معتز بالله عبد الفتاح
ذُكر أمامى اسم الدكتور سلطان أحمد الجابر أول مرة حين كان يشغل منصب الرئيس التنفيذى لشركة أبوظبى لطاقة المستقبل (مصدر). وهى واحدة من أهم الشركات فى العالم لإنتاج الطاقة المتجددة. وكان من ذكروا اسم الرجل خبراء من برنامج الأمم المتحدة الإنمائى وكانوا شديدى الإعجاب بالرجل وبإدارته وبإنجازات هذه الشركة. لم ألتق بالرجل، ولكن حين أعرف أن حكومة دولة الإمارات كلفته بأن يدير ملفات الاستثمار الإماراتية فى مصر وسمعت من مسئولين مصريين عن الصفات الشخصية والمهنية للرجل، أيقنت أنهم جادون تمام الجدية فى الوقوف بجوار مصر فى الفترة الصعبة التى تمر بها. وحين قرأت حواره مع جريدة «الوطن» فى الأول من يناير، تمنيت لو استوعبنا جميعاً الرسائل التى يرسلها لنا نحن المصريين، نيابة عن الأشقاء فى الإمارات العربية المتحدة، وما تحمله من فرص كبيرة للمستقبل. الرسالة الأولى بنص كلامه: الاستثمارات الإماراتية بمصر لن تتوقف، ويرتفع دعمنا لمصر وشعبها، خصوصاً فى ظل الظروف التى تمر بها، فالإمارات شعباً وحكومة لم ولن تتخلى فى يوم عن أشقائها فى مصر، ونثق أن مصر أكبر وأقوى من أن تسقط. هذه من وصايا آبائنا وقادتنا بأن مصر هى صمام الأمان للإمارات ولجميع البلدان العربية. الرسالة الثانية بنص كلامه، والتى تأتى كتطبيق مباشر للرسالة الأولى: قدمنا للأشقاء المصريين 4 مليارات دولار، منها مليار دولار منحة، ومليار دولار أخرى لتوفير إمدادات الوقود، إضافة إلى مليارى دولار كوديعة دون فائدة بالبنك المركزى المصرى. وبالطبع الدعم ارتفع ليصل إلى حوالى 7 مليارات دولار، حيث نقوم حالياً بتمويل ومتابعة تنفيذ حزمة من المشاريع تزيد على 2.8 مليار دولار فى مجالات اجتماعية بعدد من المحافظات المصرية، تنعكس بصورة مباشرة على المواطن. يجرى بناء 100 مدرسة على مستوى الجمهورية، بتكلفة تصل إلى 58 مليون دولار كمساهمة من دولة الإمارات فى تحقيق التنمية المستدامة ببعدها الاجتماعى، من خلال التنمية البشرية ومكافحة الأمية، كما نقوم حالياً بتنفيذ 78 وحدة صحية بتكلفة تصل إلى 36 مليون دولار فى مختلف المدن والقرى بـ 23 محافظة، إضافة إلى خطين لإنتاج الأمصال واللقاحات «أنسولين، شلل أطفال، الدفتيريا، السعال الديكى»، يحققان اكتفاء مصر ذاتياً من الأمصال واللقاحات بنسبة 80%، ونهدف من خلال تلك المشروعات إلى توسيع رقعة انتشار خدمات الرعاية الصحية وإيصالها إلى مختلف مناطق مصر، بما يساعد فى خدمة الريف واختصار مسافات التنقل للحصول على هذه الخدمات. وفى نفس الوقت نعمل على بناء 25 صومعة لتخزين القمح فى 17 محافظة، سعة الصومعة الواحدة 60 ألف طن، وأخرى للحبوب بسعة إجمالية قدرها 1.5 مليون طن، تستوعب حوالى 60% من القمح السائب فى مصر، ووفرنا 600 أوتوبيس نقل عام لصالح محافظة القاهرة، كما ننشئ 50 ألف وحدة سكنية لمحدودى الدخل، منها 13 ألف وحدة سكنية فى مدينة 6 أكتوبر و3 آلاف وحدة لجنوب سيناء، وألف وحدة فى شمال سيناء، ونسعى لإدخال نظم التحكم الآلى والأعمال الاعتيادية لـ41 مزلقاناً، بجانب إنشاء أربعة جسور على مزلقانات أرض اللواء بالجيزة، وبشتيل المحطة، والمعمورة بالإسكندرية، والشون السبع بالغربية. الرسالة الثالثة بنص كلامه: النمو الاقتصادى فى أى دولة مرتبط بالاستقرار الأمنى والسياسى، وأرى أن الحكومة المصرية تحقق تقدماً إيجابياً فى الجانبين، فالانتهاء من الدستور يعتبر قطع نصف الطريق من خارطة المستقبل، والنصف الثانى سيكتمل بالانتخابات البرلمانية والرئاسية. هذا كلام مهم وجاد وفى توقيت مهم من أشقائنا فى الإمارات، ولولا وقوف الولايات المتحدة مع دول أوروبا الغربية واليابان بعد الحرب العالمية الثانية لكانت سيطرت عليهم الشيوعية أو فاشية جديدة، وهذا هو الدرس الذى تعلموه بعد أن فشلوا فى ملء الفراغ الناتج عن هزيمة ألمانيا فى الحرب العالمية الأولى فكانت النتيجة هى النازية. مصر بحاجة لخطة «مارشال» تنقلها من عثرتها وتضعها على الطريق الصحيح. وأعتقد أن مثل هذا الحوار الجاد يفتح طاقة أمل لمصر بالشراكة مع أشقائها الذين هم بحاجة إليها كلاعب قوى، وليس كملعب مفتوح، لاستقرار المنطقة.
نقلاً عن "الوطن"