توقيت القاهرة المحلي 00:42:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قبيلة «بنى كروت» وقبيلة «بنى فوت»

  مصر اليوم -

قبيلة «بنى كروت» وقبيلة «بنى فوت»

معتز بالله عبد الفتاح

    واحدة من معضلات مصر هى تراجع الأفضل وتمكين المفضول. الأفضل (بمعنى الأكفأ، الأكثر تعلما ونباهة ومبادرة) يختار أن ينزوى أو أن يعمل فى مجال العمل الخاص (وهذا ليس عيبا)، لكنه يتراجع عن العمل العام (وتحديدا الحكومى أو المرتبط به)، فيكون مستعدا مثلا لأن يتبرع بالمال والأفكار، ولكن يطلب أن يكون فى الظل لأنه يخشى من حزب أعداء النجاح أو كارهى الإنجاز أو الراغبين فى تشويه الآخرين من قبيلة «بنى همبك»، ابنة عمومة قبيلة بنى «كروت»، بل إن بعضهم يعمل فى الخفاء، ليس من باب طاعة الخالق فى الإنفاق سرا، وإنما هو يعمل خوفا لأن هناك من يترصد لكل ناجح. وحين أسمع هذا الكلام من أسماء بالفعل لامعة وناجحة فى مجالاتها، فالإنسان يخشى أن العملة الرديئة تدمر البيئة الصالحة للعملة الجيدة. هذه كارثة وطنية بكل المعايير. من بين عشرين شخصا مرشحين لمهمة ما، نجد أن أكفأ خمسة هم الأكثر زهدا فيها، والأقل كفاءة هم الأكثر استعدادا لها. هذه دعوة صريحة لأبناء جيلى ممن تخرجوا فى الجامعات فى الثمانينات والتسعينات، التراجع، تواضعا أو خوفا، ليس بديلا. الجيل اللاحق علينا بحاجة إلينا كى نساعدهم ونمكنهم، والجيل السابق علينا بحاجة لأن نتعلم منهم وأن نضيف إليهم. أرجوكم، لا تتركوا الساحة للمفضولين بغير عذر، فالمفضول من بنى «همبك» فى تحالف قوى مع المفضول من بنى «كروت» والاثنان فى شراكة تاريخية مع المفضولين من بنى «فوت». ولا أتصور نجاح الأفضل فى مواجهة هذا التحالف الجهنمى إلا بإقناع الأفضل فى مجالات متنوعة بالتقدم الجماعى كفريق عمل متجانس يتخطى الميليشيات السياسية التى تعيشها مصر. وهذه هى مزية أخرى للناجحين: أنه يعلم أنه لن ينجح وحيدا. وقد تذكرت كلام صديقى المهندس حاتم خاطر، المعين حديثا رئيسا لاتحاد الجمعيات الأهلية، بشأن رؤيته لمشكلة العمل الجماعى فى مصر، وهو أن الكثيرين باحثون عن النجومية الفردية، قطعا هناك مساعدون ولكن هم ليسوا شركاء. وهو ما جعله يقدم رؤية سباعية للعمل الجماعى الناجح لا يمكن أن تتوافر فى شخص واحد إلا خروجا على مألوف الفطرة من التفاوت فى القدرات والملكات. أما المكونات التى أنقلها عنه لأى فريق عمل بهدف تمكين الأفضل فهى: مكون الرؤية، ثم مكون الدراسة وتمحيص هذه الرؤية، ثم مكون التخطيط، ثم مكون التحفيز، ثم مكون التنفيذ، ثم مكون المراقبة والتقييم، ثم مكون خلق التناغم بين شركاء العمل الجماعى. هناك أشخاص أفضل من غيرهم فى مسألة التخطيط، وهناك آخرون أفضل فى التحفيز، وهناك من هم أفضل فى أمور خلق التناغم بين الشركاء. هذه قيم النجاح التى ما نجح الناجحون إلا بها، وما فشل مجتمع إلا لغيابها. هل نحن لها؟ هل نحن قادرون عليها؟ هل نستطيع أن نكون حلقة الوصل بين الكبار الذين وقعوا (وربما سيوقعون جيلنا واللاحقين علينا) فى أضابير الخلاف والشقاق والانشقاق؟ هل نحن قادرون على العمل الجماعى؟ هل نحن قادرون على تمكين الأفضل؟ فلنحاول.. هذه مسئولية جيلنا. أرى أجزاء كثيرة سليمة فى مصر (بس لوحدها) كما قال الكوميديان الشهير. ولو كانت هذه الطاقات تجد فى النهضة الحقيقية عملا لما احتاجت لرفع شعارات التمرد والعصيان. كنت أطالع حديثا كتابا شهيرا فى التنمية البشرية (الصفات السبع للشخصيات الأكثر فعالية) كجزء من تحضيرى لبرنامجى الجديد، وبعد أن انتهيت منه عرفت لماذا كان هذا الكتاب مقررا على طلاب الدراسة الثانوية فى العديد من المدارس الأمريكية. أولى مشاكل مصر هى مشاكل العقل المصرى. عقل فيه طاقة هائلة وفوضى هائلة أيضا. عقل تختلط فيه الحقائق بالمخاوف، وتختلط فيه الأحلام بالأوهام. انقسام مصر بين ميليشيات سياسية متنوعة له مخاطر شديدة على الدولة، وانقسام المصريين بين «بنى همبك» و«بنى كروت» و«بنى فوت» فيه مخاطر شديدة على المجتمع، لكنها مخاطر واجهتها دول ومجتمعات أخرى ونجحت فيها حين عرفت أصل الداء وأحسنت اختراع الدواء. هذا كان الحال، وربما يكون بداية للحل، باختصار. نقلا عن جريدة "الوطن"  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قبيلة «بنى كروت» وقبيلة «بنى فوت» قبيلة «بنى كروت» وقبيلة «بنى فوت»



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon