توقيت القاهرة المحلي 00:23:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القبض على خطباء المنصة

  مصر اليوم -

القبض على خطباء المنصة

معتز بالله عبد الفتاح

  أقسم بالله العظيم أننى فعلت كل ما أستطيع لأقنع خطباء منصة رابعة بألا يبالغوا فى تصعيد خطابهم السياسى وألا يرتكبوا «حماقة» الزج بأنصارهم فى مواجهات مع قوات الشرطة والجيش، فيموت فيها من يموت. هى دماء غالية خلقها الله لتبنى ولتنتصر على عدوها المشترك: الفقر والجهل والمرض والانقسام، لكننا نزيد الانقسام، فيزيد الفقر والجهل والمرض. ما سمعوا كلامى، ولا كلام غيرى، مثلما فعل كبيرهم الذى علمهم العند، ولا أنسى استخفاف أحد قيادات الجماعة بمقال لى فى هذه الجريدة فى 28 يناير 2013، بعنوان: «يا دكتور مرسى: جنبنا حرباً أهلية»، وقلت فى خاتمتها: «يا دكتور مرسى، وسع دائرة مشورتك، وتراجع عن أخطائك صراحة، هذا يزيدك قوة، ولا تلقِ بالبلد فى فوضى شاملة أو حرب أهلية». معضلة مصر والمصريين هى أننا أتباع مخلصون لنظرية «الإنسان ذى البعد الواحد» وهو عنوان كتاب مشهور لفيلسوف ماركسى اسمه هربر ماركيوز، لكن المعنى الذى أستخدمه أقرب إلى التحليل النفسى الذى يركز على سيطرة فكرة معينة على شخص بحيث إنه لا يرى الكون إلا من منظور واحد مثل موضوع «الشرعية»، والأسوأ فى هذا الإطار أن يجعل الإنسان نفسه معياراً للصواب والخطأ، فمن يؤمن بكلامى ويعتقد فى صحته فهو وطنى مخلص ونبيل وشجاع، ومن يختلف مع رأيى، فهو خائن وعميل وخسيس وجبان. من يقرأ كتاباً، فينظر للكون من منظور هذا الكتاب منفرداً لأنه افتتن به ويستخدمه كالمسطرة التى تحكمه لأن هذا سقف علمه ومدى إدراكه. هذه الطريقة فى التفكير يمكن أن تكون مرحلة يمر بها الإنسان من المراهقة إلى النضج، ولكن لا يمكن أن تظل دائماً دأبه وديدنه ومنهج تفكيره. يسمع أحدهم شخصاً يستشهد بآية قرآنية، فيستنتج أنه سلفى أو إخوانى، يسمع أحدهم شخصاً يذكر كلمة «طبقة» فيقفز للاستنتاج بأنه «ماركسى» أو «شيوعى». وهو ما يذكرنى بالفيلم القديم الذى كانت فيه الممثلة تسمع كلمة «عز» فتقول: «يبقى إنت اللى قتلت بابايا» وهى كوميديا مفهومة على سبيل استثارة الضحك المفتعل لكنها لا تصل لأن تكون منهجنا فى التلقى والتفكير والاستنتاج.. إذن ما العمل؟ فى تقديرى أن الأجيال الجديدة، بحاجة لأن تُستوعَب قبل أن تُنتَقد، أن تُفهَم قبل أن تُهاجَم. حماستهم هى حماسة الشباب فى كل زمان ومكان وكما قال الحق سبحانه: «كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا». يحضرنى فى هذا المقام موقف، حلله الأستاذ عباس العقاد بين سيدنا محمد، عليه السلام، وسيدنا عمر بن الخطاب كان فيه الأسود بن سريع ينشد الرسول المديح من الشعر، وأثناء إلقائه الأماديح، دخل رجل، فاستوقفه الرسول قائلاً: بَيِّنْ، بَيِّنْ، فسأل ابن سريع: من هذا الذى يطلب من الرسول التوقف عن الكلام لحضوره، فقَالَ: «إنه عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، هَذَا رَجُلٌ لَا يُحِبُّ الْبَاطِلَ». يسأل العقاد: وهل يقبل محمد الباطل الذى يأباه عمر؟ يرد العقاد: إن الفارق بين محمد وعمر، هو الفارق بين «الإنسان» العظيم و«الرجل» العظيم. إن عمر يعرف دروباً من الباطل، ويعرف درباً واحداً من دروب الإنكار وهو السيف، أى الرفض القاطع لكل أشكال الباطل مهما صغر أو كبر. أما محمد، الإنسان العظيم، فهو أكثر استيعاباً لما فى النفس الإنسانية من عوج وتعريج، من صحة ومرض، من قوة وضعف، من صلاح وفساد؛ فيعرف دروباً من الباطل ويعرف دروباً من الإنكار. وقد يصبر الإنسان العظيم على ما يأباه الرجل العظيم. دعونا نتفق على ثلاث كلمات: الدماء، الدولة، الديمقراطية. دماؤنا لا بد أن تكون حراماً ولا بد من إدانة كل من يدفع أهلنا للاقتتال بالقول أو التبرير أو بالفعل. وكل من قتل مصرياً مدنياً أو عسكرياً، مسلماً أو مسيحياً وكان يستطيع أن يتجنب قتله فنحن منه براء، الدولة أهم من مجموع مكوناتها والحفاظ على وحدة الدولة وسيادتها ومؤسساتها الثابتة واجب وطنى لا مجال للتنازل عنه. والديمقراطية هى نظام الحكم الوحيد الممكن فى مصر، وهو ما لن يتحقق إلا باستكمال بناء مؤسسات الدولة المنتخبة. ولنتخلق بأخلاق «الإنسان» العظيم ولنستوعب تناقضات المرحلة؛ لله، وللوطن، ولشباب مصر. صلوا من أجل مصر. "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القبض على خطباء المنصة القبض على خطباء المنصة



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon