توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كى يكون الدستور أفضل

  مصر اليوم -

كى يكون الدستور أفضل

معتز بالله عبد الفتاح

حين أتحدث مع بعض الأصدقاء من أعضاء لجنة تعديل الدستور تكون لديهم بعض الأسئلة عن صياغة بعض المواد فى دستور 2012، وحين يستمعون للجدل الذى كان دائراً آنذاك ينتهون إلى القول: «ما نفس الجدل ده موجود الآن». هناك من يريد للدستور أن ينص على حقوق وحريات كثيرة جداً، ولكن هل ستستطيع الدولة الوفاء بها؟ وهل سيتقبلها المجتمع؟ أم ستظل حبراً على ورق يستخف بها المستخفون. الدساتير بطبيعتها تتضمن الكثير من الحقوق للمواطنين بعضها يصنف على أنه حقوق سلبية أى التزامات تقيد الدولة لأنها لا تستطيع الإخلال بها فى حق مواطنيها مثل الحق فى التعبير والحق فى اختيار العقيدة والحق فى التجمع وحرية الصحافة وحرية التنقل وحق الملكية الخاصة، وعادة هذه هى فئة القوانين المسماة بالحقوق المدنية والسياسية. وهناك كذلك حقوق إيجابية وهى التى تنص الدساتير على توفيرها للمواطنين. فإذا كان جوهر «الحق السلبى» هو الامتناع عن انتهاكه، فإن جوهر «الحق الإيجابى» هو الالتزام بالوفاء به. وعادة هذه هى فئة الحقوق المسماة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية مثل الحق فى العمل والتعليم والصحة والتأمينات الاجتماعية والبيئة النظيفة. وطبعاً هذه الحقوق إما ترد مطلقة أو مقيدة فى الدستور ذاته؛ فمثلاً دستور الاستقلال فى جمهورية التشيك (1992) ينص على جواز تقييد حرية التصرف فى الملكية الخاصة «لمنع الإضرار بصحة الإنسان وبالطبيعة والبيئة»، والدستور الروسى (1993) ينص على واجب ممارسة حقوق الملكية بما لا يضر بالبيئة وبحقوق الآخرين. وينص الدستور الكرواتى (1991) على حرية التعبير إلا فيما «يدعو إلى الحرب أو العنف أو الكراهية على أساس الجنسية أو الجنس أو الدين أو نوع من عدم التسامح المحظور». وتتجه معظم الدساتير الحديثة لأن تكون أكثر إسهاباً وتفصيلاً فى الحقوق والحريات مما كان عليه الأمر فى الدساتير الكلاسيكية وتورد القيود عليها فى متن الدستور أو توضع قيود على المشرع فيما يتعلق بقدرته على تقييد الحقوق المنصوص عليها دستورياً. فمثلا دستور كولومبيا (1991) يتضمن 23 حقاً إيجابياً و53 حقاً سلبياً بتفصيلات واضحة، وكان دستور تشيلى (1980) هو الأقرب إلى صيغة دستور 1971 فى مصر حيث هناك 42 حقاً سلبياً، و7 حقوق إيجابية ولكن متروكة تفصيلاتها للمشرع كى ينظمها بما لا يتناقض مع أو ينال من الحق الأصلى كما هو موجود فى الدستور. دستور 2012 كان يتضمن كلاماً مباشراً عن التزامات الدولة فيما يتعلق بحماية البيئة، وبحقوق المصريين المقيمين فى الخارج، وحماية الآثار، ودور المجتمع المدنى، وحقوق الأطفال والوالدين، لا سيما أمام ظاهرة الإنجاب المبالغ فيها بدون تربية أو تعليم كافيين، وكذلك إنشاء عدد من الهيئات المستقلة لمساعدة البرلمان والرأى العام فى مواجهة أى فساد أو تقصير محتمل من الحكومة. ورغماً عن أن مواد كثيرة كانت تتضمن حقوقاً مطلقة، لكن البرلمان كان يضيف على هذه الحقوق قيوداً لم تكن موجودة فى الدستور. والمثال الشهير هو قانون الجمعيات الأهلية، الذى كان يناقشه مجلس الشورى قبل حله بعد 3 يوليو. ورغماً عن أن النص صريح على إنشاء الجمعيات الأهلية بالإخطار، انتهى الأمر بقيود أخرى، لا سيما على التمويل والأنشطة، فذهبت قيمة وأهمية أصل الحق بما يجعل البرلمان يحول الحقوق المطلقة فى الدستور إلى مجرد «رخصة» مشروطة بقرار من الرئيس أو مجلس الشعب على اعتبار أنهما كانا مسئولين عن صياغة القوانين التى «تنظم» الحقوق. إذن أقترح أن يتضمن الدستور نصاً جامعاً يتضمن معايير محددة يلتزم بها المشرع عند تنظيمه لأى حق من الحقوق حتى لا يتحول الحق إلى مجرد «رخصة مشروطة» إلا إذا كان هذا مقصوداً أصلاً بأن يبدو الدستور ملحمة إنشائية بليغة وتكون العمليتان التشريعية والإدارية هى المسيطرة على كل شىء. وهذا ما لا أتمناه. بس خلاص.. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كى يكون الدستور أفضل كى يكون الدستور أفضل



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon