مصر اليوم
«الدكتور مرسى عليه مسئولية خطيرة وهى إما أن يكون «الرئيس المؤسس» لمصر ما بعد الثورة أو مجرد رئيس انتقالى إلى أن يأتى الرئيس المؤسس الحقيقى، ولهذا هو بحاجة لأن يكون صاحب موقف فى القضايا الخطيرة التى سيكون لها تأثير طويل المدى، وعلى رأسها قضية الدستور، جاء فى هذا المكان منذ أكثر من أسبوعين تحذير واضح وصريح بأن الجمعية التأسيسية تواجه خطراً شديداً يرتبط بقدرتها على تحقيق التوافق، وشئنا أم أبينا ستكون هناك مسودة دستور (حال حل الجمعية) أو مشروع دستور (حال اكتمال عمل الجمعية) ويفترض فيه أن يكون نقطة البداية فى مصالحة وطنية وليس سبباً جديداً من أسباب الصراعات الحزبية، وسيكون على الرئيس أن ينظر إلى هذا المشروع بعين رجل الدولة المسئول عن وثيقة تأسيس وتوافق وليست وثيقة صراع وتراشق، قدمت وقدم غيرى مقترحات كثيرة للخروج من المأزق بما فيها حذف المواد المثيرة للجدل والعودة لأصلها كما كان فى دستور 1971 لو لها أصل فيه، أو حذفها وتركها للمشرِّع والتقاليد الدستورية المستقرة». هذا كان اقتباساً من مقال نشر فى هذا المكان فى 21 نوفمبر 2012 أى فى صباح اليوم الذى أعلن فيه الدكتور مرسى الإعلان الدستورى الذى كان نقطة البداية فى نزيف شرعيته.
والواضح من الاقتباس أن الدكتور مرسى كان أمام اختيارين: إما أن يكون مجرد رئيس انتقالى أو أن يكون رئيساً مؤسساً. ولكل واحد منهما مواصفات ومقادير معينة تختلف عن الآخر؛ فإما أن يسعى أن يكون رئيساً لكل المصريين، كما كنا نتمنى، وأن يثبت ذلك بالتوافق حول الدستور، أو أن يكون مجرد رئيس مؤقت إلى أن يأتى الرئيس المؤسس الحقيقى. وقد أبت نفسه وجماعته ومستشاروه إلا أن يكون مجرد اسم عابر فى تاريخ مصر ويأتى بعده من سيكون عليه أن يقوم بالواجب الذى أخفق فيه.
مصر لم تنجز الكثير فى المرحلتين الانتقاليتين الأولى والثانية، والمطلوب فى الفترة الانتقالية الثالثة ألا تكون مرحلة؛ مجرد مرحلة انتقالية لمرحلة انتقالية جديدة، وإنما أن تكون نهاية لكل المراحل الانتقالية بأن تكون مرحلة «تأسيسية» وهو ما أشار إليه الدكتور مصطفى حجازى المستشار الاستراتيجى لرئيس الجمهورية.
ولا مجال لأن نعبر مما نحن فيه إلى تأسيس وضع أفضل إلا بالمرور على الأسئلة الإجبارية الخمسة التى كانت مطروحة على الرئيس الانتقالى الثانى: الدكتور مرسى.
فى يونيو 2012، وقبل انتخابات الرئاسة، حددت مهام الرئيس الجديد أياً كان اسمه فى خمس جمل، ونصحت من يشغل المنصب أن يكتبها أو يكتب مثلها ويضعها أمامه على مكتبه. هذه الجمل هى: أمن بلا استبداد، تنمية بلا فساد، دستور جامع بلا استبعاد، وإخراج الجيش من السياسة بلا عناد، ودور إقليمى نشط بلا استعداء. وفى فبراير 2013 كتبت ما نصه: «وعندى رغبة فى أن أبلغ الرئاسة تقييمى المتواضع لأدائها وفقاً لما قلته من مهامها. حين جاء الرئيس مرسى إلى السلطة ظننت أنه قادر على أن يحقق هذه الخماسية. الإشارات الأولى كانت إيجابية، رجل حريص على أن يستمع للجميع وأن يتفاعل مع بعض معارضيه ويشكل فريقاً رئاسياً متنوعاً لحد ما حتى وإن كان أقل مما التزم به من وعود أثناء الفترة الانتخابية. كان أول إنجازاته هى إخراج الجيش من اللعبة السياسية بطريقة موفقة. ولكن ما أخشاه أنه يسير فى اتجاه عودتهم مرة أخرى بسبب سوء إدارة الملفات الأخرى». وقد كان، فعاد الجيش إلى مسرح السياسة، على غير رغبة منه، وكنت متابعاً لتفاصيل كثيرة ترتبط بالأيام الأخيرة التى كانت فيها قيادة الجيش ترجو من الرئاسة أن تدرك المخاطر وأن تتحرك من أجل إنقاذ البلاد مما كانت مقبلة عليه وآخرها ما علمته من مكالمة طويلة بين اللواء العصار والدكتور الكتاتنى كى يحضر هذا الأخير إلى الاجتماع الشهير فى 3 يوليو ولكنه امتنع. إخفاق الدكتور مرسى فى العام الذى حكم فيه مصر، يجعلنا نرجو ونأمل فى أن تقوم الرئاسة والحكومة الجديدة بتحقيق الأهداف الخمسة المشار إليها. يمكن ننجح المرة دى. قولوا يا رب.