معتز بالله عبد الفتاح
مسعود: «مش عايز حاجة بذمتك؟ آه منك، آه منك، أنا عارفك، مفلس وحالتك نيلة. إنت بتتكسف منى يا حنفى؟ معقول تروح للغُرب وما تجليش؟ إنت تيجى تقوللى: مسعود أنا عايز فلوس؟ يا راجل عيب؟ مش تقوللى: إذا سمحت؟ لأ، على طول. فيه بينا عشم. وبصوت عالى، ولا يهمك حاجة، تقول: مسعود أنا عايز فلوس! وبصوت كده يرن، طبعا. أمال إيه. إحنا إخوات! وأنا عنيا ليك».
حنفى يرد: «طيب مسعود أنا عايز فلوس!».
مسعود: «وأنا عايز فلوس برضه.. إيه يعنى.. إخص عليك!».
حنفى يسأل: «إيه إخص علىّ إيه؟».
مسعود: «طبعا، إنت بتتكسف منى أنا، مش ممكن. لا، لا، لا، ما تكلمنيش يا حنفى، أنا زعلان منك. إزاى ما تقوليش إنك محتاج فلوس؟».
حنفى يرد: «طيب ما أنا ما اتكسفتش وقلت أهه».
مسعود: «وطبعا لازم تقول ده حقك. طيب وهل انا اتكسفت أنا كمان، ما أنا قلت إن أنا كمان عايز فلوس!».
حنفى يسأل، وتعلو وجهه حالة من الارتباك: «طيب وأنا قبضت إيه؟».
يرد مسعود: «لأ، مش مهم قبضت إيه، المهم الحالة النفسية. إنت عايز أوكى، أنا عايز أوكى، يا ريت تشوف حد يدينا. وننهى المشكلة».
يضحك الاثنان، ثم يسأل مسعود: «عايز تانى، ولا كفاية كده؟»، فيرد حنفى: «لأ متشكر جدا».
فيصر مسعود ويقول له: «خد بس، ما ينفعش يا راجل، اسمع بس يا حنفى».
يجرى حنفى متمتما بسعادته بما سمع وأنه لا يريد أكثر من ذلك.
تذكرت هذا المشهد حين كان هناك اجتماع مع أحد قيادات لجنة الخمسين مع عدد من المواطنين الذين سألوه عن كيف أن هناك عجزا كبيرا فى الموازنة والدستور الجديد يرتب التزامات جديدة سواء فى التعليم والصحة والبحث العلمى ومعاشات للمواطنين؛ فكان رد القيادة: «ربنا يكون فى عون الحكومة القادمة».
سألت بدورى مسئولا حكوميا بارزا عن مدى قدرة الحكومات المتعاقبة على الوفاء بما فى الدستور الجديد من التزامات، فكان رده: «مش عارف». وحين طلبت منه إيضاحات أكثر، قال صراحة: «الضغط شديد على الموازنة والبدائل التقليدية المعروفة سواء بالاستدانة الداخلية أو الخارجية أو طبع بنكنوت».
قلت له: «يا نهار أبيض! هذا يعنى نحن نتبع استراتيجية: يا ريت تشوف حد يدينا».
أعلم أن حث الناس على المشاركة فى الاستفتاء ضرورة لإرسال رسائل داخلية وخارجية بأن ما حدث فى 30 يونيو لا يقل فى دلالته السياسية عما حدث فى 25 يناير. ولكن كذلك لا بد أن نكون واضحين مع أنفسنا بأن حل مشاكل مصر ليس فى نصوص الدستور. الدستور هو أقرب لخطة العمل التى سنعمل وفقا لها، ولكن ماذا لو كان اللاعبون لا يقوون على الجرى والحركة ولياقتهم البدنية والذهنية ورغبتهم فى العمل المشترك ضعيفة. هنا مجرد تغيير خطة العمل من (4- 4- 2) إلى (3- 5- 2) ستكون لها دلالة إذا كان الفريق المنافس ضعيفا. ولكن فى مصر توجد تحديات عظيمة ينبغى أن نكون جاهزين ومستعدين لها.
لا ينبغى أن تكون علاقة الحكومة بالشعب مثل علاقة مسعود بحنفى.
نحن عددا أكبر مما ينبغى. نحن استهلاكا أكثر مما ينبغى. نحن خلقا أدنى مما ينبغى. نحن إنتاجيةً دون ما ينبغى.
أعجبتنى مقولتان منسوبتان للفريق السيسى: الأولى: «اللى يعرف مشاكل مصر، ما يفكرش يترشح للرئاسة» والثانية: «أنا لو أصبحت رئيسا، مش هأخلى حد يرتاح».
وبغض النظر عن ترشح الفريق السيسى للرئاسة أم لا، هذا كلام مهم. ومن يفكر بغير هذا المنطق، فهو فاهم الرئاسة غلط.
بالعودة إلى مسرحية «المتزوجون».. بالفعل المسرحية كان فيها «حد يديهم» حين انتقل الاثنان إلى فيلا الرجل الثرى. ولكن فى حالة مصر، «مافيش حد يدينا». إما أن نعمل أو نموت. والدستور الجديد، وأى دستور آخر مهما كانت عظمته، فهو كالهيكل الإدارى لشركة. سلامة الهيكل الإدارى شرط ضرورى، ولكنه غير كاف، لنجاح الشركة.
هيكل إدارى سليم مع موظفين وعاملين لا يعملون سيؤدى إلى لا شىء ضخم.
قولوا «نعم» للدستور، ولكن قولوا «لا» للجهل والفقر والمرض والظلم والاحتقان والإنجاب بلا حساب.
نقلاً عن "الوطن"