توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عنف المصريين ضد مصر

  مصر اليوم -

عنف المصريين ضد مصر

معتز بالله عبد الفتاح

أتذكر ذات مرة أننى كنت أعبُر أحد الشوارع الكبرى، وفجأة سمعت صوت استغاثة: «الحقونى»، الصوت كان خافتاً، ثم تكرر الصوت بوتيرة أعلى، فلاحظت أن فتاة محاطة بعدد من الشباب؛ فما كان منى إلا أن تحركت فى اتجاه الصوت. والغريب أننى فى طريقى للفتاة كان هناك عدة أشخاص، منهم امرأة، تقول: «حرام عليكم سيبوها»، وهنا بدا الوضع ملتبساً، لماذا لا يتحرك الناس لنجدتها بدلاً من التعامل مع الأمر وكأن شيئاً لا يمكن فعله؟ المهم زعقت بأعلى صوتى بدون التفكير كثيراً، بما شجع آخرين على أن يتحركوا فى اتجاه الفتاة، وهنا تحرك الشباب الذين كانوا يتحرشون بالفتاة بعيداً عنها. بغض النظر عن التفاصيل، لقد كانت الواقعة بتفاصيلها صدمة لى، وحين سألت أصدقائى عن هذه الواقعة، فكان الكلام عن أنها ظاهرة أصبحت منتشرة بشدة، ولشخص عاش خارج مصر لفترة، هذه مفاجأة غير سارة بالمرة، لأن هذا يعنى أننا تدهورنا أخلاقياً للدرجة التى لم يعد يكفى فيها أن تكون الثورة سياسية، بل ربما هى الجزء الأسهل، والجزء الأصعب أن أخلاقنا هذه لن ينفع معها الوقوف فى الميدان أو فى الشوارع تحت شعار: «يسقط يسقط»، هذا عنف من المصريين ضد مصر. تذكرت المشهد المقابل بانتهاك عدد من رجال الشرطة كرامة المواطن الذى قاموا بسحله عارياً بلا أدنى رحمة أو التزام بقواعد القانون أو اعتبار لأن الثورة قامت ضد انتهاكات حقوق الإنسان، ثم نفاجأ بأن شهداء آخرين سقطوا بعد تعذيبهم فى الاحتجاجات الأخيرة، بما يعنى أن النزعة نحو العنف وانتهاك حقوق الإنسان لا تزال موجودة فى جهاز الشرطة لكنها كانت بحاجة لمن يطلق لها العنان، ويبدو أن وزير الداخلية الجديد قرر أن يطلقها، وهو أمر خطير للغاية وله تداعيات سلبية ستؤدى حتماً إلى مواجهات دامية، وحين يتحدث العقلاء عن استخدام الشرطة للعنف، فالحديث عن المعايير الدولية التى أقرتها الاتفاقات الدولية التى تكون فى أقصاها رش المتظاهرين بالمياه، أو إلقاء غازات مسيلة للدموع بكميات قليلة تكفى لرد المتظاهرين عن الاشتباك المباشر مع قوات الشرطة، وليس كأداة لخنقهم، ولا أنسى خبرتى الشخصية مع القنابل المسيلة للدموع، لأن لها آثاراً سلبية على الجهاز التنفسى لفترة طويلة للغاية، بما يعنى أنه حتى هذا البديل لا بد أن يستخدم وفقاً للمعايير الإنسانية المتعارف عليها دولياً حتى لا يتحول إلى أداة للتعذيب. أكرر: لا بد من وقف عنف المصريين ضد مصر. ولكن لا يمكن تجاهل أن هناك من يرى أن من حقه أن يلقى «المولوتوف» على أفراد الشرطة أو على المبانى الحكومية، وكأن هذا يدخل فى إطار حقوق الإنسان المقررة له، وأياً كانت الدوافع والمبررات، فهذه نزعة نحو العنف تنال من «سلمية الثورة» التى كنا نفاخر بها، ومن يتصور أن العنف الجارى حالياً يمكن مقارنته بما كان يحدث فى أيام الثورة الأولى من حيث نبل الهدف ونبل الأداة، فهو قطعاً قد أخطأ القياس، فى أيام الثورة، كان الثائرون يريدون الوصول إلى ميدان التحرير للاعتصام فيه سلمياً، والشرطة كانت تطلق عليهم كل أسلحتها وصولاً للرصاص الحى، أما اليوم، فالاعتصام فى ميدان التحرير أصبح هو الأصل، ومن السهل للغاية إدانة أى فعل إجرامى ضد حقوق الإنسان حين يكون الشخص المنتهك حقوقه سلمياً يعبر عن رأيه باللسان فقط، ولكن من الصعب للغاية الدفاع عن حق شخص يحمل زجاجة «مولوتوف» يلقيها على مبانٍ حكومية أو قوات الشرطة. وهناك مسئولية سياسية على «الرئاسة» بوضع حد لعنف الشرطة وإجبارها على احترام الدستور والقانون، وهناك مسئولية سياسية على المعارضة فى التفرقة بين حق الاعتراض والتظاهر السلمى، وبين الدائرة الخبيثة للعنف والعنف المضاد الذى ينال من الجميع، ولا أعتقد أن المعارضة تكسب أرضاً جديدة مما يحدث الآن، سواء كان صحيحاً أم لا، ما جاء فى استطلاع الـ«بى بى سى» عن أن أكثر من ثمانين فى المائة من المصريين يعترضون على «جبهة الإنقاذ». لا بد من وقف عنف المصريين ضد مصر. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عنف المصريين ضد مصر عنف المصريين ضد مصر



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon