معتز بالله عبد الفتاح
أولاً، ما الذى نعرفه عن وضع المياه فى مصر؟
مصر تعانى نقصاً فى المياه، لأسباب تتعلق بالزيادة السكانية غير المنضبطة وسوء استغلال المياه فى القطاعات المختلفة، لذا هناك واجب مصرى يتعلق بترشيد استهلاك المياه.
خبراء المياه يقولون إن مصر ستحتاج بحلول 2050 إلى 21 مليار متر مكعب فوق حصتها الحالية (التى هى 55 مليار متر مكعب) لسد احتياجات سكانها الذى يتوقع أن يصل عددهم إلى 160 مليون نسمة من المياه.
ثانياً، ما الذى نعرفه عن حقوقنا المائية؟
القانون الدولى يقف فى جانب القضية المصرية وفقاً لنظريتى الحقوق التاريخية والحقوق المكتسبة لصالح مصر من ناحية، ووفقاً لنظرية منع الضرر والمسئولية القانونية على إثيوبيا من ناحية أخرى؛ فلا يجوز لإثيوبيا أن تقوم بتحويل رافد فى نهر دولى تتشاطر فيه 9 دول أخرى دون ضمانات بعدم الإضرار.
ثالثاً، ما الموقف الإثيوبى؟
أوضح من تحدث فى هذا الأمر مؤخراً، هو جبر كريستوس وزير الدولة الإثيوبى للشئون الخارجية الذى نُسب إليه أنه قال إن السد منشأ لغرض توليد الكهرباء فقط وليس للزراعة، وإنه لن يستقطع من حصة مصر المائية، وأكد على هامش مؤتمر القمة الأفريقية بأديس أبابا، أن إثيوبيا لا يمكن أن تضر بمصالح الشعب المصرى، حيث تعلم جيداً أن إلحاق الضرر بالمصريين سيؤدى إلى إلحاق الضرر بالإثيوبيين، خاصة أن إثيوبيا لا تزعم على الإطلاق أنها تمتلك نهر النيل وحدها.
موضحاً أن نهر النيل يمر فى إثيوبيا داخل منحدر ضيق عميق ولا يمكن استخدامه فى الرى، الوادى عميق جداً، ولدينا جزء صغير جداً من الأرض الذى يمكن فيه استخدام مياه النيل للرى وهو جزء غير هام، وليس من السهل رفع مياه النيل لاستخدامها فى الرى فى الأراضى الإثيوبية المرتفعة، ولا يمكن أن نستخدم مياه النيل هنا سوى لتوليد الكهرباء، وفى هذه العملية لا نستهلك أى جزء من مياه النيل، وسنستخدم المياه فقط لتوليد الكهرباء ونترك النهر ينساب إلى مصر بكل سهولة.
وبالمناسبة، تكرر هذا الكلام كثيراً من مسئولين إثيوبيين فى مواقف مختلفة.
رابعاً، ما الموقف المصرى؟
الاستراتيجية الوحيدة المقبولة فى هذا المقام هى: «الاستعداد لكل الاحتمالات بدءاً بأسوئها»، وأسوأ الاحتمالات أن يكون كلام المسئولين الإثيوبيين مجرد خداع استراتيجى وأن هناك خفايا غير معلنة تنتهى بأن يُستخدم السد، وغيره من السدود المزمع إقامتها، لأغراض تنال من حصة مصر، وهذا غير مستبعد.
وبناءً عليه، فلا بد من عقد اجتماع لمجلس الأمن القومى المصرى بحضور المتخصصين (نظام قديم، نظام جديد مش مهم) يتم فيه تدارس الأمر ووضع عدة احتمالات، كلها تتطلب منا اليقظة والتحرك على ثلاثة مستويات.
المستوى الأول، السودان، السودان، السودان، الموقف المصرى لا بد أن يكون متطابقاً تمام التطابق مع الموقف المصرى، لو نجحت إثيوبيا فى استقطاب السودان فى صفها ضد مصر، فالخسارة هائلة، وأنا هنا لا أتحدث عن الشعارات التقليدية التى نكررها كثيراً عن العلاقات الأخوية والقومية العربية ووحدة الماضى والحاضر والمصير، بل أتحدث عن مباحثات عالية المستوى تنتهى بموقف موحد مكتوب ومعلن على الرأى العام العالمى.
المستوى الثانى، شن حرب دبلوماسية على كافة المستويات، بدءاً من الدول، مروراً بالمنظمات الدولية يكون فيها الأساس أن حكومتى مصر والسودان تحتفظان بحقهما كاملاً فى الدفاع عن أمنهما القومى وعن مصالح شعبيهما وأن منع أو انتقاص حصة الدولتين من المياه، هى مثل منع الهواء عن شخص بما يفضى إلى موته وبالتالى يعطيه الحق فى الدفاع الشرعى عن النفس، وعليه فكل البدائل مفتوحة أمام الدولتين، ولا مجال للتفصيل أكثر من ذلك.
المستوى الثالث، مصر والسودان حريصتان كل الحرص على حق الشعب الإثيوبى فى النهضة والتقدم والانتفاع بالمياه، لكنهما فى نفس الوقت تريدان أن يكون التنسيق بين الدول الثلاث دورياً وإلزامياً للاستفادة المثلى من النهر كمورد اقتصادى، ومن علاقات حسن الجوار بين الأطراف.
أخيراً، على الدكتور مرسى أن يعقد مصالحة مع مؤسسات الدولة السيادية، لأنها هى الأدرى بهذه الملفات، أرجوكم لا تضيعوا البلد فى مكايدات ومزايدات ومعاندات.
نقلاً عن جريدة " الوطن"