توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مَن العقبة فى طريق النهضة؟

  مصر اليوم -

مَن العقبة فى طريق النهضة

مصر اليوم

  ديفيد لاندس مؤلف كتاب «ثروة وفقر الأمم» قال: إن هناك ثقافات مسمومة «toxic» تشل الناس المنتمين إليها. كما ذهب الاقتصادى اليابانى يوشيهارا كونيو (Yoshihara Kunio) إلى أن أحد أسباب التنمية الاقتصادية فى اليابان أنها كانت قائمة على قيم اجتماعية مؤهِّلة للتنمية لأنها تضمنت: أولاً، الحرص على تحقيق المكسب المادى، ثانياً، العمل الجاد والعمل الجماعى، ثالثاً الادخار من أجل المستقبل، رابعاً، الإيمان بالعلم والاستثمار فى التعليم، خامساً، التضامن الاجتماعى والحرص على قيم المجتمع. ويذهب جيفرى ساكس Jeffrey Sachs فى كتابه «نهاية الفقر» إلى أن: «حتى حين تسعى بعض الحكومات لأن تطور مجتمعاتها، فإن البيئة الثقافية من الممكن أن تكون عقبة فى طريق التنمية. إن القيم الدينية والثقافية يمكن أن تهمش دور المرأة الاقتصادى مثلاً، بما يترك نصف السكان بلا حقوق اقتصادية». وقد درس جيدو تابلينى (Guido Tabellini) الأداء الاقتصادى فى عدد من المناطق فى أوروبا ليجد أن قيم الثقة فى الآخرين، وثقة الإنسان فى أنه هو الذى يصنع مستقبله (وليس الحظ أو المحسوبية أو المكانة الاجتماعية للأسرة)، واحترام الآخرين هى القيم الأكثر قدرة على صناعة إنسان قادر على تحقيق أداء اقتصادى فى بعض المناطق مقارنة بغيرها داخل نفس الدولة أو دولة وأخرى. ويستنتج من هذا أن دور المؤسسات والقانون وإن كان مهماً للغاية، ولكن القيم الثقافية لا تقل أهمية عن كل ذلك، حيث تكون القوانين والمؤسسات واحدة داخل الدولة نفسها، لكن القيم الثقافية تتغير من منطقة لأخرى ومعها يتغير الأداء الاقتصادى. يقول لورنس هاريسون فى كتابه «التخلف حالة ذهنية» (وقد كان رئيسا لبعثات المعونة الأمريكية فى 5 من دول أمريكا اللاتينية) «إن ما يجعلنا قادرين على تحقيق التنمية هى مسألة ذهنية وعقلية فى الأساس ترتبط بقدرتنا على التخيل، والتنظير، وتفكيك المشاكل، والتجربة، والاختراع، والابتكار، وتعريف المصطلحات، وتنظيم الوقت، وإدارة الموارد، وحل الصراعات... الموتور الحقيقى للتنمية هو قدرة الإنسان على الابتكار (human creative capacity) ومدى قبول المجتمع للأفكار الجديدة وهضمه لها والاستفادة منها. وفى دراسة شهيرة قام بها عدد من الباحثين فى مطلع الألفية (ويمكن اختصار اسمها كالتالى: (CMRP) وجد عدد من الباحثين أن المجتمعات التى تسيطر عليها الثقافة البروتستانتية (مثل أمريكا والدول الاسكندنافية)، واليهودية (إسرائيل وأماكن تجمع اليهود فى العالم)، والكونفوشوسية (مثل الصين والتجمعات الصينية فى العالم) تميل إلى العمل والاجتهاد والإنجاز والابتكار أكثر من المجتمعات التى تسيطر عليها الثقافات الكاثوليكية (إيطاليا وإسبانيا) والأرثوذوكسية (اليونان، صربيا) والإسلامية. وطبعاً لكل حكم عام استثناءات، فلا شك أن الأداء الاقتصادى لشيلى والبرازيل (وهما كاثوليكيتان) كان أفضل فى آخر عشر سنوات من الأداء الاقتصادى للولايات المتحدة وإنجلترا (وهما بروتستانتيتان). ونفس الكلام يقال عن تركيا وماليزيا. ولكن مرة أخرى، الأمور بما يغلب عليها وليس باستثناءاتها. ومع ذلك تظل الاستثناءات مهمة لأنها مصدر دروس وخبرات مكتسبة يمكن البناء عليها، إن لم يكن فى الثقافة ما يمنع الاستفادة من تجارب الدول الأخرى. ولكن يضاف إلى ذلك أن نصوص أى دين بذاتها لا تصنع نهضة ولا تقوضها، وإنما هى توفر الأدوات والمفردات التى يمكن للعقل البشرى أن يحسن استخدامها فيصنع نهضة حقيقية أو يسىء استخدامها فيصنع نكسة محققة. آيات سورة الحديد فى القرآن الكريم تتحدث عن أن الله أنزل الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس. من المسلمين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فأحسنوا العلم والتعلم وحولوا الحديد إلى أسباب الحضارة فى دول غير عربية، ومنهم، أمثالنا، ممن ناموا فى النور، ولعنوا الظلام وتقاذفوا بالطوب وأصبح هدف كل واحد منهم أن يمسك بقطعة حديد كى يضرب بها مخالفه فى التوجه الفكرى كما يفعل الأغبياء والحمقى فى كل زمان ومكان. طيب عايز تقول إيه؟ النهضة الحقيقية تحتاج قيادة نهضة حقيقية وثقافة نهضة حقيقية. والقيادة الحقيقية بحاجة لأن تعطى القدوة فى تغيير الثقافة السائدة، وإلا فهى ليست قيادة وإنما فقط تسيّر شئون الدولة. النهضة لا تُصنع رغماً عن أنف المجتمع، النهضة تُصنع بإرادة المجتمع. هذا هو الحال، وهذا هو الحل: باختصار. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مَن العقبة فى طريق النهضة مَن العقبة فى طريق النهضة



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon