توقيت القاهرة المحلي 00:23:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مِن أخونة مصر إلى تمصير الإخوان

  مصر اليوم -

مِن أخونة مصر إلى تمصير الإخوان

مصر اليوم

مَن يقود سفينة وهو غير ماهر بها يأخذها فى أقصى اليمين معرضاً إياها للخطر وكى يصلح الخطأ يأخذها فى أقصى اليسار، فتفقد توازنها، وربما تغرق ويغرقها من يقودها. لقد فشلت محاولات أولئك الذين أرادوا «أخونة» مصر: مصر الدولة والمجتمع، وقد جاء فى هذا المكان أكثر من مرة التحذير من «أدلجة» و«تحزيب» المؤسسات السيادية ومؤسسات صنع العقل وعلى رأسها وزارات: «الإعلام، التعليم، الثقافة، الأوقاف»، وكان الكلام مباشراً وصريحاً فى أن محاولة «أخونة» هذه المؤسسات سيترتب عليها خروجها على السيطرة وازدياد مقاومتها، كما أن محاولة «أخونة» المجتمع ستواجه بمقاومة مشابهة، لأن أحداً لن يستطيع أن يسيطر على مصادر المعلومات أو الأفكار التى يموج بها المجتمع والمنطقة والعالم. المطلوب الآن هو «تمصير» الإخوان، ليس بمعنى أن أعضاءها أو أنصارها غير مصريين، ولكن بمعنى شامل له خمسة أبعاد: أولاً، أن نتفهم مصابهم وأن نستعد للحوار معهم بما يقنعهم بأن من خانهم هو رئيسهم وقياداتهم وليس قطاعاً واسعاً من الشعب المصرى خرج فى 30 يونيو معبراً عن استيائه من أخطاء كثيرة وقعت فيها الترويكا الحاكمة: الرئاسة، الحزب، الجماعة. ثانياً، تمصير الإخوان يعنى أن توجه القيادات الوسطية للإخوان أوجه النقد لقياداتها أولاً حتى يعوا الأسباب التى جعلت قطار الإخوان يخرج على مساره، وبدلاً من أن تكون معادلة «الثلثين» مع التيار المحافظ دينياً والثلث ضده تتحول الآن إلى الثلث معه والثلثين ضده. ثالثاً، تمصير الإخوان يقتضى قبل كل شىء الالتزام التام بالتظاهر السلمى والبعد عن أى تهديد أو استخدام فعلى للقوة المادية. رابعاً، تمصير الإخوان يعنى أن نعى جميعاً أن أى دم يسيل من الإخوان أو من غيرهم هو جريمة عظمى فى حق الوطن ينبغى التوقف عن تبريرها أو تجاهلها. خامساً، تمصير الإخوان يعنى أن يخضعوا للقانون المصرى وأن يشاركوا فى الحياة السياسية كمواطنين كاملى الأهلية وكاملى المسئولية، يتمتعون بكل الحقوق ويُسألون عن كل الواجبات. ولكن الحقيقة أن هناك معضلة أكبر وهى حاجتنا لأن نؤكد على «إنسانية الإنسان المصرى» أصلاً، ومن الظلم أن نفصل قضية «تمصير الإخوان» عن معضلة «نزع الإنسانية عن الإنسان المصرى». تخيلوا حضراتكم حين يجد أحدنا إنساناً أصيب بطلق نارى، فبدلاً من أن يسعى لإنقاذه ومعاونته، يخرج بسرعة التليفون المحمول كى يقوم بتصويره وهو ينزف ويموت. أى إنسانية تلك التى تجعلنا لا نرى واجبنا الإنسانى تجاه مريض أو مصاب، ونرى متعتنا الشخصية فى أن نسجل السبق وأن نلبى الطمع الشيطانى الذى بداخلنا؟ تخيلوا حضراتكم أن يتحول إعلاميون إلى أدوات لنشر الكراهية والبغضاء ضد مواطنين مصريين آخرين أو ضد عرب يعيشون بيننا، لأنهم يلوذون بنا إما عبوراً أو لجوءاً. لقد ملأت السياسة بعضنا حقداً وشحناء لدرجة أننا لم نعد نقدر مخاطر ما نقول على أبرياء حتى لو كان بينهم قلة تسىء للأغلبية، لكن الحذر واجب. تخيلوا أن نجد بيننا من يهين أى شخص له لحية أو امرأة محجبة أو منتقبة اعتقاداً منه أنهم «إرهابيون» أو يؤيدون إرهابيين، ونعتبر أن ذلك جزء من عقاب اجتماعى يوقع على هؤلاء نتيجة ما فعله الساسة المنتمون للتيار المحافظ دينياً. تخيلوا حضراتكم أن يقف أحدنا على منصة يخاطب فيها الجماهير داعياً الله أن يعاقب خصومه السياسيين بنفس الدعاء الذى كان يستخدمه الرسول صلى الله عليه وسلم فى الدعاء على الكفار، إن هذه اللغة تعنى أننا فقدنا الرغبة فى الحياة المشتركة، وليس فقط فى التنافس السياسى. تخيلوا حضراتكم أن بيننا مَن قرر أن يدمر العمل المدنى والأهلى بأن يصف مؤسسات خيرية مثل جمعية «رسالة» وجمعية الأورمان وبنك الطعام بأنها «خلايا نائمة» لجماعات الإسلام السياسى، وكأننا بهذا نلوث ما بقى من إنسانيتنا بسم السياسة القاتل، وهى مؤسسات قطعاً بعيدة كل البعد عن أى نشاط سياسى. تخيلوا حضراتكم أن نبدأ من الآن سن السكاكين للحكومة الجديدة وكأن بعضنا يريد لها الفشل رغم أن فشلها يضر بنا جميعاً. أخونة مصر فشلت، وتمصير الإخوان واستيعاب الأجيال الجديدة بعد مراجعات داخلية حقيقية ضرورة، وأنسنة المصريين واستعادة القيم الأخلاقية للمجتمع مسئوليتنا جميعاً.  نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مِن أخونة مصر إلى تمصير الإخوان مِن أخونة مصر إلى تمصير الإخوان



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon