توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

احتكار السلطة واحتقارها

  مصر اليوم -

احتكار السلطة واحتقارها

معتز بالله عبد الفتاح

لكل فعل رد فعل، ورد الفعل السياسى والشعبى، عند قطاع من المصريين، على نزعة الإخوان لاحتكار السلطة هو احتقارها. واحتقار السلطة يجعل الناس فى حالة معاداة للسلطة ونزعة دائمة للخروج عليها والسعى لإفشالها، وهو ما يترتب عليه الحديث عن ضياع هيبة الدولة والإساءة الشديدة لرموزها وتدمير مؤسساتها. والفجوة بين النزعة لاحتكار السلطة والنزعة لاحتقارها هى وجه آخر للفجوة بين الشرعية الثورية والشرعية الانتخابية. أولاً الفجوة بين احتكار السلطة واحتقار السلطة: بدا أمراً شبه مُسَلّم به أن الإخوان يريدون «أخونة» الحكومة كمقدمة لـ«أخونة» الدولة كخطوة فى اتجاه «أخونة» المجتمع. ولكن هذه «الأخونة» تقتضى ما هو أكثر من مجرد وصول رئيس إخوانى إلى الرئاسة، ولكن لا بد أن تكون الحكومة كذلك إخوانية، وهو ما يتطلب أن يكون مجلس النواب كذلك إخوانياً أو فيه أكثرية خوانية. المعضلة هنا كيف سيحكم الإخوان حتى لو سيطروا على كل هذه المؤسسات فى ظل النزعة لاحتقار السلطة مع كل زيادة فى احتكارها. القانون الذى يصدر بناء على دعم سياسى من فصائل مختلفة وظهير شعبى قوى سيحمل مقومات نجاحه والقابلية للتطبيق من قانون يصدر ليعبر عن أكثرية أو أغلبية تأتى من فصيل واحد ويكون على بقية الشعب الانصياع مضطرين، وهذا سيكون صعباً للغاية بسبب الفجوة التالية والمترتبة على الأولى. ثانياً الفجوة بين الشرعية الثورية والشرعية الانتخابية: تعالوا نتخيل أن المصريين ينقسمون إلى ثلاث فئات: النخبة السياسية، الطبقة المسيسة، الجماهير. أما النخبة السياسية فهى من يمتهنون مهنة السياسة أو يخصصون جزءاً كبيراً من وقتهم فى أمور تتعلق بها ويقودون قطاعات من الرأى العام أو على الأقل يؤثرون فيهم، وهؤلاء ينقسمون بحكم قرار من الجماهير عبر الانتخابات إلى حاكمين ومعارضين. يلى هؤلاء الطبقة السياسية، أو المسيسة، أى أولئك الذين ينشغلون بالسياسة دون أن يمتهنوها ويترجمون نشاطهم فى العمل على الأرض من أجل تغيير واقعهم، ثم هناك الجماهير التى تستدعى للسياسة فى فترات استثنائية مثل الانتخابات والاستفتاءات أو المظاهرات ويمكن لها أن تلبى النداء أو أن تتجاهله. التخلص من النخبة الحاكمة على عهد مبارك اقتضى تلاحماً استثنائياً بين النخبة المعارضة مع قطاعات واسعة من الطبقة السياسية ودعم سياسى من الجماهير. هذه هى اللحظة التى ولدت ما عرف بالشرعية الثورية التى نجحت فى إزاحة النخبة السياسية الحاكمة على عهد مبارك، ولكنها لم تكن جاهزة بنخبة بديلة، ولم تنجح الطبقة السياسية أن تظل على وحدتها، فتركت اختيار عملية ملء الفراغ للجماهير عبر الانتخابات وهنا أفرزت الجماهير نخبة محافظة دينياً، ولكن ظل قطاع من النخبة والطبقة السياسية تتمنى سياسيين مختلفين و/أو سياسات مختلفة، ولكن الشرعية الانتخابية أتت بالفصيل الأكثر تنظيماً والأكثر قدرة على تحويل رأسماله الاجتماعى إلى رأسمال سياسى. ولكن هذه الفجوة ما كانت لتحدث تأثيرها بهذه الحدة لولا الفجوة اللاحقة عليها. ثالثاً الفجوة بين موارد الدولة ومطالب المجتمع: مصر بلد فقير فى موارده الطبيعية مقارنة بعدد سكانه الذى يتزايد بمعدل أعلى من قدرة هؤلاء السكان على توليد دخول تحقق معدلات تنمية أعلى من مواردهم. والحكومة فى حيص بيص لأن العجز فى موازنة الدولة يتزايد والخلل فى توزيع الدخول هائل، ومن هم فى السلطة غير ناجحين فى صناعة أجندة وطنية حول الملفات الاقتصادية الخطيرة التى نواجهها. وبدلاً من أن يجلس المختلفون سياسياً حول أجندة اقتصادية موحدة للخروج من المأزق الاقتصادى، يظل هناك من يسعى لاحتكار السلطة، ويظل هناك من يحتقرها، يتذرع من يحتكر السلطة بالشرعية الانتخابية ويلجأ من يحتقر السلطة إلى الشرعية الثورية، وتزداد الفجوة بين موارد الدولة ومطالب المجتمع إلى أن ينفجر المجتمع ويخرج عن سيطرة الدولة، حينئذ لن تنفع لا شرعية ثورية أو شرعية انتخابية ولا احتكار للسلطة ولا احتقار لها. أدعو الله أن يكون هذا الكلام خطأ ويتم تجاهله، أو يكون صواباً ويتم الإنصات إليه. لكن أن يكون صواباً ويتم تجاهله، فهذه هى الكارثة، ربنا يستر. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احتكار السلطة واحتقارها احتكار السلطة واحتقارها



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon