توقيت القاهرة المحلي 19:35:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رسالة إلى الرئاسة: مصر أمام مفترق طرق خطير

  مصر اليوم -

رسالة إلى الرئاسة مصر أمام مفترق طرق خطير

معتز بالله عبد الفتاح

السيد الرئيس عدلى منصور تحية طيبة وبعد.. يقولون فى العلوم الاستراتيجية: هناك ثلاثة مواقف من المستقبل؛ الأول أن تصنعه، الثانى أن تتوقعه، والثالث أن تفاجأ به. وما أتمناه أن ننجح فى صناعة مستقبلنا الذى نريد، أو على الأقل أن نكون مستعدين له إن خرج عن الإطار الذى نريد. أغلبنا مشغول بما هو يومى تكتيكى قائم على رد الفعل، ولكن من المهم أن ينشغل بعضنا كذلك بوجهة سفينة الوطن. أتصور أن مصر أمامها ثلاثة سيناريوهات كبيرة، الأول هو الأفضل، والأخير هو الأسوأ، وما بينهما قد يكون هو الأكثر احتمالاً ما لم تتدخل الرئاسة للقيام بدورها لتغليب السيناريو الأول. السيناريو الأول: استعادة الدولة والتحول الديمقراطى فى هذا السيناريو الأمثل سيتم تحقيق الهدفين الأسمى لمصر: سيادة منطق الدولة وسيادة نظام الحكم الديمقراطى. أى أن تكون مصر «دولة» وأن تكون هذه الدولة «ديمقراطية». الملمح الأول لهذا السيناريو هو أن تقوم الدولة، التى تعنى فى أحد معانيها «الانضباط المؤسسى،» بوظائفها الخمس: الأمنية، التمثيلية، التنموية، التثقيفية، والحقوقية. وفى هذا السيناريو تقوم الدولة، وفقاً للدستور والقانون، بالقيام بوظائفها الأمنية (من خلال الجيش والشرطة وأجهزة الأمن القومى)، التمثيلية (من خلال البرلمان والأحزاب)، التنموية (من خلال الوزارات والهيئات الاقتصادية)، التثقيفية (من خلال وزارات والهيئات القائمة على الإعلام والتعليم والثقافة والأوقاف)، والحقوقية (وعلى رأسها السلطة القضائية ومعها المنظمات الحقوقية). ثانى ملامح هذا السيناريو أن يقوم هذا الانضباط المؤسسى على الانضباط التشريعى وما يقتضيه كذلك من نشر الثقافة المنسجمة مع هذا الانضباط التشريعى. وكل هذا لا يتحقق بوجود مسئولين ووزراء يتعاملون مع مشاكل مصر بمنطق «نخلص مدتنا على خير». ثالث ملامح هذا السيناريو هو القضاء على الإرهاب، وهى مهمة شديدة الصعوبة لو ظلت مسئولية مؤسسات الدولة الأمنية وحدها، ولكنها أسهل كثيراً حين تصبح مسئولية المجتمع من خلال خطة مدروسة فيها تحديد مهام كل طرف حتى يتم منع «الأكسجين السياسى والتمويلى والتكفيرى» عن المشاركين فى الإرهاب والمحرضين عليه. هذا السيناريو كذلك يقتضى رابعاً إقرار دستور يضمن حداً أدنى من ديمقراطية الوصول إلى السلطة وديمقراطية ممارسة السلطة وديمقراطية الخروج منها. والدستور لا بأس به، حتى ولو مؤقتاً، فى ما يتعلق بالكثير من هذه الأمور. ولكن هناك اختباراً مهماً لا بد من النجاح فيه من خلال عملية تحول ديمقراطى تضمن المشاركة الحرة والنزيهة والتنافس المتعدد بين القوى السياسية التى تحترم الثلاثية الديمقراطية المشار إليها. وجزء لا يتجزأ من هذا السيناريو هو استقرار قواعد اللعبة الديمقراطية واحترام القواعد الدستورية بما يسد منافذ التدخل الأجنبى فى الشأن المصرى سواء باسم انتهاكات حقوق الإنسان أو لدعم الشرعية الإخوانية التى يدافعون عنها، ليس حباً فى الديمقراطية، وإنما لتأجيج الخلافات الداخلية ولإطالة أمد عدم الاستقرار الداخلى. السيناريو الثانى هو التصعيد الأمنى والديمقراطية الشكلية وأول ملامح هذا السيناريو هو التصعيد الأمنى، بل وربما الإعلامى، ضد كل الأصوات المعارضة بما يفضى إلى التراجع الشديد فى الحقوق والحريات وتحديداً الحق فى التعبير والنشر. وثانى هذه الملامح هو عودة ممارسات ما قبل «25 يناير» من التستر على الفساد وتزوير إرادة الناخبين وما سميته آنذاك «التزويث» أى التزوير من أجل التوريث. ثالث هذه الملامح هو إقصاء فصائل سياسية راغبة وقادرة على المشاركة السياسية الفاعلة مع احترام قواعد اللعبة الديمقراطية عن طريق التضييق على حق بعض الأفراد من الترشح أو الدعاية الانتخابية. رابع ملامح هذا السيناريو هو تصاعد التدخل الدولى والإقليمى فى الشأن المصرى بما يفتح آفاقاً أوسع لعدم الاستقرار. وسيكون التدخل أحياناً باسم الحاجة لتطبيق الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان أو باسم الضغوط الاقتصادية فى بلد ينجب سنوياً ضعف ما يستطيع تحمله من سكان جدد. هذا السيناريو، رغماً عن سوئه لكن سيقدم دائماً باعتباره البديل المقبول مقارنة بالبديل الأسوأ وهو السيناريو الثالث. السيناريو الثالث هو التراجع الأمنى والانهيار الديمقراطى. فى هذا السيناريو تصاب الدولة بمرض عضال وبالتالى لا يكون هناك مجال للحديث عن الديمقراطية. وأول ملامح هذا السيناريو هو نجاح الجماعات الإرهابية ومن يتحالف معها فى استنزاف الدولة المصرية وإنهاك المجتمع وإحداث «أزمة تغلغل» تجعل الحكومة المركزية غير قادرة على بسط كامل سلطانها السياسى والأمنى على كامل حدودها. ثانى الملامح هو ارتفاع وتيرة وكثافة العمليات الإرهابية والاحتجاجية وانضمام أعداد أكبر من الشباب من غير المنتمين للإخوان إليها. ثالث الملامح هو عدم القدرة على استيعاب كافة القوى الراغبة فى المشاركة السياسية لأسباب تتعلق بخطرها على الأمن القومى من وجهة نظر المؤسسات الأمنية بما يفضى إلى المزيد من الاحتقان السياسى. رابع هذه الملامح المزيد من التدخل الإقليمى والدولى من أجل توسيع وتعميق ممارسات حروب الجيل الرابع وما تفضى إليه من تراجع الثقة بين المواطنين وحدوث مزيد من الانقسامات الداخلية. طيب والحل؟ سيادة الرئيس، أعتقد أن هناك طريقاً إجبارياً لا يمكن الحياد عنه، وهو أولاً الإسراع فى استكمال مؤسسات الدولة التمثيلية المنتخبة (البرلمان والرئاسة والمحليات) والجمع بين الانتخابات البرلمانية والرئاسية فى نفس اليوم، رغماً عن التحدى الأمنى، لكنه بديل لا ينبغى تجاهله لعظم عوائده. ثانياً، العملية الانتخابية لا بد أن تتصف بأعلى درجات الحرية، والنزاهة، والتعددية، والتنافسية، من خلال الاقتراع العام السرى المباشر، وتحت إشراف قضائى كامل، وبرقابة محلية وإقليمية ودولية من قِبل منظمات المجتمع المدنى وأجهزة الإعلام. هذه مسألة ستكون فى منتهى الأهمية فى مواجهة كل الابتزاز الداخلى والخارجى حول شرعية ما حدث فى الثالث من يوليو 2013. ثالثاً، لا بد من فتح أفق المشاركة السياسية أمام كل من يرغب فى المشاركة فى العملية السياسية مع الالتزام الكامل بمبادئها وإجراءاتها وعملياتها. رابعاً، الالتزام بما جاء فى الدستور من تكليف مجلس النواب فى دورة انعقاده الأولى بإقرار قانون للعدالة الانتقالية وفقاً للمعايير الدولية بمكوناتها الخمسة: المكاشفة، والمصارحة، والمعاوضة، والمؤسسية، والمصالحة. خامساً، استخدام مشرط الجراح وليس ساطور الجزار فى التعامل مع القوى المدنية والإسلامية غير المنتسبة لجماعة الإخوان التى لها تحفظات على بعض الممارسات الأمنية والإعلامية على نحو يجعل ثورة 30 يونيو ضد ثورة 25 يناير، انتصاراً لأوضاع ما قبل «25 يناير» التى لو عادت بفسادها واستبدادها فستكون أشد خطراً على البلاد من كل ما يحدث الآن من جماعة الإخوان وحلفائها. سيادة الرئيس، تستطيع أن تفعل الكثير حتى نتحرك فى اتجاه السيناريو الأول. ربما أحد الحوارات الوطنية يكون حول سؤال المستقبل الأبعد والسيناريو الأرجح. مع الشكر. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة إلى الرئاسة مصر أمام مفترق طرق خطير رسالة إلى الرئاسة مصر أمام مفترق طرق خطير



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon