توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا للتجارة بالدين في السياسة

  مصر اليوم -

لا للتجارة بالدين في السياسة

مصر اليوم

  جاء فى هذا المكان من قبلُ العبارات التالية: لا ينبغى أن يكون ازدهار حياة حزبية سليمة فى مصر على حساب حياة دينية سليمة. لا نريد مسجدا سلفيا وآخر إخوانيا وثالث وفديا. هذه المساجد لله، فلا ينبغى أن ندعو داخلها مع الله أحدا حتى لو كنا نظن أننا نفعل ذلك استجابة لأمر إلهى. دور العبادة مكان للسكينة والهدوء والتذكرة الواعية بمصالح الأمة كاملة وواجبات أفرادها، وليست ساحة للتناظر والفرقة السياسية. ولو ظل الصراع بين على ومعاوية -رضى الله عنهما- سياسيا فقط لما ظهر الخوارج ثم الشيعة.. وهكذا. العلاقة بين الدين والسياسة فى الإسلام ليست علاقة إحلالية - صراعية؛ فلا تستطيع دار العبادة أن تحل محل، أو أن تتصارع مع، دار الحكم، لكنها علاقة تكاملية - تمايزية؛ فالتمايز بينهما واضح، والتكامل بينهما ضرورة. تخرج من دار العبادة القيم العظمى للأمة، وتتصارع السياسة من أجل أفضل طريق لتحقيقها، دون أن يسعى الساسة لأن يتخذوا من دور العبادة مقرات انتخابية لهم. هذه مفسدة للدين وللسياسة. وسأزيد على كلامى السابق العبارة التالية، التى أوردها الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح: «الزج بالشعارات الدينية فى تنافس حزبى غير مقبول.. الإسلام جامع مشترك، ولا يمكن السماح بتحويله لأداة لحصد أصوات انتخابية‪«‬. وهى عبارة تتفق مع تحيزاتى السياسية تماما، وأعتقد أن الموقف المطالب بتنحية الشعارات الدينية عن المنافسة الانتخابية هو الأقرب فى تقديرى لصحيح الدين ولصحيح الوطنية المصرية. الشعارات الدينية، حتى لو وُضع عليها ضابط ألا تكون طائفية أو تستخدم فى التفرقة بين المواطنين، هى زج بعظيم الدين فى رخيص الدنيا، وخلط بين قداسة الدين وجاه المنصب. وفينا أفّاكون ومنافقون ومن لا يخشون الله ولا يعتبرون لدينٍ حين تعميهم المنافسة. لا أنسى حوارا دار فى ندوة مع بعض الشباب المتحمسين، وكنا نناقش هذه القضية، وغلب على ظنهم أننى غير مستوعب حقيقة أن الإسلام دين ودنيا وأنه لا بد أن يناقش كل شئون الحياة وأن «العلمانية» هى التى تطالب بحبس الدين فى المساجد. وكان ردى عليهم أنه لو كان الهدف الحق من رفع شعارات دينية أو استخدام أحاديث وآيات قرآنية هو التقرب إلى الله، عز وجل، فلنتفق جميعا على شعار إسلامى واحد، ولتكن الآية الكريمة: «وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ». وبها نكون قد أثبتنا تديننا لمن يحب أو يجد متعة أو يجد مصلحة فى الخروج بمظهر خارجى يبدو عليه التدين وتكون الآية الكريمة تعبر عن مساواة بيننا جميعا فى استخدام نفس الآية. لا أنسى الجدل الذى ثار فى قاعة الندوة بين مؤيد ومعارض للفكرة، لكن الاقتراح الذى قلته، بغض النظر عن قابليته للتنفيذ، كشف عن بعد مهم فى النقاش، هو أن الموضوع ليس الآية، وإنما هناك، ولا أستطيع أن أقول الكل، من يعتبرون هذه الشعارات هى واجهتهم السياسية لحصد أصوات البسطاء ممن يظنون أن التجارة بالتدين تجارة رابحة. أتذكر قصة رمزية رواها لى صديق عن شخص كان يركب الأتوبيس ووجد سيدة منتقبة تمد يدها فى شنطة سيدة أخرى لتسرق منها.. وحين انفعل لاحظت السيدة السارقة انفعاله ونظرت إليه بجحوظ عين لا يليق بامرأة؛ فتشكك الشخص فيها؛ فنظر ليدها التى بها ما سرقت من السيدة الأخرى ليجدها يداً أقرب إلى يد رجل منها إلى يد سيدة. وأيقن أنها رجل؛ فقام بنزع النقاب عن وجهها أو وجهه ليظهر أنها رجل، وبشنب كذلك. هنا قال صديقى: إن القصة تكتمل بأن ينقض الناس على الشخص الذى كشف وجه الرجل السارق بتهمة «كشف وجه امرأة منتقبة» وتركوا الحرامى يفر بما سرق. أختم وأقول: عظمة التدين أن نراه فى سلوك المتدينين، وليس فى شعارات السياسيين. وأملى أن المحكمة الدستورية سترد هذه المادة لأنها، مهما افترضنا حسن النية، ستراها متناقضة مع النص الدستورى بأن كل المواطنين لدى القانون سواء ولا يجوز التمييز بينهم فى ذلك. والشعارات الدينية ستظل تمييزية. ضعوا الدين فى أخلاقكم وسلوككم وليس على لافتاتكم وشعاراتكم. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا للتجارة بالدين في السياسة لا للتجارة بالدين في السياسة



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon