توقيت القاهرة المحلي 00:23:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

.. وإلا فليستشعر الحرج ويعلن الاستقالة

  مصر اليوم -

 وإلا فليستشعر الحرج ويعلن الاستقالة

معتز بالله عبد الفتاح

هل أخطأ المصريون بانتخاب الدكتور مرسى، أم أخطأ مرشحو الثورة بأن تنافسوا لصالح غيرهم سواء من الإخوان أو من النظام القديم؟ المصريون قرروا أن يجربوا شيئا جديدا، أن ينتخبوا نمطا مختلفا من التفكير والإدارة، نمطا ادعى أنه أفضل وأنه لو أُعطى الفرصة فسيحقق نجاحات لا يحققها غيره؛ لذا انتخبوا الدكتور مرسى. وتقديرى المتواضع أن قطاعا واسعا من المصريين بمن فيهم غير مناصريه تفاءل خيرا وأعطى دعما مشروطا للرئيس الجديد، لكن الشروط كانت مرتبطة بالإنجاز. وربما تتذكرون حضراتكم أنه فى يونيو 2012، وقبل انتخابات الرئيس، حددت مهام الرئيس الجديد، أيا من كان، فى خمس جمل، ونصحت من يشغل المنصب أن يكتبها أو يكتب مثلها ويضعها أمامه على مكتبه، وهو ما أفعله أنا دائما حين يكون عندى مهمة جديدة. وبالمناسبة أنا أكتب هذا المقال وعندى ورقة مكتوب عليها: «لماذا نتخلف ويتقدم غيرنا؟» وهى بالنسبة لى العبارة المفتاحية التى تشكل بالنسبة لى البوصلة فى ما أكتب وفى ما أقرأ وفى ما أقول. لذا تمنيت على الرئيس آنذاك أن يكتب هذه الجمل: «أمن بلا استبداد، تنمية بلا فساد، دستور جامع بلا استبعاد، وإخراج العسكر بلا عناد، ودور إقليمى نشط بلا استعداء». وبعد عدة أشهر كتبت مقالا سجلت فيه تعليقى على أداء السيد الرئيس. وأعلم أن كثيرين يختلفون معى فى فكرة التقييم أصلا، لكن حتى الطالب الذى يمر بامتحان صعب عليه أن يوضح أسباب الصعوبة وما هو فى إطار سيطرته وما هو خارج عنه. حين جاء الرئيس مرسى إلى السلطة ظننت أنه قادر على أن يحقق هذه الخماسية.. الإشارات الأولى كانت إيجابية، رجل حريص على أن يستمع للجميع وأن يتفاعل مع بعض معارضيه ويشكل فريقاً رئاسياً متنوعاً لحد ما، حتى إن كان أقل مما التزم به من وعود أثناء الفترة الانتخابية. كان أول إنجازاته هو إخراج العسكر من اللعبة السياسية بطريقة موفقة، وهذا كان جزءا من أهدافى المتواضعة منذ أن بدأ، وقلته مرارات وتكرارا، هدفنا أن يسلم المجلس العسكرى السلطة بسرعة ويخرج منها سليما لأننا نخاف منهم ونخاف عليهم. نخاف منهم لأن السلطة شهوة، وفى حالتنا هذه فإن استمرار العسكر فى السلطة يعنى أن الثورة كانت انقلابا عسكريا فى نهايتها رغم أنها كانت ثورة شعبية فى بدايتها. كما أننى كنت أخشى على القوات المسلحة من الانقسام، سواء الأفقى أو الرأسى، وكما قال اللواء عبدالفتاح السيسى فى لقاء له مع عدد من الناس فى مرحلة ما قبل توليه لمسئولية وزير الدفاع: «لو الدولة لا قدر الله وقعت، القوات المسلحة تقومها من تانى، لكن لو القوات المسلحة وقعت، ما حدش هيقومها ولا هيقوم البلد من تانى». والكلام صحيح، إلا عند المواطنين «الممأطفين» الذين كنت أتحدث عنهم بالأمس فى برنامج «باختصار»؛ حيث هؤلاء لا يرون ولا يسمعون إلا أصواتهم الحمقاء التى يمكن أن تفضى بنا جميعا إلى الهاوية. انظر حولك، انظر إلى دول وجيوش المنطقة.. معظم العرب أصبحوا بلا سيف ولا درع.. وهذا ما لا نريده لبلدنا أو لجيشنا. الأهم يأتى بالضرورة قبل المهم. إذن على هذا المستوى، نجح الدكتور مرسى أن يُخرج العسكر من اللعبة السياسية، لكنه مع الأسف أساء إدارة الملفات الأخرى وأصبح هناك من يراهن على عودتهم، وهو خطر فوق كل خطر. من المهام الخمس للرئيس كان الدور الإقليمى النشط وكانت مقدماته جيدة بعدد من الزيارات، لكنه فجأة توقف ولم تزل العلاقة مع بعض الدول المفتاحية فى المنطقة يغلب عليها الركود بل العداء. والعجرفة المصرية التقليدية اختلطت على صانع القرار السياسى، فلا كسب المترددين فى دعم مصر ولا نجح فى إدارة الملفات الخارجية على نحو يضمن مصالحنا الحيوية. ولم يزل الاجتماع «السرى العلنى» الشهير بشأن مياه النيل علامة بارزة على سوء إدارة الدكتور مرسى للبلاد. أما الدستور الجامع بلا استبعاد فكان متفقاً مع الوعد الرئاسى بدستور توافقى، وهو المنطقى من أى رئيس يدرك مخاطر قيادة سيارة أهلها متصارعون. وكانت أمامه الفرصة، سواء لو تم حل الجمعية التأسيسية، وهذا ما اقترحته، أو مضى وقتها دون إتمام عملها بأن يشكل لجنة من قانونيين دستوريين مستقلين لمراجعة الدستور وتقديمه للاستفتاء بعد التخلص من المواد الخلافية؛ إما بردها إلى أصولها فى دساتير مصر السابقة، وإما بإلغائها وتركها للبرلمان. وهذا الكلام جاء فى هذا العمود أكثر من مرة خلال الشهر السابق على الإعلان الدستورى فى نوفمبر 2012، ووصل إلى مؤسسة الرئاسة بأكثر من طريق. كنت أقول هذا وأنا على يقين أن التوافق داخل «التأسيسية» كان مستحيلاً حتى لو ظلت الجمعية فى عملها لشهور؛ لأن الخلافات استحكمت لدرجة لا يمكن معها الاتفاق، لا سيما مع تغيير بعض المنسحبين لآرائهم عدة مرات بشأن القضية الواحدة على نحو جعل الحوار فى بعض فتراته عبثياً. لكن الرئاسة فقدت أحد أهم مقومات أى رئاسة، وهى سمعتها بأنها تفى بالعهد وتلتزم بالوعد؛ فلا الدستور جاء جامعاً رغم أن الكرة كانت فى ملعب الرئيس، ولا مجلس الشورى، الذى كان الوعد أن يتم تعيين 90 من المعارضة فيه لتصبح نسبة سيطرة التيار المحافظ دينياً فى حدود 55٪، لكن هذا نفسه لم يتم الالتزام به من الرئيس. المعضلة هنا ليست فى ما مضى فقط، ولكن كيف يحكم الرئيس بعد أن فقد جزءا كبيرا من مصداقيته؟ هناك قرارات كثيرة صعبة جداً سيحتاج معها دعماً سياسياً وشعبياً كبيراً لا يمكن أن يحصل عليه إلا بدعم معارضيه له، وهذا ما كان يفعله الرئيس مبارك فى بداية فترة حكمه، وما انقلب عن التشاور مع معارضيه إلا فى السنوات العشر الأخيرة من حكمه، لكن يبدو أن الرئيس الحالى قرر أن يبدأ من حيث انتهى «مبارك»، وهى بداية غير موفقة بالمرة. أما جملة «أمن بلا استبداد» فقد أصبحت هى الأخرى فى مهب الريح على نحو يثير التساؤل. أين وزارة الداخلية من تطبيق النص الدستورى القائل: «ويجب أن يبلغ كل من تقيد حريته بأسباب ذلك كتابة خلال اثنتى عشرة ساعة، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته، ولا يجرى التحقيق معه إلا فى حضور محاميه، فإن لم يكن، نُدب له محام. ولكل من تقيد حريته، ولغيره، حق التظلم أمام القضاء من ذلك الإجراء والفصل فيه خلال أسبوع، وإلا وجب الإفراج عنه حتماً»؟ هل استبدلنا بالسجّان القديم سجاناً آخر؟ وهل نصنع ديكوراً ديمقراطياً يخفى وراءه الديكتاتورية الجديدة؟ أما التنمية بلا فساد، فأصبحنا نشكو من أننا نعيش فى فساد بلا تنمية. ضع كل ما سبق فى إطار التساؤل الأساسى، ليس: لماذا يتمردون؟ ولكن لماذا لا يتمردون وقد خلقنا لهم البيئة الملائمة تماما للتمرد؟ ما الذى يمكن أن يفعله الرئيس؟ عليه أن يخرج على الناس ليناقش معهم كل محور من هذه المحاور: يوضح ما نجح فيه، ويفسر ما أخفق فيه، ويعتذر عمّا قصر فيه، وإلا فليستشعر الحرج ويعلن الاستقالة. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 وإلا فليستشعر الحرج ويعلن الاستقالة  وإلا فليستشعر الحرج ويعلن الاستقالة



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon