توقيت القاهرة المحلي 00:23:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اقتراح دستور انتقالى

  مصر اليوم -

اقتراح دستور انتقالى

معتز بالله عبد الفتاح

  أزعم أننا قد نكون بحاجة لأن نفكر جدياً فى أن يكون دستورنا مؤقتاً مرحلياً انتقالياً لمدة عشر سنوات لتحقيق عدة أهداف. أولاً: مناخ الاستقطاب الذى يصل إلى استخدام لغة التصعيد والإقصاء تجعل الدستور القادم أقرب إلى ساحة للنزاع والصراع، رغم أن المطلوب منه أن يكون خطوة فى طريق بناء الثقة بين الأطراف المختلفة. فمثلاً ثورة بولندا فى عام 1989 لم تؤد إلى إصلاحيات دستورية فورية، وإنما بدأت عملية الإصلاحات الدستورية والسياسية الأولية فى عام 1992 وأتت بـ«ليخ فاونسا» إلى السلطة فى ذلك العام ثم تم إقرار الدستور الجديد فى عام 1997، ورغم وجود حركة تضامن بما تمثله من ثقل سياسى كبير فى الحياة السياسية ووجود ليخ فاونسا كزعيم عمالى له مصداقية عالية بين الثوريين، فإن التشرذم الشديد فى توزيع مقاعد الهيئة التأسيسية للدستور عطل العملية برمتها، فقد تم انتخاب مجلس تشريعى يتكون من مجلسين بمجموع 560 عضواً فى عام 1990. قام هؤلاء بتكوين لجنة من 56 شخصاً لصياغة الدستور، وتجسدت داخل اللجنة التباينات الشديدة فى التوجهات الأيديولوجية، ولذا فشلت اللجنة مع الهيئة التأسيسية فى الوصول إلى نتيجة، فتراضوا على ما سموه «THE LITTLE CONSTITUTION» أو «الدستور البسيط» بعد عامين من المناقشات وهو أقرب إعلان دستورى طويل نسبياً. وبعد انتخابات أخرى فى عام 1993 تم تشكيل لجنة جديدة منبثقة مرة أخرى من المجلس المنتخب، استمعت إلى جميع وجهات النظر بما فيها الأحزاب التى لم تفز فى الانتخابات، لكنها كانت تعبر عن التيار الرئيسى فى المجتمع بالأساس. انتهوا إلى مشروع دستور، تم التصويت عليه فى البرلمان، حصل على أغلبية 90 بالمائة فى البرلمان، ثم تم عرضه فى استفتاء عام، وحصل على دعم 57 بالمائة من الأصوات. وأرجو ملاحظة أن التوافق لم يكن موجوداً فى الاستفتاء الشعبى حتى لا نعتقد أن نتيجة الاستفتاء لو جاءت بأقل من 80 بالمائة فهذا سيعنى حرباً أهلية من وجهة نظر البعض. ثانياً: الانحراف عن خريطة الطريق تجعل عملية كتابة الدستور وكأنها جزء من مؤامرة وصراع إرادات طائشة بين متآمرين وليس شركاء فى وطن، كلهم منزعجون على مستقبل البلاد الذى يصبح مرهوناً بمن هم الذين سيكتبون الدستور، ومن الذين سيختارونهم، وما الذى سينتهون إليه. واستناداً لما سبق، فإنه ليس بعيداً عن الخبرات المعاصرة أن تحتاج بعض الدول لأكثر من ١٠ سنوات كى تكتب دساتيرها، وكانت نواياهم الطيبة، كما نوايانا الآن، أن تتم كتابة الدستور فى بضعة أشهر أو سنة على الأكثر. ثالثاً: احتقان النخبة وانفصالها عن الشارع ليس مناخاً صحياً لكتابة دستور دائم لا سيما بعد أن بدا واضحاً أن قطاعاً من النخبة المثقفة كلما وجدت نفسها فى موقع الأقلية المغلوبة رغم منطقية ما تطرحه من أفكار فهى تنزع إلى إشاعة الذعر فى المجتمع. وفى ظل هذا الانفصال بين النخبة والشارع، وفى ظل الحرب الأهلية الفكرية فسيكون من الصعب الحديث عن توافق. رابعاً: لا بد من مساحة زمنية كى يهدأ الغبار من الجو، ولاستقرار النفوس، والتقاط الأنفاس، والتركيز على مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية الملحة وإعطاء فرصة لعمل مؤسسات الدولة لمدة 10 سنوات كى نختبر كفاءتها، مع جولتين جديدتين من الانتخابات الرئاسية والتشريعية، قبل الوصول إلى دستور مصر الدائم. إذن، ولتكن شدتنا فى الحق شدتين، كان عنوان مقالى بعد نتيجة استفتاء مارس 2011 مستحضراً كيف أن اختلف الصحابيان العظيمان أبوبكر وعمر بشأن حروب الردة، وكيف أنهما فى النهاية احتكما لما فيه مصلحة الأمة. وحدة الأمة على قيمها العظمى فرض، أما الوسيلة فهى نفل. وعليه أنا أقترح، بتواضع، أن نحذف من الدستور الحالى كل المواد الخلافية وأن نضع فقط كل المواد موضع الاتفاق حتى لا ندمر البقية الباقية من تماسك الشعب المصرى ونضيف النص التالى، أو ما هو أفضل منه، إلى الباب الأخير من الدستور: «تتم مراجعة هذا الدستور بعد عشر سنوات من تاريخه بناء على نتيجة استفتاء شعبى بوضع دستور جديد أو استمرار العمل بهذا الدستور». هذا الكلام التافه جزء من مقال كُتب فى مارس 2012. "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اقتراح دستور انتقالى اقتراح دستور انتقالى



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon