع عن «الهلاك العلمانى» كما يسميه الطرف الآخر. الطرف العلمانى، وعنده أسبابه وأدلته، على يقين أن «الطرف المتأسلم» يمارس التضليل والتدليس والرشوة، وأنه فى المرة القادمة سيكتشف الجميع كم الأخطاء والخطايا التى يرتكبها الطرف المتأسلم. وتأتى خلال أشهر قليلة مناسبة جديدة ليحدد ساكنو السفينة أى طريق «للهلاك» يريدون. وهذه هى مناسبة الانتخابات القادمة، وتبدو طبول الحرب فى ارتفاع مطرد بشأن عدم نزاهة الانتخابات القادمة لعوار فى تقسيم دوائرها الانتخابية، وهو كلام حق، ولا يكفى للدفاع عنه القول بأن من قام بهذا التقسيم للدوائر الانتخابية هو المجلس العسكرى. كما أننى غير مقتنع بعدم تضمين مقعد للمرأة فى النصف الأول من القوائم، وهو مطلب أراه عادلا لأقصى درجة، ولا ينال من تكافؤ الفرص لا سيما إن استخدمنا فى القانون عبارة من قبيل: «على ألا تكون الأسماء الأربعة الأولى فى القوائم من نفس الجنس»، بما يعنى إمكانية أن تكون القائمة فى أغلبها نساء إلا رجل أو العكس، وبالتالى هذا تنوع لا يفضى إلى إخلال بتكافؤ الفرص، وهو ما يبدو منطقيا من وجهة نظرى كذلك فى أمر الشباب تحت سن الثلاثين، يكون فى مقعد قيادة السفينة أكبر قدر ممكن من التنوع. بصراحة طريق الهلاك هو أن نتوقف عن التواصل والتوافق، وأن نستمر فى إطلاق القنابل العنقودية الكلامية ضد الطرف الآخر. هل من مستجيب؟ نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطتان للهلاك وواحدة للسلامة خطتان للهلاك وواحدة للسلامة



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon