توقيت القاهرة المحلي 00:23:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ديمقراطية صندوقراطية أم شارعقراطية

  مصر اليوم -

ديمقراطية صندوقراطية أم شارعقراطية

معتز بالله عبد الفتاح

معلهش يا شعب. إحنا بنتعلم فى بعض علشان ما عندناش قيادة رشيدة تقودنا. من عجائب النخبة المصرية الشقيقة العميقة أنه إذا وصل أحدنا إلى السلطة بالصندوق نسى الشارع، ومن إذا أجاد الحشد فى الشارع نسى الصندوق. وسواء الصندوق أو الشارع فكلاهما أداة لتجسيد إرادة الأمة، وكلاهما منصوص عليه فى الدستور. لكن الأصل أن الصندوق لاختيار من يحكمنا، والشارع للاحتجاج على من يحكمنا. نحن عكسنا الموضوع: الشارع لاختيار من يحكمنا والصندوق علشان نحتج عليه. وآه يا بلد. انتم عارفين النخبة العظيمة دى عملت إيه فى الشعب الغلبان ده؟ أهدرت إرادته خمس مرات. نعمل استفتاء على دستور 1971 وهو الدستور الذى عادت النخبة تطالب بتطبيقه فى 2012 بعد أن رفضت تعديله آنذاك معلنة أنه دستور ساقط وغير قابل للترقيع. وبعد ما الشعب صدق النخبة ووقف فى الشارع بالساعات علشان يقول رأيه فى الصندوق، النخبة العظيمة آنذاك ومعها المجلس العسكرى أعلنت أن «الحقيقة من الأفضل أن نطلّع إعلان دستورى فى 30 مارس 2011» كى يكون نقطة وسط بين ما أرادته أغلبية الجماهير التى نزلت سواء بحثاً عن الاستقرار أو علشان تدخل الجنة، وبين النخبة المعارضة متقلبة المزاج التى تتبنى نظرية «ده ما يشفش أمه بالعند فيه». الجماهير قالت، طيب يا أسيادنا يا «نخبة» يمكن انتم فاهمين أكثر. النخبة قالت نعمل انتخابات تشريعية، وتحذر المحكمة الدستورية أمامى فى أكثر من اجتماع أن صيغة الثلثين للقائمة والثلث للفردى سيكون غير دستورى، وتصر الأحزاب المدنية واليسارية والثورية والمحافظة بإجماع مذهل. وكان سؤالى طيب لماذا تضعون الحبل حول رقابكم، ما تمشى عدل يحتار عدوك فيك؟ وتنزل الجماهير لتقف بالساعات فى الشوارع من أجل مجلس شعب ثم من أجل مجلس الشورى، وبعد ما ينتخبوه. تأتى النخبة الدستورية وتقول: الحقيقة كان فيه غلطة صغيرة أوى، إحنا محتاجين نصححها، وهو أن القانون غير دستورى. عليكم واحد. المرة اللى جاية إن شاء الله نصلح الموضوع ده. الجماهير قالت، طيب يا أسيادنا يا «نخبة» يمكن انتم فاهمين أكثر. وتأتى الانتخابات الرئاسية، ويتنافس المتنافسون، وتنزل الناس للشوارع وتقف بالساعات فى الطوابير أملاً فى الوصول إلى الصندوق واختيار رئيس جديد من جماعة كانت دائماً تدعى أنها كفؤة ومضطهدة. نعطيهم فرصة. وبعد ما وصل منهم رئيسهم كان المطلوب منه أن يكون رئيساً للجميع. وقد حاول بالفعل، بدرجة مقبولة من النجاح فى أول ثلاثة أشهر، ثم أبدع ما أبدع، إلى أن خرج قطاع لا يمكن إنكاره من الجماهير عليه، وبدلاً من أن يدير الأزمة ككل رجل دولة منضبط، خرج يذكرنا عشرات المرات: «أنا الشرعية والشرعية أنا». كنت أتابع هذا الخطاب العبقرى مع مجموعة من الزملاء الذين كانوا يضحكون وكأنهم أمام مسرحية، وقال أحدهم بعد أن انتهى من سماعه: «هتوحشنا يا دكتور مرسى». وقد كان. وهنا يأتى ويذهب أول رئيس مدنى منتخب بسبب ظنه أن المؤامرة أطاحت به. ونسى أن السياسة تساوى المؤامرة والمؤامرة تساوى السياسة. النكسة كانت مؤامرة ضدنا وحرب أكتوبر كانت مؤامرة ضدهم. وفى حياة المصريين المؤامرة هى الأوكسجين الذى يتنفسونه. المدرس حين يعطى سؤالاً غير متوقع، عند الطلبة إنها مؤامرة. والمدرب الذى يلعب باثنين مهاجمين صريحين بدلاً من واحد، من وجهة نظر الفريق المنافس هذه مؤامرة. السؤال ماذا ستفعل حين تعرف بالمؤامرة؟ والرئيس الذى يقول له القريب والبعيد لعدة أشهر فى 30 يونيو القادم ستكون هناك مشاكل عليك أن تعالجها مسبقاً، ثم يتم عزله بسبب غفلته، يكون هو من تآمر على نفسه. وعليه، ترك الرجل منصبه، وها نحن نقول للجماهير مرة أخرى: حظكم وحش، حاولوا كمان مرة. ويستمر الأمر مع الدستور الذى تم التصويت عليه وسنكون مطالبين بتعديله، ونطلب من الجماهير أن تعيد التصويت عليه. طيب بأى حجة نطلب من الجماهير أن تنزل إلى الصناديق مرة أخرى؟ ما هم يركزوا طاقتهم فى الحشد فى الشارع. وبدلاً من أن تكون لجنة انتخابات القضاة هى الفيصل، يكون «جوجل إيرث» ومهندسو المساحة هم من يحددون نتيجة الانتخابات والاستفتاءات. ويكون هذا هو الإسهام المصرى فى التطور الديمقراطى الحديث؟ نقلاً عن جريدة "الوطن "

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ديمقراطية صندوقراطية أم شارعقراطية ديمقراطية صندوقراطية أم شارعقراطية



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon