توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مجتمع إذا خاصم فجر

  مصر اليوم -

مجتمع إذا خاصم فجر

معتز بالله عبد الفتاح

قال الرسول، صلى الله عليه وسلم: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقاً خَالِصاً، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ». العائد المباشر والشخصى الذى يرجع على الإنسان المصرى من الخيانة أو الكذب أو الغدر قد يمكن فهمه، ولكن ما يلفت نظرى أننا حتى حين نخاصم نفجُر (من الفجور) فى الخصومة ونفجِّر (من التفجير) الأوضاع فيخسر الجميع، وسنتحول إلى بلد بلا حكماء أو رموز محترمة وكأننا نفترض الكمال فى الآخرين، وهو كمال نعلم يقيناً أن الله حرمه تحريماً على جميع خلقه فعاتب رسله ولام أنبياءه وشرع التوبة وجعل التدافع بين البشر من أسباب صلاح الأرض. من هم حكماء مصر الذين يمكن أن نعود إليهم وقت الحاجة؟ من هم الذين نرفعهم فى مكان عالٍ، حتى لو اختلفنا معهم أو تحفظنا على شىء من مواقفهم، لأنهم ترفعوا عن الدنايا وارتفعوا فوق العطايا؟ فى جنوب أفريقيا كان هناك نيلسون مانديلا، ولا يقل أهمية عنه، القس ديزموند توتو المناهض للعنصرية منذ السبعينات الذى أعلن رفضه المطلق لأن يعامل الرجل الأسود «كخرقة تمسح بها الحكومة أحذيتها»، ثم أعلن دعوته للعمل من أجل السجناء والفقراء والمقهورين والمعزولين والمحتقرين. كان هناك من شن على الرجل حملة دعاية سلبية للنيل منه كان مضمونها أنه «شيوعى» لكنه ظل أقوى من كل هذا وبمرور الوقت اكتسب أنصاراً حتى من بين معارضيه ممن يصدق فيهم قول الحق سبحانه: «وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى» فخرج من البيض من أيَّد دعوته، وطالب بالإفراج عن السجين نيلسون مانديلا. ولم نجد أن الرجلين، مانديلا وتوتو، يتصارعان أو يشن أحدهما أو أنصار أحدهما هجوماً على الآخر، رغم تباين مواقفهما بشأن بعض القضايا. وحين ترأس لجنة الحقيقة والمصالحة فى عام 1995 بناء على طلب «مانديلا»، عمل بكل اجتهاد، ولكنه ندم فى النهاية على أنه وقع فريسة بعض الأخطاء أثناء عمل اللجنة بما جعل بعض المجرمين يفلتون من العقاب، وبعض المظلومين لم يحصلوا على التعويضات المناسبة، ورغم أخطائه، ظل رمزاً عظيماً للوطنية هناك. وفى الهند، هناك نموذج الرئيس الدكتور أبوبكر عبدالكلام، الرئيس المسلم للدولة ذات الأغلبية الهندوسية الذى حكم الهند بعد اتفاق أكثر الأحزاب يمينية وأكثر الأحزاب ليبرالية عليه كى يكون الرئيس الثانى عشر من 2002 وحتى 2012. الرجل فعلاً مبهر بكلامه وتسامحه وقدرته على تخطى حواجز الدين واللغة والعرق فى بلاده، ويسميه معظم الهنود «رئيس الشعب» وليس فقط «رئيس الدولة». الرجل لم يكن له فى حياته أى انتماء سياسى أو حزبى معين، وظل حياده الحزبى وترفعه الأيديولوجى (وهو ما أسميه تخطى الأيديولوجيات الجامدة). وأكيد كان يطلق عليه بعض الصبية والمراهقين سياسياً أنه متلون ومنافق وأفاق وغير ذلك من صفات ننعت بها بعض سياسيينا ومثقفينا. مصر فيها أسماء عظيمة ولكننا محترفو تكسير وهدم وتدمير الآخرين بلا أى إحساس بتأنيب الضمير. من أيام قليلة، كان لى حديث مع بعض الأصدقاء عن الدكتور محمد البرادعى ممن يصدقون ما يقال بشأنه عن أنه عميل لأمريكا وأنه السبب فى احتلال العراق وغير ذلك من ترهات. وبعد أن دافعت عن الرجل بما أعرف. سألنى صديق: «لكن أنا كنت فاكرك ما بتحبوش؟» وكانت إجابتى: أولاً كلما ازداد الإنسان نضجاً استبدل عبارات الكراهية والحب، بالاتفاق والاختلاف. ثانياً، أنا أحترم شجاعة الرجل وجرأته وقد أيدته ووقعت على وثيقة الجبهة الوطنية للتغيير قبل الثورة ودعوت لها فى مقالاتى ثقة منى فى دعوته لمواجهة نظام الرئيس مبارك. ولكننى أختلف مع معظم مواقفه بعد الثورة وأعتقد أنه فرط فى فرصة كانت متاحة له لقيادة مصر ما بعد الثورة. لكن هذا لا يسمح لى أبداً أن أصف الرجل، أو أى شخص آخر، بما ليس فيه خيانة، وكذباً، وغدراً، وفجراً كما جاء فى الحديث الشريف. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجتمع إذا خاصم فجر مجتمع إذا خاصم فجر



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon