توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حتى لا تأكل الثورة المصرية أبناءها

  مصر اليوم -

حتى لا تأكل الثورة المصرية أبناءها

مصر اليوم

  حين وقف الثائر الفرنسى الشهير، جورج جاك دانتون، أمام مقصلة الإعدام بعد حكم صدر ضده من بعض رفقاء ثورته ممن اتهموه بأنه «خائن للثورة»، رغم كل ما قدمه لها من تضحيات قال: «إن الثورة تأكل أبناءها» وهى عبارة مفهومة فى ضوء مقولة فرنسية أخرى تقول: «من السهل أن تبتدئ الثورات ولكن من الصعب أن تنهيها بسلام». ويضاف إلى هاتين العبارتين ما قاله الرئيس التونسى، منصف المرزوقى: «إن الثورة تأكل أبناءها، فشركاء الثورة يُصفّون بعضهم بعضاً وأن رفاق الميدان سيتحولون بفعل السياسة إلى خصوم». وهو كلام ينطبق على مصر كما تونس كما ليبيا، وبدأ ينطبق على سوريا حتى قبل أن يتم التخلص من النظام القديم. كل ما سبق يشير إلى ثلاث حقائق: أولاً: إشعال الثورة أسهل من إدارتها. ثانياً: «خصخصة الثورة» نتيجة مباشرة لدخول الثوار والثورجية فى خصومة ومزايدات على بعضهم بعضاً مستخدمين نفس شعارات الثورة، و«خصخصة الثورة» أى أن تتحول من ملكية عامة لكل من شارك فيها أو دعا لها أو أيدها بالقول أو الفعل إلى «مكايدة» سياسية، لأن كل طرف يسعى لأن يدعى ملكيتها بالتأكيد على نقائه الثورى وأنه نزل إلى الميدان من أول يوم وأنه كان عدواً لدوداً للنظام السابق، وهنا تتحول «الثورية» مرادفاً للوطنية، وبالتالى الثلاثة عشر مليون مصرى الذين أعطوا أصواتهم للفريق شفيق فى انتخابات الرئاسة «ناس غير وطنية». ثم يتحول من أعطوا أصواتهم للدكتور مرسى وكأنهم هم من خانوا الثورة، وهكذا تجد مكايدة سياسية تزيد الفجوة السياسية والنفسية والذهنية بين رفقاء الميدان. ثالثاً: الانتقال من قانون القوة (الثورة) إلى قوة القانون (الدولة) تصبح مسألة معقدة لأن أحداً لا يملك الإجابة عن سؤال: متى تنتهى الثورة؟ ومن أصلاً الذى يملك القدرة على إعلان أنها حققت أهدافها فى ضوء حقيقة أن كل من شارك فيها يعتقد أنها ملكية له ولمن يؤمن بفكره فقط، وأنه أكثر ثورية من غيره، وأن غيره قد سرقها منه ومن الشعب الذى هو على يقين أنه قام بها من أجله؟ لذا تظهر رؤيتان: الأولى يتبناها من هم فى السلطة ويريدون من الحَكَم أن يطلق «صفارة انتهاء الثورة» الآن لأنه كسبان، ومن هم فى خارج السلطة من أبناء الثورة يرون أن «الثورة مستمرة» إلى أن تتحقق مطالب الثورة وهم يريدون «إكسترا تايم، وضربات جزاء إضافية وإعادة المباراة بالكامل»، وبدون آلية منتظمة محددة بوقت مثل انتخابات محددة بموعد وإجراءات، سنجد أن الفريق الآخر الذى يرتدى الآن فانلة الثائر الخسران سيعبر عن عدم رضاه عن نتيجة الانتخابات ويطالب بإجراء انتخابات مبكرة، والمقصود هنا انتخابات رئاسية، لأن فرص فوزه فيها أعلى من انتخابات برلمانية، وما يشجعه فى ذلك هو أن من انتصر فى الانتخابات لم يدر الأزمة السياسية على النحو الذى يستوعب رفقاء الثورة ويبدد مخاوفهم. ولكن المعضلة أن معارضى الإخوان لديهم بعض أمراض الإخوان وأن اتحادهم مع بعض، كان مثل اتحاد الإخوان مع المعارضة الليبرالية واليسارية ضد مبارك، وأن وصول أى من رموز المعارضة إلى السلطة سيجعلهم هم أنفسهم ينقسمون على أنفسهم مرة أخرى. إذن، رفقاء الميدان يتحولون إلى أعداء لأسباب ثلاثة: أولها الأنانية السياسية، لأن الخاسر يرى أن كم تضحياته أكبر كثيراً من العائد الذى حصل عليه؛ وأن الانتخابات لم تكن عادلة وأننا لو أعدنا الانتخابات لفاز هو. ثانياً: التناقضات الشخصية والأيديولوجية الحادة التى اختفت لصالح التناقض الأكبر مع نظام مبارك، ولكن بعد انتهاء هذا التناقض الفج بدأت التناقضات البينية فى الظهور مرة أخرى. ثالثاً عدم وضوح الرؤية بشأن كيفية تحقيق أهداف الثورة سواء الثابتة (مثل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية) أو المستحدثة (القصاص لدماء الشهداء، وإعادة هيكلة وزارة الداخلية). هذه مشاكل جادة وحادة، وستستمر الثورة فى التهام أبنائها بسبب ضعف القدرات الذهنية والمهارات النفسية والمرونة السياسية التى تجعلهم قادرين على تجنب الصدام وإدارة الخلاف السياسى بمنطق الشراكة وليس بمنطق المكايدة. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتى لا تأكل الثورة المصرية أبناءها حتى لا تأكل الثورة المصرية أبناءها



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon