توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رسالة إلى الرئيس نيلسون مانديلا

  مصر اليوم -

رسالة إلى الرئيس نيلسون مانديلا

معتز بالله عبد الفتاح

فخامة الرئيس السابق نيلسون مانديلا، تحياتى وتهنئتى بتعافيكم من المرض. هل لى أن أطلب منك رجاء؟ هل من الممكن أن تزورنا فى مصر؟ نريد أن نتعلم منك ومن خبرتك فى إدارة شئون الدولة فى مرحلة ما بعد الثورة. مصر بلد الحضارة يفقد أهلها مفهوم التحضر، مصر بلد التاريخ لا يكف أهلها عن إهدار فرص المستقبل، لقد نجحنا فى امتحان الثورة، وها نحن نفشل فى امتحان الدولة. سيادة الرئيس، المعضلة لم تعُد سياسية فقط، وإنما أصبحت فكرية وثقافية ونفسية، لقد أصبحنا قساة على بعضنا البعض، قد يكره أحدنا الآخر لسبب ما، ولكن حتى حين يزول السبب نظل يكره بعضنا البعض، غلظة قلوبنا طغت على حكمة عقولنا. يا سيادة الرئيس، لقد واجهتم فى بلدكم تحديات أضعاف ما نواجهه فى مصر، كان عندكم تاريخ طويل من الاضطهاد والقمع العنصرى الذى وصل إلى قتل عشرات الآلاف سواء قبل أو بعد بداية التحول الديمقراطى فى جنوب أفريقيا فى عام 1994، ومع ذلك نجحتم فى أن تضعوا بذور دولة العدالة: العدالة الانتقالية، العدالة الجنائية، العدالة الاجتماعية. وهو ما لم يكن بعيداً عن دولة رواندا حيث خلفت الحرب الأهلية نحو مليون قتيل من دولة تعدادها نحو تسعة ملايين، ولكنهم فى النهاية نجحوا فى تخطى الصعاب وبناء دولة القانون. يا سيادة الرئيس قد تقول لى: ألا يوجد فى مصر شخص أو عدة أشخاص يمكن أن يكونوا من الحكمة لأن يدرسوا ماذا فعلتم ويقدموا نسخة مصرية منه؟ الإجابة: لأ، لا يوجد. المصريون مشغولون: بين من شغلته مصلحته الشخصية عن أن يرى المصلحة العامة، وبين من يخشى أن يكتب أو يتكلم حتى لا تخرج عليه أصوات حانقة عليه لتنال منه، وبين من هو مشغول فى الدفاع عن نفسه ضد مهاجميه، ومن هو مشغول بشيطنة معارضيه. وعليه فقد تم اغتيال جميع الرموز، ولم يعد الأصغر يحترم الأكبر، ولم يعد الأكبر يرى أن من واجبه ترشيد سلوك الأصغر. وفوق كل ذلك، فإن «زامر الحى لا يطرب»، إن مصر مليئة بالعقول النيرة ولكنها كقطع وأجزاء الماكينة غير المتواصلة: تظل سليمة لكن بلا فعالية. لذا فإن ندائى إليك يا سيادة الرئيس أن تأتى إلينا فى زيارة تقف فيها بيننا، كعاقل بين مجموعة ممن شربوا من نهر الجنون وبحيرة العند وترعة التعصب، تقف وحولك الرئيس الذى لا يتحدث مع منافسيه حتى لا تضيع هيبة الرئاسة، وكأن ضياعها سيأتى من حواره معهم بعد أن أضاعها هو بنفسه حين وعد وأخلف، تقف وحولك قيادات المعارضة التى لا تريد أن تجتمع بالرئيس حتى لا تفقد شعبيتها فى الشارع، لعنة الله على هذه الشعبية إن جاءت على حساب دماء أبناء شعبه. سيادة الرئيس نيلسون مانديلا، لقد واجهتم فى جنوب أفريقيا ولا تزالون تواجهون، تحديات أصعب مما واجهناها فى مصر، لكنكم كنتم من المهارة فى الإدارة بما جعل القدرات تفوق التحديات. أما فى مصر، فالتحديات أقل، ولكن مستوى الإدارة ضعيف ويحتاج عملاً مكثفاً، ولكننا لا نقوم بهذا العمل المكثف لأننا مشغولون بتسجيل المواقف وتصيد الأخطاء وتشويه الآخرين. يا سيادة الرئيس، كنت أحلم بأن يكون رئيسنا الجديد أقرب إلى رئيس مجلس إدارة الدولة والعضو المنتدب لإدارتها وفقاً لتوافق بين الجميع من أجل مصالحها المشتركة. ولكن رئيسنا فشل فى ذلك لعيوب فيه وعيوب فى معارضيه: الكل تحكمه النرجسية ولا تعنيه الدماء التى تسيل، والاقتصاد الذى ينهار، والأخلاق التى تتدهور. يا سيادة الرئيس مانديلا، أرجوك فكر جيداً فى أن تأتى لمساعدتنا، ولكن قبل أن تقول «نعم» أو «لا» فلا تظن أنك نفسك سيكون عليك إجماع فى مصر، فمن وقت أن تعلن موافقتك، إن وافقت، فستجد من يخرج عليك، وربما على كاتب هذه السطور، بكل ما قد تتخيله من صفات سلبية، حقيقية أو غير حقيقية، لتشويهك والنيل منك. لكن اعمل بمنطق سيدنا نوح الذى كان يبنى سفينة فى الصحراء، عسى أن تكون مفيدة فى يوم ما. إمضاء: واحد من مصر نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة إلى الرئيس نيلسون مانديلا رسالة إلى الرئيس نيلسون مانديلا



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon