معتز بالله عبد الفتاح
كلام الفريق «السيسى» بالأمس خطير عن تفويض الجيش لمواجهة العنف والإرهاب المحتمل، فيه رسائل كثيرة وبعضها قد لا يفهم على معناه. وأى سوء تقدير فى فهم أى جملة سيعنى الدخول فى عنف ممتد سنقضى معه سنوات طويلة قادمة.
أولا، هناك رسالة من الفريق «السيسى» إلى جماعة الإخوان ومن معهم مضمونها: إن أردتموها دماء، فالجيش لا يريدها، ولكنه مستعد لها. وأتوقع من المتحدث الرسمى للقوات المسلحة أن يخرج فى مؤتمر صحفى ليؤكد هذا المعنى أكثر وأكثر وأكثر.
ثانيا، هناك رسالة بأن هناك مخرجا مجتمعيا لأفراد جماعة الإخوان بالتعامل مع ما حدث ضد الدكتور مرسى وقيادات الإخوان على أنه رد فعل على أخطاء من القيادات وليس خطأ الأفراد، وبالتالى لا يتورط الأفراد فى أخطاء القيادات. بعبارة أخرى، وكأن الفريق «السيسى» يقول: لا توجد جريمة اسمها الانتماء للإخوان أو الاحتجاج السلمى على عزل الدكتور مرسى، ولكن هناك جريمة فى غلق الطرق واستخدام العنف اللفظى والمادى والإرهاب. أتوقع من المتحدث الرسمى للقوات المسلحة أن يوضح حدود المسئولية بين قيادات وأفراد الإخوان وبين التظاهر السلمى والعنف والإرهاب.
ثالثا، هناك رسالة بأن هناك مخرجا سياسيا لحزب الحرية والعدالة وللمنتمين لتيار الإسلام السياسى بأن أحدا لن يمنعكم من المنافسة فى الانتخابات القادمة ولكن على شروط الدولة المصرية وليس على شروط الإسلام السياسى. أتوقع من المتحدث الرسمى للقوات المسلحة أن يوضح أن المنتمين لتيار الإسلام السياسى الذين لم يمارسوا العنف ولم يحرضوا عليه والذين يحترمون السيادة المصرية ولم ينتهكوا قوانينها، سيكون لهم الحق فى المشاركة السياسية كناخبين وكمرشحين وفقا لما يقره الدستور والقانون.
رابعا، هناك رسالة داخلية من القائد العام للقوات المسلحة لضباط وأفراد القوات المسلحة بأن أى قرار تتخذه قيادة الجيش هو بناء على طلب شعبى أو على الأقل له ظهير شعبى. وأعتقد أن هذه الرسالة كانت واضحة من جملة الخطاب، ولا أظن أن انقساما رأسيا أو أفقيا يمكن أن يحدث فى الجيش، وإلا تصبح كارثة أكبر مما نحن فيه. وغبى وخائن من يراهن على ذلك.
خامسا، هناك رسالة من القائد العام للقوات المسلحة للمجتمع الدولى بأن الجيش سيقوم بمواجهة الإرهاب والعنف بناء على طلب أو على الأقل بدعم من عدد كبير من المصريين. وأتوقع أن يوضح المتحدث الرسمى باسم القوات المسلحة أن الجيش يسعى لحقن الدماء وأن هدفه دفع الجميع نحو مصالحة فى حدود القانون والردع لتجنب العنف وليس استخدام العنف ضد أى مصرى وأن دماء المصريين السلميين تتساوى فى كرامتها وحرمتها.
سادسا، هناك رسالة بأن «يتحمل الشعب المسئولية مع الجيش والشرطة» وهى أخطر الرسائل لأن قطاعا من الشعب المصرى الشقيق قد يظن أنها دعوة لحمل السلاح لمساعدة الجيش والشرطة وننتهى إلى اقتتال شعبى. لذا سيكون على المتحدث الرسمى باسم الجيش توضيح أن الجيش لن يقبل أن يحمل مصرى سلاحا ضد مصرى آخر، وأن السلاح الشرعى الوحيد المسموح به قانونا هو سلاح الشرطة والجيش ومن معه رخصة سارية. أما ما دون ذلك فهو خروج على القانون حتى لو كان السلاح منتشرا.
سابعا، هناك رسالة للداخل والخارج بأن مصر لن تخضع لحكم عسكرى على نمط الانقلابات العسكرية، وبالتالى خريطة الطريق هى المسار الوحيد المقبول رسميا للعودة للديمقراطية، وأن من يريد أن يشارك فى بناء مصر الجديدة فأبواب العمل الرسمى السلمى مفتوحة للجميع سواء من خلال تقديم اقتراحات تعديل الدستور أو انتخابات البرلمان أو الانتخابات الرئاسية.
لا أخفى حضراتكم سرا أن مخاوف كثيرة تتملكنى من أن العقول وقعت فريسة لغريزتى الخوف والغضب. الخائف يفقد نصف رشده لأنه خوفه يعميه عن معرفة الصديق من العدو، والغاضب يفقد نصف رشده الآخر لأن غضبه يفقده القدرة على تقدير حدود الوعد وحدود الوعيد وعلى التمييز بين الفرصة والفخ.
الإخوان أمامهم فرصة يرونها فخا، والجيش أمامه فخ يراه فرصة. الحذر الحذر قبل أن نندم جميعا.
أختم بقولى: جزء من «الخوف من ربنا» يا سيادة الفريق هو عصمة دماء المصريين. ربنا يستر.
نقلاً عن جريدة " الوطن"