توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أنقذوا أبناءنا منا

  مصر اليوم -

أنقذوا أبناءنا منا

معتز بالله عبد الفتاح

تواصلت معى مديرة إحدى المدارس لتطلب منى أن أزور المدرسة وأن أفتح نقاشاً مع الطلاب حول بعض القضايا العامة، بل كى أتحدث كذلك مع المدرسين، طالبةً منى النصيحة بشأن مشكلة تواجهها المدرسة، طلاباً ومدرسين، تعانى مما يعانى منه المجتمع بصفة عامة من خلافات سياسية. أخيراً تمكنت من الذهاب إلى المدرسة، وقد سعدت باللقاءين سواء بالسادة المدرسين الأفاضل أو بالطلاب. وهى تجربة لن أنساها. خرجت منها بأصدقاء كثيرين بعضهم لم يتجاوز الأربعة عشر عاماً، إلى مربين أفاضل تعلمت منهم كثيراً، وخرجنا جميعاً أكثر معرفة بخطر تصدير انقساماتنا إلى طلابنا. أو على الأقل هذا ما أتمناه. السياسة، بما فيها من جدل وصراع، هى الدور الرابع فى بناية فيها الدور الأول هو حد أدنى من أخلاق وعلى رأسها الصدق والوفاء بالوعد، ثم تأتى بعدها الثقافة العامة مثل حد أدنى من معرفة معنى المواطنة والدولة والديمقراطية فى شموليتها وليس فقط حكم الصناديق ولا حكم الشارع، ثم تأتى بعدها الآداب العامة وعلى رأسها احترام حق الآخرين فى أن يحترَموا معنا وفى أن نحترم خصوصيتهم، ثم تأتى السياسة بكل تعقيداتها. طبعاً نحن لم نكن حريصين فى فترات سابقة، ولا حتى الآن، أن نأخذ فى اعتبارنا أخلاقاً ولا ثقافة عامة ولا آداباً عامة. نحن كمن دخل إلى الصراع السياسى بسرعة دون أى استعداد من أى نوع، فتحول الأمر إلى سلسلة من التخوين المتبادل والشتائم المتبادلة وصولاً إلى العنف المتبادل. كل هذا يمكن لى أن أتفهمه، ولكن ما لا أتفهمه هو حرص الآباء والمدرسين على أن ينقلوا صراعاتهم وخلافاتهم إلى الجيل الجديد. الطلاب فى كثير من المدارس أصبحوا «سيساوية» و«ربعوية» وفقاً لما يتم تنشئتهم عليه فى الأسرة، والمدرسة تدعم ذلك أو تتحداه. فى صغرنا كان بيننا الأهلوية والزملكوية وغير المهتمين. وهو اختلاف مهما احتد أو اشتد فهو على تقييمنا لضربة جزاء أو هدف هنا أو هناك. لكننا الآن نشهد صراعاً فى الهوية. قال لى صديق أثق فيه أثناء وجوده فى أحد المساجد، إن جنازة شاب من الشباب قد وصلت إلى المسجد ومعها عدد كبير من الشباب صغار السن، فسألهم، فقالوا نحن مع جنازة الشهيد. لاحظ صديقى الأعداد الكبيرة من الشباب سواء الثانوى أو الجامعى كما لاحظ أعداداً كبيرة من البنات ولاحظ أن هؤلاء قطاع لا بأس به من المستقبل، لاسيما البنات اللائى سيتزوجن وسينشئن أولادهن على ما استقر فى وجدانهن، بما يعنى أن المستقبل يحمل انقساماً أكبر. وهذا أمر ليس فى مصلحة البلاد أو العباد، ديناً ودنيا. أعلم أن الثورات التى تكون بلا قيادة تسير فى اتجاه الفوضى (مذابح ما بعد الثورة الفرنسية مثال) وأن الثورات التى تكون لها قيادة عادة ما تسير فى اتجاه القمع (مذابح ما بعد الثورة الإيرانية مثال)؛ وكلاهما وبال. ولكننا فى مصر أخذنا الجرعتين: فوضى وقمعاً. وهو أسوأ البدائل لأن فى أعقاب الفوضى إما مزيد من الفوضى (حرب أهلية) أو قمع. والمخرج الوحيد هو وجود قيادة حكيمة تطمئن الجميع مثلما حدث فى جنوب أفريقيا مع نيلسون مانديلا زعيم السود ودى كلارك زعيم البيض. ورغماً عن حكمة الرجلين كانت هناك فوضى شديدة فى فترة التحول من 1990 إلى 1994، ويقول الدارسون إنه خلال هذه الفترة كان هناك من حوادث القتل والتخريب ما فاق ما حدث خلال الثلاثين سنة السابقة عليها. ولكنهم فى كل الأحوال كانوا حريصين على المستقبل: حريصين ألا تنتقل أمراضهم إلى أبنائهم. إلى كل مصرى وكل مصرية: لا تزرعوا الكراهية والحقد فى قلوب أولادكم، قولوا لهم: «مصر ستكون بخير، والمصريون مهما اختلفوا سياسياً، هم إخوة فى وطن واحد». هل ممكن؟ نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنقذوا أبناءنا منا أنقذوا أبناءنا منا



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon