توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رسائل الاستفتاء

  مصر اليوم -

رسائل الاستفتاء

معتز بالله عبد الفتاح

فى حدود ما شاهدته خلال اليوم الأول من الاستفتاء أستطيع أن أقول إن المواطنين الذين شاركوا فى الاستفتاء أرسلوا ثلاث رسائل مهمة. الرسالة الأولى للإخوان بأنها «شهادة وفاة رسمية لكم حكما وتنظيما» وكأنهم يقولون لهم «إنكم اخترتم أن تكونوا خارج المستقبل، وبعد أن كنتم أكبر الرابحين من التخلص من نظام مبارك أصبحتم أكبر الخاسرين». هناك درس من دروس التاريخ يقول إن التقدم إلى الإمام لا يكون إلا بالتخلص ممن يريدون أن يجرّوا مجتمعاتهم إلى الخلف. وهنا كلمة «التخلص من» تأخذ أشكالا متعددة منها الاستبعاد ومنها الاستئصال ومنها الدخول فى صفقات تاريخية. ولنأخذ عدة أمثلة توضح التعميم السابق. ما كان للولايات المتحدة أن تستمر وتتقدم إلا بعد انتصار ولايات الشمال على الجنوب والتخلص بصفة نهائية من دعاة الانفصال. وكان من نتائج ذلك حرب أهلية استمرت خمس سنوات وكان من ضحاياها 650 ألف أمريكى بين قتيل وجريح بما يعنى أن من كل خمسة أمريكيين كان هناك شخص واحد على الأقل من بين الضحايا. وما كان لكمبوديا أن تتقدم إلا بعد التخلص من بول بوت والخمير الحمر بما صنعوه من ديكتاتورية تحت شعارات اشتراكية. وكان ضحايا هذه المعركة أكثر من نصف مليون إنسان. وما كان لليابان أن تصبح قوى اقتصادية عظمى إلا بعد انتصار «الميجى» على القوى التقليدية التى كان يرمز لها بـ«الساموراى». اختار الميجى الحداثة واستيراد التكنولوجيا والأساليب الإدارية والأسلحة وتخطيط الجيش وبناء الأسطول وفقا لما أخذت به الدول الغربية تاركا بهذا تقاليد الساموراى التى تعتمد على السيف والرمح والخيل والعمل اليدوى التقليدى. وكان صراع التحديث مع التقليد دمويا فى بعض فصوله أيضاً. ما كان لجنوب أفريقيا أن تتقدم إلى الأمام إلا بإقصاء المتشددين من البيض والسود الذين كانوا يرفضون فكرة العيش المشترك ويطالبون بدولة يتم فيها التخلص من غير المنتمين لنفس لون بشرتهم. كان صراعا طويلا ومريرا لمدة أربع سنوات عجاف مات فيها من السود والبيض أكثر ممن ماتوا فى السنوات الثلاثين السابقة. ورغما عن أن الفطرة الإنسانية السليمة لا ترضى أبدا إراقة الدماء، لكن هناك من يختار أن يكون على الجانب الخاطئ من المعركة ويتحدى إرادة بنى وطنه. الرسالة الثانية هى للخارج سواء فى الولايات المتحدة أو تركيا أو قطر، وهى رسالة واضحة: لا للوصاية على مصر والمصريين. المصريون يوم أن أعطوا الفرصة للدكتور مرسى لم يكن حبا فيه، وإنما اعتقادا منهم أنه سينفذ ما وعد به، ولما رأوا أن رئيسهم عمل «انقلاب رئاسى» على وعوده كان قرارهم «بالحجر السياسى» عليه، ولما رفع أنصاره شعارات التهديد للمصريين بأنهم سيشعلونها نارا كان قرارهم «بالبتر السياسى» لهم ولجماعتهم. ولن يحكم أحد مصر لمجرد أن قطر أو تركيا أو أمريكا راضية عنه، المهم أن يرضى عنه الشعب المصرى. الرسالة الثالثة هى أن مصر بصدد «عقد اجتماعى وسياسى» جديد أتمنى أن يكون مختلفا عن السابق عليه: عقد لا يقوم على «الولاء الشخصى المطلق» وإنما يقوم على «الولاء الوظيفى المشروط». وكى تتضح الفكرة أكثر: لا ينبغى أن تكون علاقتنا بمن يحكمنا أو يمثلنا فى البرلمان قائمة على علاقات الطاعة العمياء فى المكره والمنشط، وإنما تكون قائمة على أداء صاحب المنصب لوظيفته بالكفاءة الواجبة. والتشبيه الأوضح هو تعاملنا مع مدرب المنتخب القومى الذى كنا نتمنى له النجاح كى نصل إلى كأس العالم. وعدم نجاحه فى تحقيق هذا الهدف لا يجعلنا نتمسك به إلا إذا وجدنا بالأسباب الموضوعية والعقلانية أن استمراره فى منصبه أولى من مغادرته له. هنا القضية ليست حبا ولا كراهية، ولا عصيانا ولا ولاء، وإنما هى الكفاءة وفقا لمعيار أن الأفضل يتقدم. وهذا الكلام مهم أيضاً لأنصار الفريق السيسى الذين يرون فيه بطلا شعبيا. لذا أسأل: ماذا لو أن الفريق السيسى رشح نفسه، وهذا أمر شبه محسوم الآن، وماذا لو أنه، لا قدر الله، اتخذ قرارات بدا لنا جليا ويقينا أنها مضرة بمصر؟ ماذا سيفعلون؟ هل حبهم للشخص يجعلهم يضحون بالبلد؟ إذن لماذا يلومون على أنصار مرسى؟ أرجو أن نتعلم من دروس الحاضر والماضى القريب. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسائل الاستفتاء رسائل الاستفتاء



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon