توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا حدث فى غانا؟

  مصر اليوم -

ماذا حدث فى غانا

معتز بالله عبد الفتاح

لنفكر سوياً فيما حدث فى غانا ولكن من وجهات نظر خمس مختلفة، وهى كالأنماط أو النظارات الخمس التى عادة ما نستخدمها فى المواقف المختلفة وفقاً لعلماء نفس المعرفة. النمط الأول: هو نمط التفكير الفلسفى والذى يرى ما حدث فى غانا كحدث بسيط يعبر عن سلسلة من تعقيدات الحياة التى فيها من أسباب الصعود وأسباب الهبوط ما يجعلنا نكرر مع فيلسوف العرب، الزكى النجيب محمود قوله: «والعربى بصفة عامة متفائل بطبعه يعلم فى يقين أن فى الكون تدبيراً (يقصد الإرادة العليا) يكفل أن يعتدل الميزان، ميزان الحياة، فلا يكون نقص هنا ولا يكون إجحاف هناك إلا ابتغاء تكامل أسمى لا يترك مثقال ذرة من الخير أو من الشر إلا ليعقب عليه بما يوازنه. إذن، تخرج من التفكير الفلسفى وعندك رؤية بأن ما حدث ليس نهاية العالم، بل هو جزء من أسباب استمرار العالم بأن يظل هناك تنافس على أمل النجاح، ومن ينجح اليوم، فقد يكون هو الخاسر غداً، فلا حزن دائم ولا سعادة دائمة. النمط الثانى هو نمط التفكير الخرافى والذى يفسر ما حدث فى هذه المباراة استناداً إلى أمور غيبية مثل الحسد أو السحر أو أن فريقنا كان «معمول له عمل» ترتب عليه «عكوسات» أدت إلى الهزائم المختلفة، وبالتالى يكون المنطق هو أن السحر الغانى هزم السحر المصرى، وعلينا أن نجتهد فى أن «نعمل لهم عمل» يجعلنا نغلبهم بعدد أكبر من الأهداف. النمط الثالث هو نمط التفكير العاطفى والذى لا يتعامل مع أسباب الهزيمة وإنما يعبر عن مجموعة المشاعر المحتملة تجاهها مثل الضيق والحزن والإحباط والتشفى والغضب وتفريغ الطاقة السلبية والسخرية من المدرب واللاعبين والحكام واتحاد الكرة وربما السلطات الحاكمة حالياً أو سابقاً، وهو نفس النمط الذى نستخدمه حين نفرح فرحة غامرة تجعلنا نتجاهل التزاماتنا وربما تكون هذه الفرحة بذاتها سبباً فى حزن لاحق، إذا لم تكن فى إطار الاعتدال والتوازن المطلوب. النمط الرابع هو نمط التفكير العلمى وهو الذى يبحث فى الأسباب المباشرة للهزيمة: فترة الإعداد، مهارة وخبرة اللاعبين، مهارة وخبرة الجهاز الفنى، خطة المباراة، التفاوت فى قدرات اللاعبين المصريين ومنافسيهم الغانيين، ولو كنا علميين بجد، فسنجد أنفسنا نفرق بعين الخبير بين لاعب ولاعب، فبعضهم لم يزل فيه أمل وآخرون لا أمل فيهم. هنا التفكير العلمى يهتم بتفاصيل التفاصيل ويحيد العواطف قدر المستطاع بحثاً عن العلل والأسباب الحقيقية ويتفكر فى عواقب أى قرار أو بديل، وليس مجرد تفريغ طاقة الغضب فى الجميع. النمط الخامس هو نمط التفكير الدينى وهو الذى يسىء بعض الناس استخدامه بأن يستخدموا آيات وأحاديث فى غير موضعها كقول أحدهم عن الهزيمة من غانا: «وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون»، والآية تتحدث عن أمور إيمان وعقيدة وليست عن مباريات كرة القدم، ومن يحسن فهم التفكير الدينى فسيجده الأكثر حضاً على النظرية العقلانية للأمور بما يعلى من نمطى التفكير الفلسفى والعلمى، ويضع قواعد على نمطى التفكير العاطفى والخرافى، ولكن نصوص الدين متاحة للجميع: عقلاء ومجانين، وهناك من يأخذ نمط التفكير الدينى كغطاء لنمطى التفكير العاطفى والخرافى، وبعض المصريين مبدعون فى هذا الأمر. ما الفائدة من كل ما سبق؟ ثلاث فوائد. أولاً: احذر كل من لا يعرف الفروق بين طرائق التفكير المختلفة هذه، حتى وإن كانت معرفته ليست بالطريقة المدرسية الواردة فى هذا المقال، لكن على الأقل يعى أن الشخص نفسه يمكن أن يصل إلى استنتاجات مختلفة لو فقط غير طريقة تفكيره. ولعل هذا ما يفسر التوجيه النبوى بأن يجلس الغاضب إن كان واقفاً أو أن يتعوذ من الشيطان أو أن يتوضأ حتى يعطى لنفسه فرصة أن يغير من نمط تفكيره عساه يرصد معلومات أو وجهة رؤية لم تكن متاحة له. ثانياً: الخلطة الغالبة على المصريين بطلها التفكير العاطفى القائم على الادعاء الفلسفى المغلف بالشعارات الدينية وكمية متفاوتة من التفكير الخرافى، ولا عزاء للعلم الغريب فى مجتمعاتنا. ثالثاً، لا يظن أحد أن مقالاً كهذا سيغير شيئاً، إنما هى تنفيسة أو تسلية على أقصى تقدير. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا حدث فى غانا ماذا حدث فى غانا



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon