توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاحترام واجب حين يتحدث القضاء

  مصر اليوم -

الاحترام واجب حين يتحدث القضاء

معتز بالله عبد الفتاح

يكتشف بعض الأصدقاء ممن شاركوا فى كتابة الدستور المصرى، حقائق لم يكونوا مستعدين لها أثناء كتابته وهو أن مصر التى كانوا يحلمون بها ليست هى التى يصنعها الدستور. وأتذكر أننى قلت لبعض الأصدقاء حين أصروا على ثلاثية مادة تفسير الشريعة الإسلامية (المادة 219)، ومادة الأزهر (المادة 4)، والمادة (81) التى قالوا فيها: «وتُمارس الحقوق والحريات بما لا يتعارض مع المقومات الواردة فى باب الدولة والمجتمع بهذا الدستور»، إن كل هذا لن يغير الكثير. قلت لهؤلاء الأصدقاء: «هتخرجوا كفصيل فرحانين، لكن مش كسبانين» لكن مصر كلها ستخرج «كسبانة» حين يظن كل طرف أنه خرج «كسبان». ولا هناك حكم كهنوتى للأزهر، ولا يملك أحد أن يفسر الدستور إلا المحكمة الدستورية العليا، ولا المادة 219 ستغير أى شىء مثلما قلت مراراً. زعلوا منى، لكن هذه كانت الحقيقة. ويكتشفها الآن المؤيدون والمعارضون للدستور. هناك مجموعة أخرى من الأصدقاء كانوا يخشون من «تسييس» القضاء، وكانوا متوجسين خيفة من الرقابة المسبقة للمحكمة الدستورية على قوانين الانتخابات، وهناك من رفض تماماً استمرار الإشراف القضائى على الانتخابات. ولكن كان إصرار البعض، بما فى ذلك تهديدهم بالانسحاب، ولم ينسحبوا فعلاً، بأنه الدور «الوطنى» الذى يلعبه القضاء بالإشراف على العملية الانتخابية من البداية أحد الضمانات التى لا غنى عنها. نحن أمام لحظات استثنائية، لو كنا أسوياء نحب الوطن أكثر من كرهنا لبعضنا البعض، لاغتنمناها من أجل مستقبل أفضل. ولكن المغانم والمغارم السياسية تجعلنا لا نرى الحق حقاً ولا نرى الباطل باطلاً. إن حكم المحكمة الدستورية الأخير بشأن انتخابات مجلس النواب تنزع قدرة أى فصيل يسيطر على البرلمان من استخدام الأداة التشريعية من أجل تحقيق مكاسب انتخابية، على نحو ما هو موجود فى أعتى الديمقراطيات. وهو ما لم يكن يدركه كثيرون أثناء كتابة الدستور. وتعالوا نتوقف أمام هذه المسألة لحظة. من يعرف عن الحياة السياسية الأمريكية مثلاً سيجد أن هناك ظاهرة إعادة تقسيم الدوائر بما يخدم الحزب الحاكم عبر القانون المنظم لتقسيم الدوائر (gerrymandering). لكن بحكم المحكمة بالأمس، انتزعت المحكمة الدستورية هذه الأداة ممن بيدهم السلطة لتكون الحكم فى ضمان التوزيع العادل للدوائر على المواطنين. وهكذا تفعل المحكمة مع كل نصوص القانون، لتضمن ألا يكون اتحاد الكرة الذى يسيطر عليه لاعبون سابقون من نادٍ معين يضع القواعد التى تخدم هذا النادى. فى مجتمع من الأسوياء، يسعد الناس أن يصبح القضاء محيطاً بالعملية الانتخابية من كل الزوايا. قبل الانتخابات يراجع القوانين المنظمة لها، ويلزم السلطات المختلفة بتعديل القوانين حتى تضمن النزاهة والمساواة وتكافؤ الفرص، وإن لم يلتزم الرئيس والسلطة التشريعية بقرار المحكمة الدستورية، فلها الحق فى الرقابة اللاحقة. وهذه كانت معركة أخرى داخل التأسيسية، لأن هناك من كان يريد النص على امتناع الدستورية عن النظر فى دستورية القانون المنظم للانتخابات بعد الانتخابات. لكن انتهينا إلى حق المحكمة الدستورية فى رقابة لاحقة حال عدم التزام المشرع بتوصياتها. ثم تكون العملية الانتخابية تحت إشراف كامل للقضاة تحت إشراف المفوضية الوطنية للانتخابات كمؤسسة دائمة. ثم يكون من حق محكمة النقض الفصل فى صحة عضوية أعضاء البرلمان. وتختص المحكمة الإدارية العليا بالفصل فى الطعون على قرارات المفوضية الوطنية للانتخابات المتعلقة بالاستفتاءات وبالانتخابات النيابية والرئاسية ونتائجها، ويكون الطعن على انتخابات المحليات أمام محكمة القضاء الإدارى. إذن فى مجتمع من الأسوياء، سيسعد هؤلاء حين يعرفون أن القضاء سيتقاسم البطولة مع المواطنين فى أى انتخابات قادمة، ولكنه لن يقوم بهذا الدور إلا إذا ارتقت ثقافة المواطنين من كل الاتجاهات لتمكينه من لعب هذا الدور فلا يحاصر المحاكم، ولا يخرج رئيس الدولة ليتهم بعض القضاة بلا أدلة، ولا نظل نقلل من أى إنجاز حدث ويحدث فى مصر، لأنه ليس على هوانا الشخصى أو الحزبى. وكما أن القضاء هو الحكم، فإن الجيش المهنى غير المسيس هو الضامن لأن ما تقرره مفوضية الانتخابات هو النافذ. يا رب، بس نلتزم ونطبق هذا الكلام. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاحترام واجب حين يتحدث القضاء الاحترام واجب حين يتحدث القضاء



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon